سياسات ترامب ضد التنوّع تطيح معرض Before the Americas
Arab
5 days ago
share

في خطوة تعكس التوترات المتزايدة بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمجتمع الفني، أُلغي معرض Before the Americas المخصص للفنانين ذوي الأصول الأفريقية في الأميركيتين. كان من المفترض أن يُفتتح المعرض في 21 مارس/ آذار الماضي في متحف الفن الأميركي التابع لمنظمة الدول الأميركية (OAS) في واشنطن، لكنه أُلغي فجأةً، وفقاً لمنظميه، بعد سحب التمويل المخصص له. وأوضحت القيمة الفنية، شيريل إدواردز، أن السبب يعود إلى تصنيف المعرض ضمن الأنشطة التي تندرج تحت مبادرات التنوع والدمج (DEI) التي تسعى إدارة ترامب إلى إلغائها.

أُعدّ لهذا المعرض على مدى أربع سنوات، وكان يهدف إلى استكشاف مواضيع الهجرة والاستعمار والتواصل الثقافي والشتات الأفريقي. كان من المقرر أن يضم أعمالاً لأكثر من أربعين من الفنانين البارزين من الولايات المتحدة وكندا ومنطقة الكاريبي وأميركا اللاتينية. من بين أبرز المشاركين في هذا المعرض مارتن بوريير الذي مثّل الولايات المتحدة في بينالي البندقية عام 2019، وإيمي شيرالد التي اشتهرت برسمها البورتريه الرسمي لميشيل أوباما.

في منشور لها عبر "إنستغرام"، كشفت شيريل إدواردز أنها تلقت رسالة رسمية من إدارة المتحف تفيد بإلغاء المعرض، بعدما أوقفت الإدارة الأميركية الحالية التمويل الذي خصصته له إدارة الرئيس السابق جو بايدن. ووفقاً لإدواردز، فإن إدراج إدارة ترامب للمعرض ضمن برامج التنوع والدمج جعله هدفاً للإلغاء ضمن الحملة الموسعة للإدارة ضد المبادرات الداعمة للأقليات. وعلى الرغم من محاولة إدواردز إيجاد بدائل مالية من جهات مانحة خاصة، فإن المتحف رفض هذا المقترح، ما جعل إقامة المعرض مستحيلة. وأكدت إدواردز أن الأمر ليس مجرد مسألة تمويل، بل محاولة متعمدة لإسكات الأصوات الفنية التي تمثل الأقليات والفنانين من أصول أفريقية.

أثار إلغاء المعرض صدمة بين الفنانين السود في الولايات المتحدة، فوصفه بعضهم بأنه محاولة لمحو تاريخ وثقافة السود من المشهد الفني الأميركي. عبر حسابها على "إنستغرام"، قالت الفنانة ميشيل طالبة (Michelle Talibah)، التي كان من المفترض أن تشارك في المعرض، إن القرار إهانة صادمة للمجتمع الفني والثقافي في الولايات المتحدة. تُعرف طالبة بأعمالها التي تستكشف الهوية العرقية والتاريخ الأفريقي والتجارب الثقافية المتنوعة للأميركيين من أصل أفريقي. أما الفنانة كلوديا هنتر، فقد أعربت عن استيائها العميق، ووصفت إلغاء المعرض بأنه امتداد للممارسات العنصرية التي عانى منها الأفارقة على مر التاريخ.

منذ عودته إلى البيت الأبيض، شن ترامب حملة شرسة على مبادرات التنوع والدمج في مختلف القطاعات، بما في ذلك الفنون والثقافة. وفي بداية ولايته الثانية، أصدر أوامر تنفيذية بإنهاء برامج DEI في المؤسسات الفيدرالية، ما أثّر مباشرةً على التمويل المخصص للمعارض والمشاريع الداعمة للفنانين من الأقليات العرقية. وألغت إدارة ترامب منحة Challenge America التي كانت تقدمها المؤسسة الوطنية للفنون لدعم المشاريع الفنية في المجتمعات المهمشة. لم تتوقف الإجراءات عند هذا الحد، إذ سرّحت الإدارة عدداً كبيراً من موظفي إدارة الخدمات العامة الذين كانوا مسؤولين عن الحفاظ على 26 ألف عمل فني موزعة في الساحات العامة في كافة أنحاء الولايات المتحدة، وهو ما يُعرّض هذه الأعمال لخطر الضياع أو الإهمال.

مع استمرار هذه السياسات، يواجه الفنانون السود والأقليات العرقية تحديات غير مسبوقة في عرض أعمالهم داخل الولايات المتحدة. ويبدو أن الحملة الحالية ضد برامج التنوع لا تستهدف فقط تقليص التمويل، بل تسعى أيضاً إلى إعادة تشكيل المشهد الثقافي الأميركي وفق رؤية أحادية تتجاهل تاريخ الأقليات ومساهماتهم. لكن رغم هذه الضغوط، لا يزال الفنانون يقاومون، فقد أعلنت شيريل إدواردز أنها تعمل على إيجاد موقع بديل لتنظيم المعرض خلال العام الحالي. وإذا نجحت في ذلك، فسيكون ذلك بمثابة انتصار رمزي ضد محاولات القمع الثقافي التي تواجهها الأصوات السوداء والأقليات العرقية في الولايات المتحدة اليوم. يبقى السؤال الأهم: إلى أي مدى يمكن للإدارة الحالية أن تتحكم في النشاط الثقافي والفني في الولايات المتحدة؟ وهل ستنجح هذه السياسات في إسكات الفنانين، أم أنها ستؤدي إلى مزيد من المقاومة والإبداع؟

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows