تفعيل جهاز الأمن العام في السويداء بين التحديات والآمال
عربي
منذ 5 ساعات
مشاركة

شهدت مدينة السويداء جنوب سورية، اليوم الاثنين، انتشاراً واسعاً لعناصر جهاز الأمن العام عند التقاطعات الرئيسية وأمام مؤسسات الدولة الحيوية، بما في ذلك البنوك العامة وقيادة الشرطة ومبنى المحافظة، فيما يجمع تفعيل الجهاز بين تحديات ميدانية كبيرة، تبدأ من غياب البنى التحتية والمستلزمات الأساسية، وتصل إلى اتهامات بالتهميش والتقصير.

ويأتي هذا الانتشار عقب جولات ميدانية مكثفة أجراها عدد كبير من رجال الشرطة والضباط في أسواق المدينة أمس الأحد، في خطوة تُعدّ إيذاناً رسمياً بتشغيل الجهاز بكامل مكوناته، والتي تشمل شرطة المرور، والضابطة العدلية، والمخافر في المدن الرئيسية بالمحافظة، كالسويداء وشهبا وصلخد، في وقت يرى فيه قطاع واسع من المجتمع المدني الخطوة لا بد منها لاستعادة النظام والعدالة والاندماج في مؤسسات الدولة، ولا سيما في ظل الحديث عن تشكيل "الحرس الوطني".

وأفاد مصدر من قيادة الشرطة في السويداء لـ"العربي الجديد" بأن جهاز الأمن العام شُكِّل خلال الأشهر الخمسة الماضية بتعداد يزيد عن 2300 عنصر معظمهم من المنتسبين الجدد، مشيراً إلى أن الجهاز بدأ عمله "ضمن الإمكانيات المتاحة". وأوضح أن بعض وحدات الجهاز، كشرطة المرور وحماية القصر العدلي، والمراكز الرئيسية في السويداء وشهبا وصلخد والقريا والمزرعة، بدأت بالعمل تدريجياً منذ أشهر. وأكد المصدر ذاته سعي القيادة لضبط العمل الشرطي في خدمة المواطن، خاصة مع اقتراب موسم امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية.

كما أشار إلى "معوقات لوجستية وخدمية" لا تزال تعرقل العمل، نتيجة "أعمال التخريب والنهب التي طاولت المراكز الشرطية وقيادة الشرطة والسجن المدني، ومديريات الهجرة والجوازات والمرور، في الأيام الأولى لسقوط النظام". كذلك تحدث أحد العناصر من داخل الجهاز لـ"العربي الجديد" (فضل عدم كشف اسمه) عن التحديات الكبيرة التي تواجههم، متحدثاً عن "تقصير واضح من الوزارة" في توفير المستلزمات الأساسية للعمل. وقال إن "جميع المراكز الأمنية خالية من الحد الأدنى من مقومات الخدمة"، مشيراً إلى النقص في "الفرش، والسجلات، والمطبوعات، والمعدات، وأجهزة الكومبيوتر، وسجلات المعلومات، ومركبات الخدمة".

وأضاف المصدر أن فرع شرطة المرور "لا يملك سوى بعض الكراسي والطاولات، من دون معدات أو سجلات"، موضحاً أن العناصر يضطرون إلى "جلب فرشاتهم من منازلهم ويجلبون حتى مياه الشرب"، وأن وضع باقي المراكز مشابه. كما وصف حال السجن المدني بـ"البناء الخالي من كل الخدمات"، ما يضطرهم إلى إرسال الموقوفين بجرائم جنائية إلى السجون المركزية في دمشق أو درعا. ولفت إلى أن عناصر الجهاز في السويداء لم يتقاضوا رواتبهم "لهذا الشهر والشهر الماضي، كما لم يحصلوا على المنحة المقدمة من رئاسة الجمهورية"، معبراً عن استغرابه من عدم شمولهم بالخدمات التي توفرها الدولة في محافظات أخرى تعرّضت كذلك لأعمال تخريب ونهب.

عنصر آخر من الجهاز نفسه، تحدث لـ"العربي الجديد" عن ما اعتبره "سياسة تهميش مقصودة" من السلطة المركزية تجاه السويداء. واعتبر أن التلكؤ في تفعيل الضابطة الشرطية هو "نوع من العقاب الجماعي نتيجة مواقف أبناء المحافظة من السلطة"، متسائلاً عن سبب عدم تجهيز المراكز الأمنية "رغم أنها محمية من العناصر والفصائل المحلية". وأضاف أن "التقصير لا يقتصر على الشرطة، بل يشمل مؤسسات خدمية أخرى كالمياه والكهرباء والصحة"، متهماً السلطة بتعمد إضعاف الخدمات في المحافظة.

خطوة لاستعادة النظام في السويداء

في المقابل، رأى الناشط المدني هاني عزام في بدء عمل جهاز الشرطة "مقدمة هامة لتفعيل النظام ودور الدولة في المحافظة". وأكد لـ"العربي الجديد" أن وجود رجال الشرطة "لاقى ترحيباً من معظم الأهالي ودعماً من أغلب الفصائل المسلحة، باستثناء من لا يناسبهم تفعيل القضاء والمحاكم والانضباط العام". وأشار عزام إلى وجود "توافق بين المرجعيات الدينية والاجتماعية والسياسية على تفعيل جهاز الأمن العام"، موضحاً أن هذا التوافق "يشمل أطرافاً متباينة في الموقف من الدولة".

واعتبر أن هذه الخطوة تتكامل مع الحديث عن "تشكيل وحدات عسكرية من أبناء المحافظة تحت مسمى الحرس الوطني تتبع للجيش السوري". ودعا عزام إلى "دعم ومساندة جهاز الأمن العام بغض النظر عن التباين في المواقف من السلطة". وشدد على أن "البلد يسير نحو بناء الدولة بقرار أممي وإقليمي"، معتبراً أن أبناء السويداء "عليهم امتلاك زمام المبادرة، والمشاركة في إعادة بناء المؤسسات من كوادرهم، بدءاً بتفعيل القانون والقضاء والأمن العام".

من جانبه، شدد الناشط جهاد شهاب الدين في حديثه مع "العربي الجديد" على أن المحافظة "لا يمكن أن تستمر دون ضابطة عدلية، وقضاء، ومحاكمات، وعدالة". واعتبر أن الاندماج مع مؤسسات الدولة "ضرورة لتسيير شؤون الموظفين والخدمات". ورغم إقراره بوجود "إشارات سلبية في أداء السلطة"، إلا أنه رأى أن ثمة "محاولات للاستجابة لمتطلبات المجتمع المحلي". ودعا شهاب الدين إلى تجاوز ما وصفها بـ"المهاترات الفيسبوكية"، والتركيز على دعم "جهاز الأمن العام حالياً، وجهاز الحرس الوطني المزمع تشكيله لاحقاً"، باعتبارهما أساساً لأي تقدم مستقبلي.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية