
كشف تقرير لوكالة رويترز عن حجم الانتهاكات التي تمارسها مليشيا الحوثي في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، حيث تحول الفقر إلى وسيلة إرهاب مجتمعي، والاعتقالات التعسفية أصبحت جزءًا من الحياة اليومية للسكان.
وجاء في التقرير الذي تابعه وترجمه "الصحوة نت" إلى العربية، أن المليشيا تفرض على المدنيين حضور التجمعات والفعاليات القسرية، وتطالبهم بالتبرع لدعم أنشطتها، كما تجبر بعض العائلات على تسليم أبنائها للقتال ضمن ميليشياتها، مستغلة المساعدات الإنسانية الدولية لفرض سيطرتها.
وأكد أن المساعدات الغذائية التي تقدمها الأمم المتحدة غالبًا ما تُحوّل إلى أداة ضغط، إذ يُحرم منها من لا يلتزم بتعليمات الحوثيين، أو يرفض المشاركة في التجمعات أو تقديم أبنائه للميليشيا، ما يزيد من معاناة السكان ويعمق أزمة الجوع.
ووثق التقرير حالات اعتقال وسجن تعسفي لمئات اليمنيين، بعضهم قضى أشهرًا في زنازين سرية تحت التعذيب، لمجرد انتقاد الجماعة أو رفض الانصياع لتعليماتها، ما يعكس الطبيعة القمعية للحوثيين ونظامهم القائم على الخوف والترهيب.
السجون والاعتقالات التعسفية
أفاد تقرير رويترز بأن الحوثيين يحتجزون مئات المدنيين في سجون سرية، ويتعرضون فيها للتعذيب الجسدي والنفسي. البعض قضى سنوات تحت الإخفاء القسري لمجرد التعبير عن رأيه أو المشاركة في مناسبات عامة معارضة للجماعة.
ويُحرَم المعتقلون من أي محاكمات عادلة، كما يعيشون ظروف احتجاز سيئة للغاية، بما في ذلك الاكتظاظ ونقص الطعام والدواء، وهو ما يفاقم معاناة الأسر التي تُترك بلا أي معلومات عن مصير أبنائها.
وأوضحت رويترز أن الحوثيين يستخدمون السجون كوسيلة لترهيب المجتمع، حيث يخشى المدنيون من انتقاد المليشيا أو رفض أوامرها خشية الاعتقال، وهو ما يعكس نظام حكم قائم على السيطرة القسرية والخوف المستمر.
وأكد العديد من المعتقلين السابقين لرويترز أن مليشيا الحوثي تلجأ للعنف الممنهج في السجون، وأن أفرادها ينتهكون حقوق الإنسان بشكل متكرر، ما جعل الحصيلة البشرية من المعتقلين والضحايا كبيرة في مناطق سيطرتهم.
التجنيد القسري للأطفال
كشف التقرير أن الحوثيين يجبرون الأطفال على الانضمام إلى ميليشياتهم المسلحة منذ سن صغيرة، ويخضعون لتدريب عسكري صارم وغسيل دماغ طائفي، فيما يُستخدمون في القتال ونقل الأسلحة والإمدادات.
ويُجبر بعض الأطفال على أداء مهام قتالية مباشرة، بينما يُوعد آخرون بالوصول إلى "الجنة مباشرة" وفق تفسيرات مليشيا الحوثي، ما يعكس الاستغلال العقائدي والنفسي الممنهج للأطفال، بحسب "رويترز".
وتشير رويترز إلى أن مليشيا الحوثي استغلت المساعدات الإنسانية لتجنيد الأطفال، حيث كان يُعرض على العائلات الحصول على حصص غذائية مقابل تسليم أبنائها للميليشيا، ما أدى إلى انتهاك واسع للحقوق الأساسية للطفل.
ونوَّهت أن هذه الممارسات أدت إلى خلق جيل جديد من الأطفال المتضررين نفسيًا واجتماعيًا، مع استمرار الحرب وعدم قدرة المجتمع الدولي على وقف هذه الانتهاكات بشكل فعال.
استغلال المساعدات الإنسانية
أوضحت رويترز أن مليشيا الحوثي تسيطر على توزيع المساعدات الإنسانية بشكل كامل، وتقوم بتحويلها إلى أداة للضغط والسيطرة على السكان، حيث تمنع من لا يلتزم بتعليماتها من الحصول على الغذاء والمساعدات الأساسية.
ولفت التقرير إلى وجود قوائم مزيفة لمستحقّي المساعدات، بما في ذلك "مستفيدون وهميون"، بينما يحصل الموالون لمليشيا الحوثي على النصيب الأكبر من المساعدات، ما يزيد من حدة الفقر والجوع في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
كما وثقت رويترز قيام الحوثيين بمضايقة موظفي الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة، واحتجاز بعضهم، ما أعاق جهود توزيع الغذاء والمساعدات، وعطّل الوصول إلى المحتاجين، ما يعكس استخدام الجماعة للإغاثة الإنسانية كسلاح قمعي.
وأشارت إلى أن الفوضى في توزيع المساعدات، في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، أجبرت الأسر على بيع ممتلكاتها أو جمع فضلات الطعام لتأمين لقمة العيش، ما يضع المدنيين في وضع بائس ويكشف حجم السيطرة الممنهجة للجماعة.
فرض الضرائب والابتزاز المالي
كشفت رويترز، في تقريرها المطول، عن فرض مليشيا الحوثي ضرائب باهظة على المواطنين، بما في ذلك أصحاب المحلات والمزارعين، وتستغل المليشيا ضعف السكان لتحصيل الأموال لدعم أنشطتها السياسية والعسكرية.
وبيَّنت أن من يرفض دفع هذه الضرائب أو الامتثال لتعليمات مليشيا الحوثي يواجه التهديد أو الاعتقال، وهو ما يعكس أسلوب ابتزاز اقتصادي مقصود يثقل كاهل السكان ويدمر مصادر رزقهم.
وأوضحت أن الحوثيين يزورون منازل المواطنين في مناطق سيطرتهم بشكل دوري، مطالبين بالعطاءات المالية لدعم نشاطاتهم الأسبوعية، ويدفع الكثيرون مقابل البقاء على قيد الحياة أو لتفادي المخاطر اليومية في ظل القمع المستمر.
وأكد أن هذه السياسة الحوثية أدت إلى تراكم ديون على المدنيين، وانهيار اقتصادي محلي، وزيادة معاناة الأسر الفقيرة، إذ يضطر البعض لبيع ممتلكاتهم ومغادرة مدنهم إلى مناطق سيطرة الحكومة، أو العمل في ظروف قاسية لتأمين لقمة العيش.
Related News
