إغلاق مؤسسة البث العام الأميركية بعد قطع تمويلها
Arab
6 hours ago
share

أعلنت مؤسسة البث العام الأميركية (CPB)، أمس الجمعة، أنها ستغلق عملياتها بعد خسارة التمويل الفيدرالي، موجّهة ضربة قاسية لنظام الإعلام العام في الولايات المتحدة ولأكثر من 1500 محطة محلية اعتمدت على دعمها لما يقرب من ستة عقود. ويأتي الإغلاق بعد قرار مجلس النواب الأميركي الذي يهيمن عليه الجمهوريون، الشهر الماضي، بإلغاء تمويل قدره 1.1 مليار دولار للمؤسسة على مدى عامين، ضمن خطة لتقليص الإنفاق بقيمة 9 مليارات دولار تشمل الإعلام العام وبرامج المساعدات الخارجية.

وقالت رئيسة ومديرة المؤسسة التنفيذية باتريشيا هاريسون: "على الرغم من الجهود غير العادية التي بذلها ملايين الأميركيين من خلال الاتصالات والرسائل والعرائض لحثّ الكونغرس على الحفاظ على التمويل الفيدرالي لـCPB، فإننا نواجه اليوم واقعاً صعباً يتمثل بإغلاق عملياتنا".

تأسست المؤسسة قبل 57 عاماً، وكانت توزّع أكثر من 500 مليون دولار سنوياً على شبكة "بي بي إس" (PBS)، والإذاعة الوطنية (NPR)، و1500 محطة محلية في مختلف أنحاء البلاد. ورغم هذا الدعم الفيدرالي، تعتمد المحطات أساساً على تبرعات الجمهور، ورعاية الشركات، ودعم الحكومات المحلية. ومن المتوقع أن تتأثر المجتمعات الريفية بشكل خاص، إذ تُصنَّف 245 من بين 544 جهة مستفيدة على أنها ريفية، ويُحتمل أن تُغلق العديد منها من دون الدعم الفيدرالي، ما قد يؤثر في البرامج التعليمية، وعروض الأطفال، والتغطية الإخبارية المحلية. وتوظف هذه المحطات الريفية نحو 6 آلاف شخص، وفقاً لـCPB.

لطالما شكّل البث العام مصدراً حيوياً للمناطق التي لا تخدمها وسائل الإعلام التجارية، من خلال توفير معلومات الطوارئ في أثناء الكوارث، وبرامج ثقافية لا تتوافر في أماكن أخرى. وتعاني المجتمعات الريفية أصلاً من تراجع الصحافة المحلية، حيث يفتقر ثلث المقاطعات الأميركية إلى صحافي محلي متفرغ، بحسب تقرير صدر في يوليو/تموز عن Muck Rack وRebuild Local News.

ومن المتوقع أن يُفصَل معظم موظفي CPB بحلول نهاية سبتمبر/أيلول، على أن تبقى مجموعة صغيرة ضمن فريق انتقالي حتى يناير/كانون الثاني 2026 لإتمام إغلاق العمليات.

لطالما جادل الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحلفاؤه الجمهوريون بأن تمويل الإعلام العام من أموال دافعي الضرائب يُمثّل إنفاقاً حكومياً غير ضروري، وادعوا أن برامج PBS وNPR متحيزة ضد المحافظين و"تنشر أجندات ليبرالية" وتفتقر إلى التوازن، وتكررت مقترحاته في موازنات البيت الأبيض بين 2017 و2020 لإلغاء تمويل CPB، إلا أنها كانت تُواجَه بالرفض في الكونغرس. ويرى مراقبون أن الهجمات المستمرة من التيار المحافظ على الإعلام العام تعكس تصاعد استقطاب إعلامي أعمق، حيث يُنظر إلى الصحافة العامة – رغم التزامها المعايير المهنية – باعتبارها خصماً أيديولوجياً، لا خدمة عامة مستقلة. كذلك رفعت إدارة ترامب دعوى قضائية على ثلاثة من أعضاء مجلس إدارة CPB لرفضهم ترك مناصبهم، رغم محاولات الرئيس لعزلهم.

يمثل هذا الإغلاق نهاية نحو ستة عقود من الالتزام الفيدرالي بالبث العام، إذ أُنشئت المؤسسة عام 1967 بموجب قرار من الكونغرس لضمان بقاء البرامج التعليمية والثقافية متاحة لجميع الأميركيين. ويحذّر خبراء إعلام من أن إغلاق CPB لا يعني فقط خسارة تمويل، بل تفكيك شبكة دعم بُنيت على مدى عقود لضمان وصول المحتوى التعليمي والثقافي إلى جميع الأميركيين، ولا سيما في المناطق النائية والأكثر تهميشاً. ويُخشى أن تُسهم هذه الخطوة في تسارع تفكك الصحافة المحلية، وترك فراغ إعلامي قد تملأه منصات تجارية أو مصادر معلومات غير موثوقة، ما يهدد بتآكل التعددية الإعلامية والتوازن الديمقراطي في بلد يشهد بالفعل انقسامات حادة واستقطاباً إعلامياً متزايداً.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows