أضرار لأسواق المال والاستثمار في الخليج وسط ضربات إسرائيل وإيران
عربي
منذ 5 ساعات
مشاركة

تصدرت المخاوف من تأثير اقتصادي عميق حال إغلاق مضيق هرمز اهتمامات المراقبين خلال الساعات الماضية، بخاصة بعد تصاعد الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل على نحو غير مسبوق، ما يهدد باندلاع صراع إقليمي قد تصل تداعياته الاقتصادية دول الخليج مباشرة، ولا سيما أسواق المال والاستثمارات.

وركزت التحليلات الغربية في هذا الإطار على ثلاثة محاور رئيسية للخسائر المحتملة بدول مجلس التعاون الخليجي، الأول يتعلق بالشلل التجاري في مضيق هرمز، الذي يمر عبره 20% من النفط العالمي، ويمثل العصب الحيوي لاقتصادات الخليج، بحسب تقدير نشرته منصة "Investing" الاقتصادية.

وأورد التقدير ذاته أن أي إغلاق للممر المائي من شأنه أن يطيل زمن الشحن 15 يوماً عبر التفاف السفن حول أفريقيا، مع ارتفاع تكاليف النقل 40%، وهو السيناريو الذي يدفع أسعار النفط إلى مستويات قياسية، حيث قفزت العقود الآجلة 13% فور تبادل الضربات العسكرية بين إيران وإسرائيل.

ورغم عدم استهداف منشآت نفطية حتى الآن، يحذر خبراء من معهد الشرق الأوسط للأبحاث في واشنطن، من أن تصعيداً إيرانياً محتملاً قد يستهدف البنية التحتية في السعودية أو الإمارات، على غرار هجمات "أبقيق" بالسعودية 2019 التي تسببت آنذاك في خسارة سوق النفط العالمية لفترة قصيرة نحو 5.7 ملايين برميل يومياً.

وتعول دول الخليج على خطوط أنابيب بديلة مثل "أبقيق- ينبع" السعودي، لكن طاقتها لا تتجاوز 7 ملايين برميل، ما يعني عجزاً قد يصل إلى 13 مليون برميل يومياً في حال إغلاق المضيق، بحسب تقدير "Investing".

وتحذر تقارير معهد "روبرت لانسينغ" الأميركي من تراجع الثقة في استقرار المنطقة، حيث تشهد الأسواق المالية الخليجية هبوطاً حاداً منذ بدء التصعيد، مشيراً إلى أنّ التوترات قد تؤدي إلى تعطيل مشاريع رؤية 2030 السعودية التي تعتمد على شراكات أجنبية، خاصة في ظل تحذيرات شركة "إكسينيتا" النرويجية لتحليل سوق البضائع من فرض رسوم خطر إضافية على الشحنات المتجهة للخليج.

ورغم محاولات دول الخليج الحفاظ على حيادها، فإنّ التصعيد الأخير يعيد إلى الأذهان سيناريو "الحرب الباردة الإقليمية"، حيث قد تضطر هذه الدول إلى إعادة هيكلة تحالفاتها الاقتصادية، في ظلّ مخاطر استمرار الاضطرابات لشهور مقبلة، بحسب تقدير معهد الشرق الأوسط.

وفي هذا الإطار، يشير الخبير في الاقتصاد السياسي، نهاد إسماعيل، إلى أنّ اقتصادات دول الخليج العربية تتأثر بشكل مباشر بالتوترات الجيوسياسية المتزايدة في المنطقة، وهو ما سجلته بورصات تلك الدول خلال الأيام الماضية، مشيراً إلى أنّ تأثيراً كهذا يعكس الحساسية العالية التي تتسم بها سوق النفط العالمية أمام أي تطورات جيوسياسية مباشرة.

ورغم أن ارتفاع أسعار النفط قد يبدو مفيداً نظرياً للدول المصدرة، ومنها دول الخليج، فإنّ إسماعيل يرى أن الزيادة الحادة حال تجاوز سعر البرميل 100 دولار بسبب استهداف ناقلات النفط، أو إغلاق مضيق هرمز، ستكون لها آثار سلبية واضحة، منها تقليص الطلب العالمي، وزيادة تكاليف الشحن والتأمين، ما يساهم في رفع معدلات التضخم عالمياً، وهو ما لا يخدم الاقتصادات الخليجية على المدى المتوسط.

ويضيف أن أي تصعيد عسكري في المنطقة لن يكون في صالح اقتصادات الخليج، إذ سيؤدي إلى هروب رؤوس الأموال الأجنبية، وتعميق حالة عدم اليقين، ما يهدد استقرار أسواق الأسهم، ويدفع المستثمرين نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب. ويُشير الخبير الاقتصادي، في الإطار ذاته، إلى "علاوة المخاطر" التي تقدر بحوالي 10 دولارات لكل برميل نفط، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الشحن، باعتبارها من العوامل الرئيسية التي تضغط على نمو الاقتصاد العالمي، وهو ما لا يخدم الدول المنتجة ولا المستهلكة للنفط.

ويؤكد أنه في حال جرى احتواء أزمة الحرب الإسرائيلية الإيرانية خلال فترة قصيرة، وتحقيق تفاهم أو اتفاق سياسي، فإنّ الأضرار الاقتصادية على دول الخليج ستكون محدودة، لكن حتى ذلك الحين ستبقى الأسواق في حالة ترقّب شديد للسيناريوهات المحتملة، والتي قد تتسبب في تقلبات عنيفة في أسعار النفط، وتزيد من ضبابية المشهد الاستثماري.

اضطرابات حادة

وفي السياق، يشير الباحث في الاقتصاد السياسي، مصطفى يوسف، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ سيناريو تأثير الضربات العسكرية لمضيق هرمز من شأنه أن يؤدي إلى اضطرابات حادة في أسواق المال والنفط، ويزيد من درجة عدم اليقين التي تسيطر على المستثمرين في المنطقة.

ويقول يوسف إنّ التعامل مع الإدارة الأميركية الحالية يجب أن يكون بناءً على حسابات دقيقة، بعيداً عن الثقة الزائدة أو حسن النية، إذ إن الأولوية القصوى لديها هي حماية إسرائيل، حتى لو جاء ذلك على حساب استقرار المنطقة، ومن هنا فإن أي استثمارات أو تعاون اقتصادي مع الولايات المتحدة يجب أن يجري ضمن إطار استراتيجي مدروس، لا يضع مستقبل الخليج رهناً لغير مصالحها.

ويضيف أنّ المشهد الراهن غامض ومفتوح على جميع الاحتمالات، وأن التخطيط يجب أن يستند إلى أسوأ السيناريوهات، لا إلى الأماني أو الافتراضات غير الواقعية، فالشرق الأوسط اليوم يقف على حافة هاوية حقيقية، وكل خطوة غير مدروسة قد تكون مقدمة لانزلاق نحو فوضى لا تحمد عقباها، ليس فقط على المستوى السياسي، بل أيضاً على الصعيد الاقتصادي والاستثماري لدول الخليج.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية