
الرشـــــــــــاد برس | تقاريـــــــــــــــر
رغم التحسن اللافت الذي شهده سعر صرف الريال منذ مطلع أغسطس الماضي، والذي بلغت نسبته قرابة 40%، لا تزال أسعار السلع والمواد الغذائية في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية مرتفعة دون انعكاس فعلي لتحسّن قيمة العملة على السوق المحلية، الأمر الذي أثار استياءً واسعاً بين المواطنين.
وزارة الصناعة والتجارة، التي تواجه ضغوطاً شعبية متزايدة، أطلقت عدة حملات رقابية ميدانية بالتعاون مع المواطنين عبر منصة “رصد” الإلكترونية، في محاولة لضبط الأسعار والتصدي للتلاعب. ورغم هذه الجهود، يتحدث السكان عن استمرار حالة الفوضى السعرية، مع غياب واضح للرقابة الفعالة، ما يُبقي السوق في حالة انفلات مستمرة.
يقول المواطن عبدالقوي عامر، من مدينة تعز، إن كل عملية شراء أصبحت تتطلب منه سؤال اكثر من متجر بحثًا عن سعر مناسب، مشيرًا إلى تفاوت كبير في الأسعار بين المحال التجارية، حتى لتلك التي تبيع ذات المنتج. وأضاف: “عندما نُواجه التجار بأسعار أقل في متاجر أخرى، يتحججون بأنهم اشتروا البضائع بسعر صرف مرتفع، لكنهم لا يخفّضون الأسعار عندما تنخفض قيمة الدولار!”
ويتفق معه الموظف وليد ناصر، قائلاً: “أسواق تعز تخضع لجشع التجار بسبب غياب الرقابة الفعلية. لا توجد تسعيرة موحدة، والأسعار تتغير من يوم لآخر دون تدخل حقيقي من الجهات الرسمية، بينما يقف مكتب التجارة والصناعة متفرجاً”.
وتثير هذه الفوضى في التسعير شكوكًا متزايدة بشأن قدرة الحكومة على ضبط السوق، في وقت تحذّر فيه تقارير دولية من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في اليمن، ما لم تُتخذ إصلاحات شاملة.
ففي تقرير صدر الأسبوع الماضي عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، أُشار إلى أن إجراءات البنك المركزي في عدن لتحسين سعر صرف الريال قد تنهار إذا لم تُعالج اختلالات الاقتصاد الكلي، خاصة في ملف العجز التجاري ونقص العملات الأجنبية. وأضاف التقرير أن استمرار تدهور القدرة الشرائية، وارتفاع الأسعار في مختلف مناطق اليمن، يمثل تهديداً متصاعدًا للأمن الغذائي، لا سيما مع توقعات زراعية ضعيفة وانهيار الأجور، خصوصًا في مناطق سيطرة الحوثيين.
وكان البنك المركزي قد اتخذ سلسلة إجراءات لتنظيم سوق الصرافة خلال الأسابيع الماضية، تضمنت إغلاق منشآت غير مرخصة، وفرض رقابة مشددة على التعاملات المالية غير القانونية، بهدف تعزيز الاستقرار المالي والحد من المضاربة بالعملة.
في المقابل، أفادت وزارة الصناعة والتجارة أنها تلقت أكثر من 10 آلاف بلاغ حول تجاوزات سعرية خلال شهر أغسطس 2025، وهو ما ساعدها على تنفيذ حملات ميدانية واسعة في عدد من المحافظات. غير أن بيانات الوزارة أظهرت تراجعاً ملحوظاً في عدد البلاغات الواردة خلال الأسابيع الأخيرة، ما أثر على استمرارية وفعالية الجهود الرقابية.
وأكد وكيل الوزارة في تصريحات صحفية أهمية استمرار المواطنين في التفاعل والإبلاغ عبر المنصة الإلكترونية، مشيرًا إلى أن ضعف التفاعل الشعبي أدى إلى تراجع فعالية الحملات، داعيًا المواطنين إلى عدم الاكتفاء بالنشر عبر وسائل التواصل، بل التوجه إلى القنوات الرسمية لتسجيل الشكاوى.
ختاما ، ما تزال الأسواق ، خاصة في تعز ومناطق أخرى خاضعة للحكومة الشرعية، تواجه تحديات كبيرة نتيجة غياب الرقابة الفعلية، واستمرار التلاعب بالأسعار، رغم تحسّن العملة المحلية. وبينما تتحدث الحكومة عن حملات رقابية وتفاعل مجتمعي، يشعر المواطن بأن الواقع لم يتغير، في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة وتضاؤل فرص الإصلاح الحقيقي.
تحسّن العملة لا يُخفّض الأسعار.. وغياب الرقابة يعمّق معاناة المواطنين