Arab
يبدو الوضع في تونس ضبابياً لجهة المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وينعكس ذلك بالطبع على خريجي الجامعات والمعاهد العليا. وتونس مثل باقي دول المغرب العربي، كانت تعتمد على هجرة قسم لا يستهان به من القوة العاملة المؤهلة إلى أوروبا، ما يسهم في الحد من بطالتهم، كما أن قسماً لا بأس به كان يتوجه إلى العمل في ليبيا التي أُقفلت أبوابها بفعل الفوضى السائدة منذ سنوات.
رغم ذلك، تظل بعض المنافذ والفرص متوفرة أمام الخريجين، وتبين دراسات حديثة أن خريجي الطب وإدارة الأعمال والإعلام يحصلون على فرص عمل خلال أقل من أربعة أشهر من تخرجهم، وهي مدة قصيرة بمقاييس عالم الأعمال، بينما يحتاج خريج كليات الاقتصاد والآداب إلى أربع سنوات في المتوسط، فضلاً عن وجود تقسيم جهوي لفرص العمل.
وأظهرت دراسة محلية أن 64% من ذوي الشهادات الجامعية يعملون في مجال دراستهم، وهي نسبة مرتفعة قياساً إلى بقية الدول العربية، بينما يبحث 74% من خريجي الجامعات عن عمل يتماشى مع مجال دراستهم، فيما يواصل 29% دراساتهم العليا لأنهم لم يجدوا وظائف تتلاءم مع مؤهلاتهم، ويراهنون على أن يكون رفع مستوى الشهادات هو المنفذ الذي يمكنهم من العثور على عمل مناسب.
لكن الأرقام تكشف في ذات الوقت أن 89% من المتخرجين يرغبون في مغادرة البلاد للعمل في الخارج. من هذه النسبة المرتفعة أعرب 15% عن استعدادهم للهجرة بطريقة غير نظامية عبر القوارب التي تعبر المتوسط نحو إيطاليا وفرنسا وإسبانبا.
والواقع أن التعثر السياسي الذي تشهده البلاد، معطوفاً على ما سبقه من وباء كورونا، وما رافقه من حوادث أمنية، قاد إلى رفع معدلات البطالة، فبينما كان متوسط العاطلين من العمل لا يتجاوز 16.1% في الربع الأول من العام الحالي من إجمالي القوى العاملة، تبعاً لما ذكره المعهد التونسي للإحصاء الحكومي، يشكك العديد من الخبراء بمثل تلك الأرقام، ويتحدثون عما يزيد عن 20% نسبة وسطية، مع تباين بين القطاعات والمحافظات.
في كل الأحوال، يبدو المأزق في تونس مشابهاً لما في باقي الدول العربية لجهة التمييز في الفرص أمام حائزي الشهادات الجامعية، وهي مشكلة تبرز في سوق العمل، لكنها في جانب آخر تظهر أهمية الاختصصات المهنية المطلوبة، والتي لا تشهد ما تعرفه سواها من إغراق في الطلب على الوظائف. لذا تتركز المساعي على بث مفاهيم مختلفة على صعيد الثقافة المجتمعية السائدة تعلي من شأن التخصص المهني باعتباره ضمانة للعمل، وبالتالي المساهمة في الدخل الوطني بديلاً عن العمل الوظيفي المفقود. وتبين أنّ 70% من خريجي المعاهد المهنية العليا يعملون فور نيل شهاداتهم في مقابل 22% من خريجي الجامعات.
(باحث وأكاديمي)

Related News
تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد
aawsat
23 minutes ago
انفجارات قوية في العاصمة الأوكرانية كييف إثر هجوم صاروخي
aawsat
27 minutes ago
إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»
aawsat
47 minutes ago