هل تغيّر الأمم المتحدة استراتيجيتها تجاه تعز بعد عقد من الحصار الحوثي؟
Party
1 week ago
share

استقبلت مدينة تعز المحاصرة، مطلع الأسبوع الجاري، وفدًا رفيع المستوى من مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، برئاسة زهراء لنقي كبيرة مستشاري المكتب المعنية بالشمولية والمرأة والسلام والأمن.

 

وتأتي هذه الزيارة في ظل تصاعد المطالب المحلية والدولية بضرورة إنهاء الحصار وفتح الطرقات المغلقة منذ نحو عقد من الزمن.

 

 توقيت حساس... ورسائل متعددة

 

الزيارة، التي وُصفت بأنها خطوة رمزية إيجابية، جاءت في وقت حساس يشهد تصاعدًا في الحراك الشعبي داخل تعز للمطالبة بتحسين الخدمات ورفع المظالم، إضافة إلى تزايد الضغوط على الأمم المتحدة لاتخاذ موقف أكثر وضوحًا بشأن الحصار المفروض على المدينة من قِبل جماعة الحوثي، منذ العام 2015.

 

ويرى مراقبون أن الزيارة تحمل طابعًا رمزيًا أكثر من كونها مبادرة تفاوضية مباشرة، لكنها تعكس في الوقت ذاته رغبة أممية في إعادة تسليط الضوء على تعز، التي غابت طويلًا عن أولويات الخطاب الدولي، رغم كونها واحدة من أكبر بؤر المعاناة الإنسانية في اليمن.

 

لقاء موسعة مع المجتمع المدني

 

الوفد الأممي عقد لقاء مع محافظ المحافظة نبيل شمسان، وعدد من قيادات السلطة المحلية، إضافة إلى ممثلين عن منظمات المجتمع المدني، ورابطة أمهات المختطفين، والغرفة التجارية، واتحاد نساء اليمن.

 

وشددت النقاشات على أهمية فتح الطرق كمدخل ضروري لإنجاح جهود السلام وتحسين الوضع الإنساني.

 

وقالت زهراء لنقي، في تصريح صحفي، إن تعز تمثل نموذجًا متميزًا في التعاون بين المجتمع المدني والسلطة المحلية، رغم التحديات الأمنية والإنسانية المتصاعدة.

 

 وأضافت: "فتح الطرق ليس مطلبًا محليًا فقط، بل ضرورة إنسانية تضمن وصول الخدمات وتسهّل الحركة الآمنة للمدنيين".

 

حصار خانق ومعاناة مستمرة

 

للعام العاشر على التوالي، تعيش تعز تحت حصار خانق تفرضه جماعة الحوثي على المداخل الشمالية والغربية والشرقية للمدينة، ما تسبب في شلل شبه تام للحركة التجارية وصعوبة الوصول إلى المواد الأساسية، إلى جانب تعقيد وصول المرضى والطلاب والمساعدات الإنسانية.

 

وتضطر المركبات إلى استخدام طرق بديلة وعرة كطريق "هيجة العبد" وطريق "كرباء"، حيث تسجل حوادث سير بشكل شبه يومي، وسط غياب الحد الأدنى من البنية التحتية.

 

وفي حين تم فتح منفذ شرقي مؤخرًا، إلا أن خبراء محليين أكدوا أنه لا يلبي الحاجة الفعلية، بسبب ضيقه وسوء حالته الفنية، وكونه لا يخفف الضغط عن الطرق البديلة الأخرى بشكل حقيقي.

 

 

 أصوات محلية تحذر من "تخدير إعلامي"

 

في السياق ذاته، حذر حقوقيون وإعلاميون من أن تكون الزيارة مجرد "استعراض دبلوماسي" دون نتائج ملموسة على الأرض.

 الصحفي جلال المسلمي وصف تعز بأنها "المدينة الجريحة التي لا تشبه خرائط العالم"، مؤكدًا أن السكان يخوضون معركة يومية من أجل أبسط الحقوق كالتنقل والعلاج والتعليم.

 

وكتب المسلمي: "فتح الطرقات ليس ترفًا سياسيًا، بل قضية حياة أو موت، والمطلوب اليوم تحركات فعلية لا تكرارًا لعبارات إنسانية فضفاضة".

 

وفي تصريح خاص لـ موقع الصحوة نت قال توفيق الحميدي رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، إن تعز ما تزال تشغل حيزًا مهمًا ضمن أجندة المبعوث الأممي، خاصة في ظل الحصار المستمر، والحراك الحقوقي والسياسي النشط داخل المدينة.

 

 وأضاف:الزيارة تحمل أبعادًا رمزية في المقام الأول، وتبدو كمحاولة لتصحيح صورة مكتب المبعوث، أكثر من كونها تحمل مضمونًا تفاوضيًا مباشرًا".

 

وأكد الحميدي أن الأمم المتحدة لا تملك رؤية واضحة بشأن تعز، وغالبًا ما تُقيّد مواقفها باعتبارات سياسية ودولية، وهو ما يفسر اقتصار خطاباتها على الإشادة والمناشدات دون اتخاذ مواقف واضحة أو فرض ضغوط حقيقية على الأطراف المتسببة في الحصار.

 

وقال إن ما يميز هذه الزيارة عن سابقاتها هو انفتاحها على مكونات نسوية ومدنية أوسع، وتزامنها مع حراك مجتمعي داخلي متصاعد، ما قد يشير إلى بداية تفكير جديد داخل مكتب المبعوث بشأن تعز، لكن حتى الآن "لم نرَ التزامات واضحة، وإنما تكرار نسبي لما قيل في زيارات سابقة"، على حد تعبيره.

 

إشادة أممية وسط صمت سياسي

 

رغم الإشادة الأممية المتكررة بتعز كمركز مدني صامد ونموذج للشراكة المجتمعية، إلا أن هذا الخطاب، بحسب مراقبين، لا يرقى إلى مستوى الضغط السياسي المطلوب لإنهاء الحصار.

 

ويرى الحميدي أن الأمم المتحدة تستخدم هذا النوع من الخطاب كأداة دبلوماسية للثناء الإيجابي وتفادي الاصطدام المباشر بالأطراف المسؤولة عن الأزمة، دون أن تقدم على خطوات عملية لإنصاف سكان المدينة.

 

 هل من تحول قادم؟

 

حتى الآن، لم يصدر عن مكتب المبعوث أي تعهدات محددة بشأن فتح الطرق أو إدراج ملف تعز ضمن أولويات جولة المفاوضات المقبلة.

 

 غير أن ناشطين وحقوقيين يطالبون بأن تكون تعز جزءًا لا يتجزأ من أي جولة قادمة، باعتبار أن استمرار إغلاقها يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي ويزيد من تعقيد الأزمة اليمنية ككل.

 

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows