سجلّ طويل من تراجع دونالد ترامب عن مراسيم وقرارات
Arab
1 week ago
share

لا يخفي الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعجابه ببعض المصطلحات، مثل الرسوم الجمركية التي فرضها على عشرات الدول، قبل أيام، وتراجع عنها بعدما أدّت إلى ارتباك شديد في الأسواق الأميركية، وأثارت الرعب في صفوف إدارته، بحسب تفسيرات، وأدت الغرض منها بحسب تفسيرات أو تبريرات أخرى. وفي مقابل المصطلحات المحبّبة لديه، تبرز كلمة "المقاومة" بوصفها أحد أكثر المصطلحات التي قد يكون ترامب كارهاً لها، لكنّها تنجح مرّات عدة في التعبير عن نفسها، لكبح جماحه، سواء حين "يصرخ أولاً" نتيجة سياساته الفوضوية، أو يواجه فرملةً لقراراته من إدارته وزمرة مستشاريه وحزبه الجمهوري، أو حين يلقى صدّاً من القضاء أو غضباً أميركياً يترجم في الشارع أو في استطلاعات الرأي أو صناديق الاقتراع. كلّ ذلك يجعل من انطلاقة ولاية ترامب الثانية، ارتجالية، حيث يواصل اختبار حدود قوته، بنمط جديد من السياسة الأميركية قائم على مبدأ "الصدمة والقوة". إلا أن الكثير من الانتكاسات أصابت هذه الاختبارات باكراً، ما اضطر ترامب إلى التراجع خطوات إلى الخلف، رغم عدم اعتراف الإدارة بذلك، والحديث عن نظرية مضادة مفادها أن القرارات والعودة عنها تنم كلّها عن خطط مدروسة، على غرار تأكيد وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، أول من أمس، أن التراجع كان هو الخطة الأساسية لترامب لإجبار الدول على الجلوس حول طاولة المفاوضات.

دونالد ترامب يتراجع عن رسومه الجمركية

ورغم هذه التبريرات يبقى أن الرئيس الأميركي، أذعن مرة أخرى، لحقيقة أن الأمور "لا تمشي هكذا"، وتراجع أول من أمس الأربعاء، عن الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضها على عشرات الدول حول العالم، في ما وصفه بـ"يوم التحرير"، في 2 إبريل/نيسان الحالي، مكتفياً بتخفيض الرسوم إلى 10%، وتعليق قرار رفعها 90 يوماً، استجابة لما قال إنه رغبات للدول التي طلبت التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن الاتفاقات التجارية. وبينما رفع ترامب بأثر فوري الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 125% دخلت حيز التنفيذ الأربعاء، فإن هذا القرار قد يكون بدوره عرضة للتراجع، بعدما ردّت بكين بإجراءات انتقامية، وحثّت واشنطن على التفاوض من أجل حلول وسطية.

 

استأنفت إدارة ترامب تقديم المساعدات الغذائية لـ6 دول

بكل الأحوال، فإن البلبلة الكبيرة التي أحدثها ترامب بقرار رفع الرسوم الجمركية، الذي وصل إلى 50% لبعض الدول، إذا ما استثنيت الرسوم على الصين، تعادلها تلك التي أحدثها بتراجعه، رغم تنفس الأسواق العالمية الصعداء. وهذه ليست المرة الأولى، التي يعود فيها الرئيس الأميركي خطوات إلى الوراء، في ما خصّ مسألة رفع الرسوم الجمركية، لاسيما أنه هدّد منذ يناير/كانون الثاني الماضي، بفرضها على كندا والمكسيك، وتراجع عنها أكثر من مرة.

ورغم تأكيد وزير الخزانة الأميركي أن التراجع كان هو الخطة الأساسية لترامب لإجبار الدول على الجلوس حول طاولة المفاوضات، إلا أن صحيفة نيويورك تايمز، كشفت أمس، أن بيسنت ونائب ترامب، جي دي فانس، دفعا من أجل مقاربة لمسألة الصراع التجاري تركّز أكثر على عزل الصين باعتبارها الطرف الأكثر إضراراً بالمصالح التجارية والاقتصادية الأميركية، مع الإبقاء على رسالة مفادها بأن ترامب كان جدّياً فعلياً في معالجة الاختلالات التجارية.

وليست الرسوم الجمركية التراجعَ الوحيد الذي أقدم عليه دونالد ترامب منذ عودته للبيت الأبيض، رغم أنه هذه المرة، كان أكثر جرأة على تشكيل فريق من الموالين له، والمصدقيّن لما يقول إنه يلحق به حدسه في اتخاذ القرارات.

من التوقيت الشتوي إلى "الصين الواحدة"

رغم ذلك، فإن جبهات صدّ تشكّلت منذ 20 يناير الماضي، جعلت الرئيس الأميركي غير قادر، كما في ولايته الأولى، على الذهاب بعيداً في أجندته الواسعة والمتطرفة. وينسحب ذلك، على صغائر الأمور، وأكبرها. فتزامناً مع العودة عن فرض الرسوم الجمركية بنسب غير مسبوقة، والتي أسفرت عن حالة ذعر في الأسواق الأميركية، تراجعت إدارة ترامب، عن خفض مساعدات غذائية طارئة كانت طاولت 14 دولة، مستأنفة تقديم المساعدات لست منها، بحسب ما أكد برنامج الغذاء العالمي. ولا يأتي ذلك من عبث، بعدما خرجت التحذيرات من وقف المساعدات على دول مثل سورية ولبنان، وتأثير ذلك على الأجندة الأميركية في هذه الدول.

ويطاول التراجع، مسائل لا تحصى، ابتداء من "استعمار المريخ"، إلى وقف العمل بالتوقيت الصيفي في الولايات المتحدة، وصولاً إلى إنهاء حقّ المواطنة بالولادة، كما ينص الدستور الأميركي. وكلّ ذلك، لقي صدّاً إما قضائياً، أو سياسياً، ويشبه تراجعه خلال فترة وباء كورونا، بولايته الأولى، عن أمر الولايات بإنهاء الإغلاق، مدعياً "سلطته الكاملة" عليها. ففي مسألة التوقيت الصيفي، التي وعد بها ترامب قبيل عودته للبيت الأبيض، ساد اختلافات داخل الكونغرس، ورفضت ولايات عدة العمل بالمشروع.

ويذكّر ذلك، بانطلاقة ولاية دونالد ترامب الأولى، حين تساءل عن السبب الذي يدعو واشنطن للحفاظ على الاعتراف بسياسة "الصين الواحدة"، قبل أن تثور بكين غضباً، إثر اتصال ترامب هاتفياً بالرئيسة التايوانية آنذاك تساي إنغ وين، في خرق للسياسة الدبلوماسية التي تعتمدها واشنطن منذ عقود، ليعود لاحقاً، ويؤكد في اتصال مع نظيره الصيني شي جين بينغ، التزامه بسياسة الصين الواحدة.

هدّد ترامب كوريا الشمالية في بداية ولايته الأولى قبل أن يلتقي زعيمها كيم جونغ أون، ويتعامل معها باستسهال

وخلال ولايته الأولى، لم يلتزم دونالد ترامب بالعديد من إعلاناته وقراراته، بل نفذّ عكس بعضها، لاسيما حين هدّد كوريا الشمالية وزعيمها كيم جونغ أون، قبل أن يلتقي به ويتعامل مع بيونغ يانغ طوال أربع سنوات بين 2017 و2021، باستسهال لافت. كما أن ترامب، في تعامله مع منطقة الشرق الأوسط، تراجع عن سحب الجنود الأميركيين من سورية، وهي رغبة كان أبداها خلال العامين الأخيرين من ولايته الأولى، لكنه عاد ليذعن لرغبات وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، كما تراجع عن وقف المساعدات العسكرية لمصر.

ومع انطلاقة ولايته الثانية، أبدى دونالد ترامب تراجعاً عن فكرة الاستيلاء على قطاع غزة، بعد طرحها فور عودته للبيت الأبيض وإن كان يتمسك بخطط التهجير. وفي 26 يناير الماضي، لمّح إلى إمكانية إعادة الولايات المتحدة إلى منظمة الصحة العالمية، بعدما كان وقّع أمراً تنفيذياً بالانسحاب منها في أول يوم عمل له بعد العودة. وفي 21 فبراير/شباط الماضي، قرّرت إدارته العدول عن وقف مجانية برنامج اختبارات كوفيد 19 الذي كان أمر به، وفي 27 فبراير، عادت إدارة ترامب عن قراره وقف المساعدات الفيدرالية وبرامج قروض ومنح، تحت وطأة الرفض الشعبي. كما تراجعت عن قرار تحويل معتقل غوانتنامو في كوبا إلى مركز لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين، نتيجة ما أثاره القرار من تشكيك بمعايير سياسات الهجرة. ومنع النظام القضائي إلى الآن، العمل بقرار ترامب إنهاء حق المواطنة بالولادة لمواليد الأشخاص الموجودين في البلاد بشكل غير قانوني. وعندما وقّع ترامب الأمر التنفيذي لإنهاء سياسات التنوع والمساواة في الحكومة الفيدرالية، صدّ القضاء بشكل مؤقت ذلك.

وفي ما خصّ الصين، تراجع ترامب عن تنفيذ قانون بيع أو حظر تطبيق "تيك توك"، بعدما وعد بذلك خلال حملته الانتخابية، منتظراً صفقة مع الصين حول التطبيق. وكان ترامب، في ولايته الأولى، أدرج في 2019 شركة "هواوي" الصينية في اللائحة السوداء للمصدرين، لكن اعتبارات عدة دفعته سريعاً للعودة عن الحظر، بعدما علا صراخ الشركات الأميركية. أما روسيا، فيواصل ترامب التعامل معها بتأرجح، رغم المحادثات الجارية حالياً بين البلدين.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows