
أظن أن عنوان الرواية "ما يحدث في دبي يبقى في دبي" لصوفي غرافيا (دار نوفل، بيروت، 2025)، هو الذي دعا أونيل بوصعب إلى ترجمتها عن الإنكليزية، وأوحى إلى الدار بنشرها في اللغة العربية. نفهم من الكلمة على الغلاف الخلفي أن الرواية نالت المرتبة الأولى في تصنيف الروايات المثيرة، والحقيقة أن قراءة الرواية تجعلنا ندرك أن هذا التصنيف مناسب تماماً لها.
نحن، منذ البداية، أمام شخصية زارا التي تعمل في عيادة تجميل في غلاسكو. ولن يمر وقت طويل حتى نكتشف أن الإثارة هي سمة زارا الأساسية وعنوانها الأبرز. فما إن تلتقي برجل وسيم حتى تتوقد شهوتها، ويتفاعل جسدها. نحن إذاً أمام أدب مكشوف تماماً، حيث الجماع، بكل درجاته وتفاصيله، يشكّل عمق الرواية، ومسارها، وغاياتها.
الجنس هنا لا يشترط الحب، ولا يتطلب أكثر من نظرة أو تعارف أولي. وفي تطوراته، يحمل دائماً مفاجآت وطرائف، ليكون هو البطل الحقيقي للرواية.
تلتقي زارا برجل مسن يعجبها، فتذهب معه إلى سريره، لكنّها تنكمش حين تلاحظ شيبه وكهولته. وبعده، تلتقي بلوك الفاتن، الذي يتضح سريعاً أنّه ابنه. لقد عاشرت زارا الأب والابن في وقت متقارب تقريباً. ورغم ذلك، لا تؤنب نفسها ولا تتراجع عن مغامراتها، بل يظل عنصر الدهشة حاضراً ومهيمناً.
الجنس في الرواية ليس فاضحاً، بل ينتهي بنهايات صادمة
تمر زارا بعشيقها السابق، توم، لكنها لا تتعرّف إليه، إلى أن يوضح لها مديرها راج من يكون. ثم تأتي الرحلة إلى دبي، التي تراها زارا ورفيقتها أجمل الأماكن التي زارتاها. نحن معهما في دبي، التي تنقلهما من مكان إلى آخر، ومن سحر إلى سحر.
لكن زارا تواصل مغامراتها، وليس وحدها، فرفيقتها آشلي، التي نظنها وفية لرجلها في غلاسكو، لا تستطيع مقاومة لاعب كرة التقته هناك. وتراها زارا مع راج على الشاطئ في مشهد فاضح. آشلي، التي تؤنب نفسها لاحقاً، تنال عقابها حين يهجرها زوجها، بعد أن أسرّت له بجانب من قصتها. هكذا تتوالى المفاجآت، فالجنس ليس فقط مكشوفاً ومعلناً في الرواية، بل مليء بالنهايات الغريبة.
فمعاشرة الأب والابن معاً ليست المفاجأة الوحيدة. زارا لا تستطيع مقاومة أي رجل جذاب؛ تتجاوب مع كامرون، الذي تداعبه قبل سفره إلى تركيا لإجراء عملية تجميلية. لكنه يعود أصلع ومبقّع الوجه.
لماذا تركيا؟ أليس في غلاسكو عيادات تجميل؟ ليس هذا هو السؤال الوحيد. يعود كامرون مشوهاً، لكن زارا لا تتوانى عن معاشرته. غير أن هذا التشوه لا يدوم في الرواية، إذ يعود كامرون لاحقاً إلى وسامته.
أما المفاجأة الجديدة، فهي زيارة لورا لزارا. لا نعرف من تكون لورا قبل هذه اللحظة، لكنها تتحدث عن عشيقها وتُري زارا صورته، لتكتشف أنها صورة كامرون نفسه. هكذا تظل المفاجآت تتوالى، فالجنس في الرواية ليس فقط فاضحاً، بل ينتهي دوماً بنهايات صادمة.
زارا تتلقى كل هذه الصدمات، فتتأثر وتحزن، لكن ألمها عابر، سرعان ما تمحوه مغامرة أخرى. أما المفاجأة الأكبر، فهي ملاحقة لوك لها، وحين تصده، يعتدي عليها بالضرب، فيتدخل توم، عشيقها السابق، الذي تصادف وجوده خلفهما. توم، الذي كانت تكرهه، يصبح منقذها، ويخلّصها من عنف لوك وحقارته.
نتوقع عندها أن تعود إلى علاقتها بتوم، لكن الرواية لا تسير في هذا الاتجاه. تعود العلاقة بينهما إلى صداقة قديمة، دون استعادة الحب السابق. كلاهما يدرك أن القصة انتهت، وأن ما كان مجرد مغامرة جميلة لا عودة لها.
وهكذا، تتهيأ زارا لحلقة جديدة مع آندي، الرجل الذي لطالما اشتهته، ليصبح هو الهدف القادم، وعنوان الفصل التالي.
إنها رواية مثيرة، بل غارقة في الإثارة. مثيرة بقدر ما هي فضائحية. لكن، بعد كل هذه الإثارة، يظل السؤال مطروحاً: هل الرواية بحجم مضمونها؟ نحن أمام واحدة من روايات القطار؛ رواية سهلة، خفيفة، مسلية، ومثيرة فحسب.
* شاعر وروائي من لبنان
