تحذيرات من توسّع الرقابة الرقمية في الولايات المتحدة
عربي
منذ 6 ساعات
مشاركة

تنحو الولايات المتحدة بشكل متزايد إلى تبني أدوات الرقابة الرقمية واستعمالها داخل البلاد، بما في ذلك برمجيات الذكاء الاصطناعي، بطريقة مشابهة لتلك التي تستخدمها دولة الاحتلال لقمع الفلسطينيين، مما يثير مخاوف حول حرية التعبير وحماية الخصوصية، بحسب تقرير صادر عن موقع ذا إنترسبت الأميركي، الأربعاء.

وسلط التقرير الضوء على دور شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى في هذا التحول، وذلك بعد سنوات من عملها في تطوير برمجيات وأدوات رقابة تستعملها إسرائيل لتتبع الفلسطينيين ومعاقبتهم إن كان في قطاع غزة والضفة الغربية، أو حتى في الداخل المحتل.

حتى وقتٍ قصير لم يكن من الممكن تخيّل أن تتم معاقبة شخص في الولايات المتحدة، بناءً على رأيه أو مواقفه السياسية، لكن ذلك يتغيّر، بحسب "ذا إنترسبت". بالطريقة نفسها التي عاقبت فيها دولة الاحتلال فلسطينيي الداخل بسبب منشوراتهم على منصات التواصل الاجتماعي عقب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يواجه مئات الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، اليوم، خطر الترحيل بسبب آرائهم السياسية المنتقدة لإسرائيل وحرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة. 

وبرزت أسماء عدة طلاب أوقفوا في الأسابيع الماضية بناءً على ذلك، أبرزهم محمود خليل الذي يحمل البطاقة الخضراء والمتزوج من المواطنة الأميركية، طالبة الدكتوراه التركية رميساء أوزتورك التي أوقفها رجال أمن بثياب مدنية، ومحسن مهداوي الذي اعتقل قبيل إجرائه مقابلة للحصول على الجنسية الأميركية. 

انطلقت حملة الاعتقالات هذه، بعد وقت قصير من إعلان وزير الخارجية الأميركي، مارك روبيو، في مارس/ آذار الماضي، عن إطلاق مبادرة تحمل اسم "كاتش أند ريفوك" (Catch and Revoke)، مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تهدف إلى تسريع إلغاء تأشيرات الطلاب الأجانب الذين "يهدّدون القيم الأميركية".

تعتمد هذه المبادرة على خوارزميات تجمع البيانات حول الطلاب الأجانب من حسابات منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية وغيرها من المصادر لتحديد "مصادر الخطر"، وصارت تستعمل بشكل جزئي في نظام الهجرة الأميركي.

شدّد التقرير على أن مبادرة روبيو الجديدة على الولايات المتحدة، هي امتداد لتعاون طويل الأمد بين شركات التكنولوجيا الأميركية والحكومات اليمينية المتطرفة، وعلى رأسها حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلي. 

تطوير الرقابة الرقمية في إسرائيل

مع تصاعد حدة الصراع مع الفلسطينيين مطلع العقد الماضي، استعانت الحكومة الإسرائيلية بشركات التكنولوجيا الأميركية، لتطوير برامج وأدوات تتيح لها تتبع الفلسطينيين ومراقبتهم بشكل أفضل. قدمت إسرائيل لرؤساء الشركات كميات هائلة من البيانات، وحصلت في المقابل على أنظمة مراقبة رقمية وآلية متنوعة.

قدّمت شركتا أي بي إم ومايكروسوفت برمجيات تُستخدم لمراقبة المعابر الحدودية في الضفة الغربية، وأنتجت "بالانتير" برنامجاً يعتمد على الخوارزميات لقوات الأمن الإسرائيلية. فيما وقعت "غوغل" و"أمازون" عقوداً لبناء بنية تحتية للحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.

مع مرور الوقت، وبالتعاون مع العديد من الشركات نفسها، بنت الحكومة الأميركية أدواتها الرقابية الخاصة بها وراحت تستعملها على نطاق يزداد توسعاً.

منذ عام 2015، وقعت شركات مثل "بالانتير" و"بايبل" عقوداً للعمل مع إدارة الهجرة الأميركية، وذلك من أجل استخراج البيانات الشخصية من آلاف المصادر وتقديمها للسلطات الحكومية، بعد تحويلها إلى قواعد بيانات قابلة للبحث، وإنشاء خرائط للعلاقات بين الأفراد والمؤسسات. بحلول عام 2017، صارت شركات مثل أمازون ومايكروسوفت وغوغل مرتبطةً أيضاً بعقود حكومية، تتضمن تقديم خدمات الحوسبة السحابية لاستضافة كمياتٍ هائلة من المعلومات الشخصية للمواطنين والمقيمين.

شركات التكنولوجيا في خدمة الاحتلال

في الوقت نفسه، واصلت هذه الشركات العمل مع حكومة الاحتلال، خاصة في الفترة التي تلت اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023. وذكّر "ذا إنترسبت"، بتقارير استقصائية صدرت العام الماضي، وبيّنت كيف اعتمدت القوات الإسرائيلية على "مايكروسوفت أزور" وخدمات "أمازون ويب" لاستضافة بيانات المراقبة. كما استخدمت برنامج جيميناي من "غوغل" وبرنامج تشات جي بي تي من "أوبن إيه أي" لفرز وتحليل جزء كبير منها، وغالباً ما لعبت أدواراً مباشرة في العمليات العسكرية، سواءٌ كانت مداهمات أو غارات جوية في غزة.

منحت هذه التجربة عمالقة التكنولوجيا الفرصة لتحسين أنظمتهم وأدواتهم العسكرية والرقابية، وجاءت عودة دونالد ترامب إشارة على قدرتهم على نقل التجربة إلى الداخل الأميركي دون معارضة كبيرة، بحسب "ذا إنترسبت".

وكان من انعكاسات ذلك، تغيير "أوبن إيه أي" شروط استخدامها العام الماضي للسماح للجيوش وقوات الأمن باستعمال أنظمتها "لغرض حماية الأمن القومي". وهو ما فعلته "غوغل" في فبراير/ شباط الماضي، حين حذفت عبارةً تنص على أنها لن تستخدم ذكاءها الاصطناعي في الأسلحة والمراقبة من سياسة الأخلاق العامة الخاصة بها. بدورها، أعلنت "ميتا" أن المتعاقدين الأميركيين يمكنهم استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها لـ"أغراض الأمن القومي".

"نظام لطرد الإرهابيين"

لفت التقرير إلى أن شركة بالانتير تعمل على بناء "نظام تشغيل للهجرة" لصالح إدارة الهجرة والجمارك الأميركية قادر على إعداد تقارير عن المهاجرين وحاملي التأشيرات، بما في ذلك مظهرهم ومكان إقامتهم ووجهات سفرهم، وحتى مراقبة مواقعهم بشكل دائم. ستستخدم الهيئة قاعدة البيانات هذه، إلى جانب مجموعة كبيرة من أدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى، لمراقبة حسابات المهاجرين على منصات التواصل الاجتماعي، وتعقب من يتم اعتبارهم "معادين للسامية" أو "إرهابيين" واحتجازهم، وفقًا لإعلان صدر مؤخرًا عن وزارة الخارجية.

ونبّه التقرير إلى أن الاندفاع الحكومي لاستعمال تقنيات الرقابة الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يغفل عن أن العديد من الأدوات التي تنتجها الشركات الخاصة تحوي عيوباً كبيرة، وهو ما ظهر في حوادث عدة ظهرت مؤخراً قام خلالها ضباط إدارة الهجرة بالقبض على عدد من المقيمين الشرعيين أو سياح بتأشيرات صالحة بلا سجل جنائي وترحيلهم.

وحذّر "ذا إنترسبت" في نهاية التقرير من أن يصير التعبير عن رأي أو موقف سياسي على مواقع التواصل الاجتماعي سبباً لخشية المواطنين والمقيمين في الولايات المتحدة على سلامتهم أو وضعهم القانوني. وسط مخاوف من "تآكل" الحماية التي يوفرها التعديل الدستوري الأول لحرية التعبير في البلاد.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية