
يعقد وزراء التجارة في الاتحاد الأوروبي، اليوم الاثنين، اجتماعاً حاسماً في بروكسل، لمناقشة الردّ على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على صادرات التكتل، في خطوة فاجأت العواصم الأوروبية ودفعتها إلى تكثيف مشاوراتها لتجنّب تصعيد تجاري واسع النطاق. ويأتي الاجتماع في ظل مؤشرات متزايدة على إمكانية التوصل إلى اتفاق بين الجانبين خلال الفترة القريبة المقبلة. وتحذر مؤسسات أوروبية من أن الرسوم الأميركية الجديدة، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس/آب، قد تؤدي إلى رفع أسعار مئات السلع، وزعزعة استقرار أسواق تمتد من البرتغال إلى النرويج. وتشمل القائمة المتضررة سلعاً حيوية مثل الجبن الفرنسي، والمنتجات الجلدية الإيطالية، والإلكترونيات الألمانية، والأدوية الإسبانية، بحسب وكالة أسوشيتد برس.
وفي تصريحات سابقة لاجتماع اليوم الاثنين، قال وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكه راسموسن للصحافيين: "يجب ألا نفرض تدابير مضادة في هذه المرحلة ولكن يجب أن نستعد لأن نكون جاهزين لاستخدام كل الوسائل المتاحة.. وبالتالي نريد اتفاقاً ولكن كما يقول المثل القديم: إذا كانت تريد السلام فيجب أن تستعد للحرب"، بحسب "أسوشييتد برس". من جهته، أكد مفوض التجارة الأوروبي، ماروش شفتشوفيتش، أن الاتحاد والولايات المتحدة يقتربان جداً من التوصل إلى نتيجة جيدة للطرفين، مشيراً إلى أن الأجواء العامة داخل التكتل تدعم مسار التفاوض. وحذّر من أن الرسوم الجمركية التي لوّح بها ترامب "قد تقضي فعلياً على التجارة" بين الجانبين، ما سيؤثر سلباً على سلاسل التوريد والاستثمارات والشركات المتوسطة، وفقاً لرويترز.
وكان الرئيس الأميركي قد أعلن يوم السبت عن نيته فرض رسوم موحدة بنسبة 30% على واردات من الاتحاد الأوروبي والمكسيك، متهماً الشركاء التجاريين بالفشل في تقديم تنازلات كافية خلال المفاوضات. وقال إن القرار سيدخل حيز التنفيذ مطلع أغسطس، في حال عدم التوصل إلى اتفاق. وردت بروكسل بتعليق رسوم انتقامية كانت مقررة على سلع أميركية بدءاً من اليوم، لإتاحة فرصة أخيرة للمفاوضات. وفي مقابلة صحافية نشرت صباح اليوم، قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني إن الاتحاد الأوروبي أعد بالفعل قائمة بسلع أميركية تصل قيمتها إلى 21 مليار يورو، لفرض رسوم عليها في حال فشل المحادثات. وأكد أن الاتحاد جاهز لحزمة ثانية من الرسوم إذا تأكد أن الاتفاق لم يعد ممكناً، لكنه أعرب عن ثقته في إمكانية تحقيق اختراق دبلوماسي خلال الأيام المقبلة.
وحذر تاياني من أن الرسوم تضر الطرفين، قائلاً إن "انهيار الأسواق سيهدد مدخرات الأميركيين وصناديق التقاعد قبل أن يصيب أوروبا". كما دعا البنك المركزي الأوروبي إلى النظر في إطلاق برنامج جديد للتيسير الكمي وخفض أسعار الفائدة، تحسبًا لأي تباطؤ ناتج عن تصاعد التوترات التجارية بين ضفتي الأطلسي. في المقابل، يعمل مفاوضو الاتحاد الأوروبي على بلورة اتفاق أولي يشمل خفض الرسوم الأميركية على بعض السلع الصناعية، مع استثناءات جزئية لقطاعات الطيران والقطاع الطبي. ولا تزال الزراعة والسيارات تمثل أبرز نقاط الخلاف، حيث ترفض بروكسل الرسوم المقترحة بنسبة 17% على الصادرات الزراعية، وتصر على ألا تتجاوز 10%.
والاتحاد الأوروبي هو أكبر تكتل تجاري في العالم وأكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، بحجم تبادل يتجاوز تريليون دولار سنوياً. وسبق أن شهدت العلاقات التجارية بين الجانبين توتراً كبيراً خلال ولاية ترامب الأولى في 2018، حين فرض رسوماً على الصلب والألمنيوم. ودفعت تلك الأزمة الاتحاد الأوروبي إلى إعداد آليات انتقامية مشابهة لما يطرح اليوم. وتأتي جولة التصعيد الحالية في ظل تعثر المحادثات حول دعم الصناعات، والقيود على السيارات الأوروبية، وسعي واشنطن إلى إعادة ترتيب أولوياتها التجارية بما يخدم صناعاتها الداخلية قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.

Related News


