الرسوم الجمركية الأميركية تهز الأسواق: تراجع النفط وصعود الذهب
Arab
2 hours ago
share

تشهد الأسواق العالمية اضطرابات حادة في أعقاب دخول الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة حيز التنفيذ، ما دفع أسعار النفط إلى تسجيل خسائر أسبوعية كبيرة، فيما قفزت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية جديدة بفعل تصاعد التوترات التجارية وتزايد الرهانات على خفض الفائدة الأميركية. وبينما تراجع أداء معظم البورصات الآسيوية، ارتفع مؤشر نيكاي الياباني مستفيداً من تسوية خلاف تجاري مع واشنطن. في المقابل، خيّم القلق على وول ستريت وسط مخاوف من تباطؤ اقتصادي واسع النطاق.

النفط يتكبد خسائر أسبوعية

لم يطرأ تغير يُذكر على أسعار النفط في ساعات التداول الآسيوية المبكرة، اليوم الجمعة، لكنها تتجه نحو تكبد أكبر خسائرها الأسبوعية منذ أواخر يونيو/حزيران، مع قلق المستثمرين حيال تأثير الرسوم الجمركية التي دخلت حيز التنفيذ أمس على الاقتصاد العالمي. وبحلول الساعة 00:50 بتوقيت غرينتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 3 سنتات إلى 66.40 دولاراً للبرميل، في طريقها للانخفاض بأكثر من أربعة بالمئة على أساس أسبوعي. وهبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي ستة سنتات أو 0.1% إلى 63.82 دولاراً للبرميل، وتتجه لخسارة أسبوعية تتجاوز 5%.

دخلت الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة ضد مجموعة من الشركاء التجاريين حيز التنفيذ، أمس الخميس. وقال محللو "إيه إن زد" في مذكرة إن الرسوم الجمركية أثارت المخاوف من ضعف النشاط الاقتصادي، مما سيؤثر على الطلب على النفط الخام. كانت أسعار النفط تترنح بالفعل بسبب قرار مجموعة "أوبك+" هذا الأسبوع بإلغاء أكبر شريحة من تخفيضات الإنتاج بالكامل في سبتمبر/ أيلول المقبل، قبل أشهر من الموعد المستهدف.

وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط عند التسوية، أمس الخميس، للجلسة السادسة على التوالي. وإذا انتهى تداول اليوم على انخفاض، فستكون هذه أطول سلسلة انخفاضات متتالية منذ أغسطس/ آب 2021. ومما زاد من الضغط على سوق النفط، أكد الكرملين، أمس الخميس، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيجتمع مع نظيره الأميركي دونالد ترامب خلال الأيام المقبلة، مما يزيد من التوقعات بإنهاء الحرب في أوكرانيا عبر السبل الدبلوماسية.

وساعدت الرسوم الجمركية الأميركية الإضافية على الهند بسبب شرائها للخام الروسي في الحد من انخفاض أسعار النفط إلى حد ما. ومع ذلك، استبعد محللون من "ستون إكس"، أمس الخميس، أن تقلل هذه الخطوة من تدفق النفط الروسي إلى الأسواق الخارجية فعلياً. وهدد ترامب يوم الأربعاء أيضاً الصين، أكبر مشترٍ للنفط الخام الروسي، برسوم جمركية مماثلة لتلك المفروضة على السلع الهندية.

صعود العقود الآجلة للذهب

وصعدت العقود الآجلة للذهب إلى مستوى قياسي جديد، اليوم الجمعة، عقب صدور تقرير يفيد بأن الولايات المتحدة فرضت رسوماً جمركية على واردات سبائك الذهب التي تزن كيلوغراماً. وظل الذهب في المعاملات الفورية متجهاً لتسجيل مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي، مستفيداً من الاضطرابات الناجمة عن الرسوم الجمركية وآمال خفض الفائدة الأميركية.

وبحلول الساعة 04:46 بتوقيت غرينتش، استقر الذهب في المعاملات الفورية عند 3397.85 دولاراً للأوقية (الأونصة)، بعد بلوغه أعلى مستوياته منذ 23 يوليو/ تموز في وقت سابق من الجلسة. وكسب المعدن النفيس أكثر من 1% منذ بداية الأسبوع. وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر/ كانون الأول 1.1% إلى 3490.70 دولاراً، بعد أن سجلت أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 3534.10 دولاراً. وأفادت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، أمس الخميس، نقلاً عن خطاب من إدارة الجمارك وحماية الحدود، بأن الولايات المتحدة فرضت رسوماً جمركية على واردات سبائك الذهب التي يبلغ وزنها كيلوغراماً.

وبحسب الصحيفة، قال الخطاب المؤرخ في 31 يوليو، إن سبائك الذهب التي تزن كيلوغراماً و100 أوقية يجب أن تُصنّف تحت رمز جمركي يخضع لرسوم أعلى. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الخطوة قد تؤثر على سويسرا، أكبر مركز لتنقية الذهب في العالم. وقال برايان لان، المدير الإداري في "غولد سيلفر سنترال" بسنغافورة، إنّ الرسوم الجمركية على سبائك الذهب "ستسفر عن خلل"، وانعكس ذلك على الأسعار هذا الصباح، في إشارة إلى الأسعار التي تتأثر باضطرابات التداول وانخفاض السيولة. 

ويُعد الذهب عادةً ملاذاً آمناً للاحتفاظ بالقيمة في أوقات الضبابية السياسية والاقتصادية. وفي الأسبوع الماضي، عززت بيانات الوظائف الأميركية الضعيفة الرهانات على خفض أسعار الفائدة. وتتوقع السوق الآن بنسبة 91% خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الشهر المقبل، وفقاً لأداة "فيد ووتش" التابعة لـ CME. أما بالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، نزلت الفضة في المعاملات الفورية 0.3% إلى 38.20 دولاراً للأوقية، وارتفع البلاتين 0.7% إلى 1343.64 دولاراً، واستقر البلاديوم عند 1150.94 دولاراً.

تراجع مؤشرات البورصات الآسيوية

تراجعت معظم مؤشرات البورصات الآسيوية، اليوم الجمعة، في الوقت الذي ارتفع فيه مؤشر نيكاي القياسي في اليابان بأكثر من 2%، بعد أن أكد مسؤولون يابانيون أنه تمت تسوية التساؤلات بشأن الرسوم الجمركية على صادرات البلاد إلى الولايات المتحدة. ولم تتواكب الرسوم الجمركية الأميركية على السلع اليابانية، والتي دخلت حيز التنفيذ أمس الخميس، مع النسبة المتفق عليها بين واشنطن وطوكيو والبالغة 15%. وصرح المبعوث التجاري الياباني بأنّ الجانب الأميركي وافق على معالجة المشكلة.

وارتفع مؤشر نيكاي 225 في طوكيو اليوم بنسبة 2.2% ليسجل 41977.65 نقطة، وليقترب من معدلاته القياسية، في الوقت الذي ارتفع فيه سهم شركة تويوتا موتور بنسبة 3.9% وسهم هوندا موتور بنسبة 4%. ويُذكر أن شركات تصنيع السيارات هي من أكثر القطاعات تأثراً بالرسوم على الصادرات إلى الولايات المتحدة. وشهدت معظم الأسواق الآسيوية الأخرى انخفاضاً في ظل تراجع بورصة وول ستريت الأميركية.

وتراجع مؤشر "هانغ سنغ" في هونغ كونغ بنسبة 0.7% ليسجل 24916.15 نقطة، فيما ارتفع مؤشر "شنغهاي المركب" بنسبة أقل من 0.1% ليصل إلى 3642.10 نقطة. وانخفض مؤشر "كوسبي" في كوريا الجنوبية بنسبة 0.7% إلى 3206.86 نقطة، وتراجع مؤشر "إس أند بي/إيه إس إكس" في أستراليا بنسبة 0.2% ليسجل 8813.70 نقطة. وارتفع مؤشر "تايكس" في تايوان بنسبة 0.2%، فيما تراجع مؤشر "سينسيكس" في الهند بنسبة 0.5%.

وانخفضت الأسهم في وول ستريت خلال تعاملات، أمس الخميس، بعد دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ. وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقاً بنسبة 0.5% بعد أن ارتفع في وقت سابق أمس إلى حافة رقمه القياسي الذي سجله أواخر الشهر الماضي. وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي بواقع 366 نقطة، أي بنسبة 0.8%، بحلول الساعة 2:26 مساءً بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، كما انخفض مؤشر ناسداك المجمع بنسبة 0.3%.

وتتصاعد المخاوف من التداعيات المحتملة لرسوم ترامب الجمركية على الاقتصاد، لا سيما بعد تقرير سوق العمل الصادر الأسبوع الماضي الذي جاء أسوأ من المتوقع. ولكن الآمال في تخفيضات قادمة لأسعار الفائدة من قِبل مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، وسيل تقارير الأرباح الأقوى من المتوقع للشركات الأميركية الكبرى، تساعد في تهدئة المخاوف، على الأقل في الوقت الحالي.

وفي السياق، ذكر بنك جي بي مورغان في مذكرة أنه يتوقع أن يتجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) لخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في كل اجتماع من اجتماعاته الأربعة المقبلة، ليصل معدل الفائدة إلى 3.5%، إذ يُظهر سوق العمل والاقتصاد الأوسع نطاقاً مؤشرات على التباطؤ.

وأشار البنك أيضاً إلى تحول محتمل في قيادة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بعد أن أعلن ترامب عن خطط لترشيح الخبير الاقتصادي ستيفن ميران ليحل محل عضوة مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي أدريانا كوغلر. وقال محللو "جي بي مورغان" إن تعيين ميران يمكن أن يمهد الطريق لإجراء إصلاحات مؤسسية أعمق في البنك المركزي الأميركي

تعكس التحركات الأخيرة في الأسواق العالمية هشاشة المشهد الاقتصادي العالمي أمام قرارات الرسوم الجمركية الأميركية، خاصة مع اتساع نطاق المتأثرين بها من شركاء تجاريين كبار مثل الصين والهند وسويسرا. وبينما يُنتظر أن يسهم احتمال خفض الفائدة الأميركية في تهدئة الأسواق نسبياً، يبقى عدم اليقين مسيطراً على آفاق الاقتصاد العالمي، في ظل استمرار السياسات التجارية التصعيدية التي تقودها واشنطن. وفي ظل هذه الأجواء، يتجه المستثمرون إلى الذهب كملاذ آمن، بينما تترقب الأسواق مزيداً من التحركات السياسية والاقتصادية التي قد تعيد رسم خريطة التجارة العالمية.

(رويترز، أسوشييتد برس، العربي الجديد)

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows