
يمن مونيتور/ وحدة التقارير-عدن/ خاص:
حوَّلت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتيًا، خط الضالع جنوب اليمن، الرابط بين عدن وصنعاء، إلى مصيدة ابتزاز علنية، تفرض جبايات باهظة على سائقي الشاحنات مقابل عبور بضائعهم.
الجبايات التي تفرضها قوات الانتقالي بخط الضالع تحت مسمى “صندوق تنمية المحافظة” ما هي إلا سندات تفتقر لأي صفة رسمية. ورغم تغليفها بمظاهر شكلية من الأوراق والأختام، تُعامل كأمر واقع لا مفر منه، لكن حقيقتها لا تتجاوز كونها عبئًا إضافيًا ينعكس مباشرة على أسعار السلع ويضاعف من معاناة المواطنين.
تأسست قوات المجلس الانتقالي في العام 2017، خارج مؤسسات الدولة الرسمية، وتعمل بمعزل عن وزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا. وتتلقى دعمًا سخيًا من دولة الإمارات، إلا أنها تتعامل مع الخطوط التجارية كغنيمة مفتوحة تدر الملايين يوميًا من تلك الخطوط.
في سياق متصل، تحدث عدد من سائقي شاحنات نقل البضائع لـ “يمن مونيتور”، مؤكدين أن النقاط العسكرية والأمنية في خط الضالع حولت الممر الرئيسي لحركة نقل البضائع، والذي يعتبر وسيلة ربط بين محافظات لحج والضالع ومحافظات أخرى، إلى مسرح يومي لابتزاز علني لتحصيل الجبايات، حدّ تعبيرهم.
المال مقابل العبور
في كل نقطة عسكرية على امتداد خط الضالع، يجد سائقو الشاحنات أنفسهم أمام خيارين: الدفع أو التوقيف.
في هذا السياق، يقول معاذ، سائق شاحنة نقل، لـ “يمن مونيتور”: “أعمل في نقل البضائع من محافظة عدن إلى مختلف المحافظات الأخرى والعكس، لكن ما نواجهه من جبايات في نقاط الانتقالي بخط الضالع يشكل كاهلًا ثقيلًا علينا كسائقين”.
ويضيف: “لا تمر نقطة في خط الضالع إلا وتدفع جباية لا تقل عن عشرين ألف ريال”، واصفًا ذلك بـ “حق بن هادي”.
وأوضح أن المبالغ المالية التي ينفقها في نقاط قوات الانتقالي تتراوح من 20 إلى 50 ألف ريال، بالإضافة إلى دفعه 200 ألف ريال في إحدى النقاط تحت مسمى “رسوم تحصيل صندوق التنمية في المحافظة”.
وحصل موقع “يمن مونيتور” على نسخ من سندات تحصيل تثبت فرض هذه الرسوم، التي بلغت على كل شاحنة واحدة 200 ألف في نقطة واحدة، في وقت لا يخضع هذا المبلغ لأي إطار قانوني.
أعباء إضافية
في وقت تعاني فيه البلاد من انهيار اقتصادي وتراجع حاد في قيمة العملة المحلية بمناطق سيطرة القوات الحكومية، تأتي رسوم الجبايات غير القانونية لتضاعف من هشاشة الوضع وتقزّم القدرة الشرائية للمواطنين.
في السياق، يقول أحد سائقي الشاحنات الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ “يمن مونيتور”: “رغم المعاناة التي نواجهها والانتظار الطويل في النقاط العسكرية، إلا أننا مضطرون لدفع المبالغ المطلوبة منا، وهذا الأمر شكّل لنا أعباء ومعاناة كثيرة”.
ويضيف: “كل مبلغ ندفعه في نقاط الانتقالي ينعكس مباشرة على المواطن. التجار لا يخسرون، بل يضيفون هذه المبالغ على سعر السلع، ويبقى المواطن وحده من يدفع الثمن”، حدّ قوله.
لا تقتصر آثار الجبايات على سائقي الشاحنات فحسب، بل تمتد إلى مختلف جوانب الحياة اليومية. فكل زيادة تُفرض على وسائل النقل تتحول إلى تكلفة إضافية على المواد الغذائية والوقود ومواد البناء، ما يضاعف من الضغوط المعيشية للعديد من الأسر.
في رسالة جماعية لموقع “يمن مونيتور”، تحدث عدد من مواطني محافظة الضالع في المناطق المحررة، أكدوا فيها أن الجبايات أسهمت في ارتفاع أسعار السلع، وأنهم أصبحوا يشترون الدقيق وغيره من المتطلبات الأساسية بالكيلو، ولم يعد بمقدورهم توفير الاحتياجات اليومية في ظل هذا الوضع الصعب.
الدفع تحت الضغط
يروي ماجد، سائق شاحنة مواد غذائية، لـ “يمن مونيتور” جانبًا من معاناة السائقين، قائلًا: “النقطة التي تطلب عشرين ألف ريال كل مرة، إذ لم يكن مزاج العسكري في النقطة جيدًا، ترتفع فجأة إلى خمسين ألف ريال ونضطر إلى دفعها، أو نظل محتجزين لساعات حتى ندفع ذلك المبلغ”، مضيفًا: “في بعض الأحيان ندفع نصف المبلغ بعد مشادات طويلة وحلف الأقسام”، على حدّ تعبيره.
وأوضح ماجد أن المبالغ المالية التي ينفقها في النقاط العسكرية التابعة لقوات الانتقالي بخط الضالع في الرحلة الواحدة، تتراوح من 350 ألف ريال وأكثر، لافتًا إلى أن هذه المبالغ التي يدفعها قد تكون حداً أقصى مقارنة بغيره من سائقي الشاحنات.
هذه الأرقام تكشف أن خط الضالع قد تحول إلى منجم مالي يدرّ أموالًا طائلة عبر قوات الانتقالي، التي تتصرف كسلطة بديلة خارج مؤسسات الدولة، بغطاء السلاح ومنظومة فساد متكاملة، وضعف أي دور لسلطة الحكومة الشرعية في التدخل وإيقاف هذه الممارسات. ويثير هذا الوضع تساؤلات ملحة: من يملك الحق في فرض هذه الرسوم غير القانونية؟ أين تقف السلطة الشرعية وأجهزة الدولة الرقابية مما يجري في مناطق سيطرة الانتقالي؟ ومن المستفيد الحقيقي من إنهاك السوق المحلي وتحويل الطرقات إلى مصدر ابتزاز دائم؟
والأهم، إلى متى سيظل المواطن اليمني هو الحلقة الأضعف في معادلة الفوضى الاقتصادية والسياسية؟
The post الضالع.. مصيدة ابتزاز البضائع ومنجم مالي للمجلس الانتقالي الجنوبي appeared first on يمن مونيتور.