فرحة كريسماس مصر المنقوصة... ماذا يقول الناس والتجار؟
Arab
2 hours ago
share
يشهد سوق الكريسماس في مصر هذا العام حالة ركود واضحة، انعكست في ضعف الإقبال وتراجع حجم المبيعات مقارنة بالمواسم السابقة، في ظلّ استمرار الضغوط الاقتصادية، وارتفاع الأسعار، وتآكل القدرة الشرائية للمواطنين. وعلى الرغم من انتشار المنتجات الموسمية في عدد من المناطق التجارية الكبرى، ولا سيما في القاهرة والإسكندرية، فإن حركة البيع بقيت محدودة، وفق رصد ميداني وآراء بائعين ومستهلكين. في شوارع مثل سموحة وميامي ومحطة الرمل في الإسكندرية شمالي مصر، تظهر زينة الكريسماس وأشجار العيد الصناعية والهدايا الموسمية في واجهات المحال، مزيّنةً بديكورات وأشكال متعددة تجذب مختلف فئات المجتمع، غير أن هذا الحضور البصري لا يقابله نشاط شرائي فعلي. ووفق رصد الأسعار في عدد من المحال والأسواق بمنطقة المنشية، ارتفعت أسعار منتجات الكريسماس هذا العام بنسب تُراوح بين 25% و50% مقارنة بموسم العام الماضي، تبعاً لنوع المنتج ومصدره. وتراوح سعر شجرة الكريسماس الصناعية متوسطة الحجم بين 900 و1800 جنيه، مقابل متوسط يتراوح بين 600 و1000 جنيه العام الماضي. كذلك ارتفعت أسعار الزينة البسيطة، مثل الكرات والإضاءة والنجوم، من متوسط 50–80 جنيهاً إلى 100–180 جنيهاً للقطعة الواحدة، فيما تجاوزت أسعار الهدايا الجاهزة الصغيرة في بعض المحال 300 جنيه، ما دفع كثيرين إلى الاستغناء عنها. ويرجع البائعون هذه الزيادات إلى ارتفاع تكلفة الاستيراد، خصوصاً أن نسبة كبيرة من المنتجات تُستورد أو تعتمد على خامات مستوردة. ويقول أحمد فوزي، تاجر جملة، لـ"العربي الجديد": "سعر الدولار وتكاليف الشحن والجمارك كلها تضغط علينا. التاجر الصغير هو الحلقة الأضعف، لأنه لا يستطيع التخزين أو البيع بالكميات الكبيرة". ويضيف فوزي أن الأسعار تختلف بشكل كبير عن الأعوام السابقة، نتيجة تقلّبات أسعار المواد الخام، مشيراً إلى أن الزبائن أصبحوا أكثر حذراً في الشراء، إذ "يسأل كثيرون عن السعر قبل النظر إلى جودة المنتج". بدوره، يقول محمد عبد الله (40 عاماً)؛ صاحب محل لبيع مستلزمات الاحتفالات وسط الإسكندرية، إن الموسم الحالي أضعف بنحو 40% مقارنة بالعام الماضي، موضحاً أن "الناس يسألون كثيراً عن الأسعار، لكنّ الشراء الفعلي قليل، بسبب الظروف الاقتصادية وحالة الغلاء التي زادت حدتها مؤخراً". ويؤكد أن هدايا وسلع الكريسماس، مثل أشكال بابا نويل وأشجار العيد، تأثرت بارتفاع الأسعار الذي طاول السلع بمعظمها في مصر، بعد تراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، لافتاً إلى أن الإقبال بات يقتصر على عدد محدود من المواطنين وبعض المحال التجارية والفنادق التي تحرص على اقتنائها سنوياً لمواكبة احتفالات رأس السنة. على صعيد المستهلكين، يؤكد كثيرون أن أولويات الإنفاق تغيّرت. تقول الموظفة هبة مصطفى (34 عاماً): "كنا نشتري شجرة وزينة كاملة كل سنة، لكن هذا العام اكتفينا بإعادة استخدام القديم. الأسعار مبالغ فيها مقارنة بالدخل، وهناك أشياء أساسية أهم من الهدايا وفرحة العام الجديد". ويتفق معها محمود السيد (29 عاماً)، العامل في القطاع الخاص، قائلاً إن "الجميع يبحث عن روح الاحتفال ومذاق عيد الميلاد، لكن الغلاء لا يستثني أحداً، سواء البائع أو المستهلك. لم يعد الإنفاق على المناسبات أولوية. فالإيجار والفواتير والطعام أهم. الكريسماس أصبح رفاهية". من جانبه، يشير محمد عبد الدايم، صاحب محل لبيع لوازم الاحتفال، إلى أن غالبية البائعين لجأوا هذا العام إلى تقليل الكميات المعروضة أو التركيز على منتجات أقل تكلفة، في محاولة لتفادي الخسائر. كما اتجه البعض إلى تقديم تخفيضات مبكرة، وهي خطوة لم تكن شائعة في مواسم سابقة. ويعتمد سوق الكريسماس في مصر على نافذة زمنية قصيرة لا تتجاوز أربعة أسابيع إلى ستة، ما يجعل أي تراجع في الإقبال خسارة مباشرة للبائعين. وفي هذا الصدد، تقول ندى كامل، التي تعمل في بيع الهدايا الموسمية، إن "ضعف الموسم في بدايته لا يترك فرصة للتعويض"، خصوصاً أن "معظمنا يعمل برأس مال محدود، ويتأثر مباشرة بتداعيات الأزمة الاقتصادية وضعف القوة الشرائية، ما يؤدي إلى ركود في المبيعات". ويرى الخبير الاقتصادي ورئيس جمعية حماية المستهلك في الإسكندرية جمال زقزوق أن تراجع سوق الكريسماس يعكس حالة أوسع من الركود النسبي في الأسواق غير الأساسية، موضحاً أن "الأسواق الموسميّة تُعدّ مؤشراً حساساً على مستوى الدخل الحقيقي للأسر، وعندما يتراجع الإنفاق عليها، فهذا يعني أن المستهلك يعيد ترتيب أولوياته تحت ضغط التضخم". ويضيف زقزوق لـ"العربي الجديد" أن استمرار ارتفاع الأسعار دون نمو موازٍ في الدخول يضغط على الطلب، خصوصاً في السلع ذات الطابع الكمالي أو الاحتفالي، لافتاً إلى أن السوق يفتقر إلى التنظيم والبيانات، إذ "لا توجد أرقام رسمية لحجم سوق الكريسماس في مصر، وهو سوق يعتمد أساساً على صغار التجار، بما يزيد المخاطر في مواسم الركود". من جانبه، يشير عضو شعبة الهدايا بالغرفة التجارية في الإسكندرية، أكرم الشناوي، إلى أن الخسائر لا ترتبط فقط بتراجع المبيعات، بل أيضاً بارتفاع التكاليف الثابتة، مثل الإيجارات والكهرباء، محذّراً من أن استمرار هذه الظروف قد يدفع عدداً من البائعين إلى الخروج نهائياً من هذا النشاط الموسمي أو التحول إلى أنشطة أقل مخاطرة. ويقول: "رغم أننا على بُعد أيام قليلة من انتهاء موسم الكريسماس لهذا العام، فإننا لا نرى سوى موسم باهت اقتصادياً، تحكمه أسعار مرتفعة وإقبال محدود، في ظل ضغوط معيشية متصاعدة. وبينما يحاول البائعون التكيف عبر تقليل المعروض أو خفض هوامش الربح، يبقى المستهلك حذراً، يعيد حساباته في كل عملية شراء". ويختم بالقول: "في ظل غياب سياسات واضحة لتنظيم الأسواق الموسمية أو دعم صغار التجار، يبقى سوق الكريسماس نموذجاً مصغراً لحالة أوسع من التباطؤ الاقتصادي، حيث تتراجع الكماليات أولاً، وتتحوّل الأعياد إلى اختبار صعب لقدرة السوق على الصمود".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows