لحظات وداع رهيبة.. حين خرست الألسن وتحدث “حسن عناب” (قصة الصحفية)
Civil
2 hours ago
share

كتب القصة – محمد الجماعي: لم أستطع تجاوز لحظة التسامي النبيلة هذه! أن تمر ذكرى استشهاد ولدك البكر في ذات المعركة التي شغلتك عن جدولة يوم ذكرى استشهاده الرابعة!

ذات جمعة جمعتني بزكريا عناب الابن الأكبر للصديق حسن. في ذلك اليوم أرسلت لحسن صورة طازجة لي أنا وزكريا. كان الولد البالغ من العمر ١٨ عاما بكامل هندام الجمعة وألقها.

مر وقت ليس بالكثير وأنا في مكاني، حين وصلني رد العزيز حسن الذي كان يتلقى العلاج في القاهرة، عقب خروجه وزملائه من جحيم سجون الحوثي، دامت خمس سنوات ونصف بالنسبة للدفعة الأولى.
– جمعة مباركة أستاذ محمد، أيش يفعل زكريا عندك؟ ليش مش في الجبهة؟.

وأضاف: “قل له يقوم يلحق أصحابه لا يوطي راسنا”.

على الفور قلت لحسن: ولدك انطلق قبل قليل، وكاميرتي ما بعدها الا العافية! ثم ضحكت.. لي تاريخ حزين مع بعض الأعزاء الراحلين التقطت كاميرتي لبعضهم صورا اثيرة، سواء بشكل شخصي أو ضمن عمل صحفي.

قلت ذلك وأنا أعلم أنها كلمة ثقيلة على أي أب، لكن حسن قوي العزيمة، من جهة، ويعرف قصة كاميرتي من جهة أخرى.

ضحكنا، ولاحقاً أخبرني حسن بما جال في خاطره حينها.

بالعودة إلى الشهيد زكريا، وقبل وصول رد أبيه؛ وصله اتصال، ومن فوره أغلق الهاتف وأخذ أدواته، منطلقا بسرعة خارج المكان!

لحقته: زكريا وين رايح، أيش في، ومن اتصل لك؟ رد بسرعة دون أن يلتفت: طلبوا مني تعزيز من الموقع يا عم محمد… ثم غادر.

في يوم استقباله بعد خروجه من السجن، قال لنا حسن عناب: “الذي ليس لديه ثأر مع الحوثي فليس بيمنيّ”!!.

لاحقا استعاد حسن عناب حسابه على فيس بوك وكتب تحت اسمه “مع الجميع ضد الحوثي”.
منذ ذلك اليوم ونحن ننهل الأفكار من حسن، كان خروجه من السجن فارقا، الأفكار، الإنتاج، نوعية الأعمال، التوثيق… الخ. ما قبل حسن مختلف بعد حضوره..

ضحك ليلتها، ممهداً لما سيبتكر قوله كعادته: “تعرفوا أيش هي دورة حياة الحوثي!؟” أجبناه: لا. قال “الحوثي أول ما يبدأ معهم يتبردق، يتبندق، يتخندق، يتصندق، وصورته تتلصق!!!

تمر اليوم ذكرى رحيل زكريا مقبلا غير مدبر، بعد أربعة أعوام من تلك الصورة التي جمعتني به.
وفي إحدى مهامنا الإعلامية زرنا جبهة رغوان، حسن وأنا، رفقة عدد من الزملاء المناضلين. وقفنا في الموقع الذي استشهد فيه زكريا، وهناك شرح لنا عناب المعركة الأخيرة لولده!

كان قد وثقها من جميع أطرافها، زملاء قادة، جرحى.. الخ. لكنه اليوم نسي أن يحيي هذه الذكرى!.
سأحييها هنا معكم نيابة عنه.

شخصياً لا أعلم أي قوة وعزيمة يحملها حسن بين جنبيه، وكيف استطاع أن يتجاوز لحظة سماح الأطباء في مستشفى الهيئة بمأرب لنا وله برؤية جثمان ولده.

كنا معه، وكان أحد الأطباء قد أوعز لي ولبعض أصدقائه بأن نصرف الأب عن مشاهدة الجسد المسجى على ثلاجة الموتى “بدون وجه كامل”!! يا الله.

لحظات عصية على الوصف، لحظات تخرس فيها الألسن وتتلعثم الكلمات. وحده حسن عناب من يجرؤ على التحدث.

قال: “أنتم خايفين عليّ أشوف ولدي في حالة مشوهة! بسيطة يا جماعة، كل الشباب الذي استشهدوا قبل زكريا هم أولادي، الفرق بينهم وبينه أن زكريا تجمعني به رابطة نسب!.. أي والله قال هكذا وابتسم.

وفي أقسى لحظات الدهشة والوجع، مسح ما تبقى من رأس زكريا ودعا: اللهم إني راض عنه فارض عنه. اللهم إني راض عنه فارض عنه.

ظهرت المقالة لحظات وداع رهيبة.. حين خرست الألسن وتحدث “حسن عناب” (قصة الصحفية) أولاً على يمن ديلي نيوز Yemen Daily News.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows