الرشاد.. يُعيد وهج الكلمة في مأرب
Party
1 week ago
share

بقلم / مازن حكمي
في زمن تغلب فيه صخب السياسة وتسارع الأحداث على نبض الثقافة، سطع في مدينة مأرب بصيصٌ من ضوء أعاد الاعتبار للكلمة، وأثبت أن القصيدة لا تزال قادرة على أن تُلهم، وتوجّه، وتبني. فقد أطلق حزب الرشاد – فرع مأرب، تجربة ثقافية فريدة من نوعها تمثلت في تنظيم واختتام مسابقة “قصائد المطارح” الشعرية، بمشاركة 38 شاعرًا من مختلف المحافظات اليمنية، وسط حضور رسمي وجماهيري وثقافي واسع.
هذه التظاهرة الأدبية لم تكن مجرد فعالية احتفائية، بل كانت استدعاءً عميقًا لذاكرة المطارح، بما تحمله من رمزية وطنية راسخة في وجدان اليمنيين. وقد مثّلت القصائد المشاركة لوحة بانورامية للوعي الجمعي، إذ تنوّعت بين الفصيح والعامي، وتناولت موضوعات الانتماء والبطولة والهوية والكرامة، في لحظة وطنية استثنائية تتطلب استحضار كل أدوات المقاومة المعنوية والثقافية.
تميّزت المسابقة بمستوى رفيع من الإبداع والتفاعل، ونجح المشاركون في التعبير عن مشاعر وطنية صادقة، من خلال نصوص شعرية نابضة بالحياة والانتماء، تعكس عمق الإحساس بالوطن وهمومه وآماله. ومثّلت هذه الفعالية منصة حقيقية للأدباء اليمنيين، خصوصًا في ظل ما تمر به البلاد من تحديات كبيرة، لتكون القصيدة هنا، لا أداة ترف، بل سلاحًا ناعمًا يُعزز الهوية ويُلهب الحماسة.
ما ميّز تجربة حزب الرشاد – فرع مأرب، هو إدراكه الواعي لدور الثقافة في تشكيل الوعي وصناعة الفارق. لقد اكد الحزب على أن تكون هذه المسابقة جزءًا من نشاطه ، وليس مجرد عمل تنظيمي عابر، مؤمنًا بأن الثقافة لا تُكمّل السياسة، بل تقودها أحيانًا، وأن الشعر قادر على أن يكون لسان حال الأمة وذاكرتها النابضة.
وفي خطوة توثيقية ذات بُعد استراتيجي، أعلن الحزب عن عزمه طباعة ديوان شعري يضم جميع القصائد المشاركة، ليكون سجلًا أدبيًا خالدًا يوثق هذه اللحظة النادرة من التلاحم الثقافي والوطني. وقد شهد الحفل الختامي تكريم الفائزين وتوزيع شهادات التقدير للمشاركين وأعضاء لجنة التحكيم، في مشهد احتفائي يليق بقيمة الشعراء ورسالتهم.
بهذا الإنجاز، يقدّم حزب الرشاد نموذجًا ناضجًا لحزبٍ لا يفصل بين الثقافة والسياسة، بل يوظف الأدب لخدمة القيم الكبرى، ويُعيد الاعتبار للكلمة في زمن الخفوت والضجيج. إنها تجربة تُظهر كيف يمكن للكلمة أن تُقاوم، وأن تُلهم، وأن تكتب على جدران الزمن سطورًا من أمل.
في مأرب، ولدت القصيدة من رحم الوجدان، ونطقت بلسان الشعب، لتؤكد أن اليمن لا يزال حيًا، وأن روحه لا تنكسر ما دامت الكلمة حاضرة، والهوية مصانة، والوعي متيقظ.

الرشاد.. يُعيد وهج الكلمة في مأرب

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows