
تعيش عائلات معتقلين مغاربة في السجون العراقية في حالة من القلق جرّاء ما تعدّه معاناة استجدّت بعد انقطاع التواصل مع سفارة المغرب لدى بغداد، إلى جانب غياب كلّ تجاوب رسمي مع مطالبها. وتسعى عائلات المعتقلين المغاربة على خلفية قضايا مرتبطة بالإرهاب في سجون العراق إلى دفع وزارة الخارجية للتحرّك سريعاً، من أجل إنقاذ أبنائها المحتجزين منذ سنوات وفتح قنوات تواصل بينها وبينهم، مع تمكينها من إيصال مساعدات مالية إليهم "تخفّف من وطأة ظروف الاعتقال القاسية في داخل مؤسّسات سجنية لا يمكن فيها الحصول فيها على أبسط الاحتياجات إلا لقاء مقابل مادي".
ويقول رئيس التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في سورية والعراق (غير حكومية) عبد العزيز البقالي لـ"العربي الجديد": "على الرغم من محاولات العائلات المتكرّرة، فإنّها لم تتمكّن من إرسال أيّ مساعدات مالية إلى أبنائها نظراً إلى عدم تجاوب وزارة الخارجية معها وكذلك سفارة المغرب لدى بغداد"، معرباً عن استيائه من "الغياب التام لأيّ تواصل أو متابعة، لا سيّما في ظلّ الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه المعتقلون المغاربة في السجون العراقية منذ سنوات طويلة".
ويوضح البقالي أنّ "التواصل بين العائلات وسفارة المغرب لدى بغداد انقطع قبل مدّة، ولم نعد نلقى أيّ تجاوب من أيّ من مسؤوليها، وكأنّ أبناءنا المعتقلين هناك ليسوا من رعايا المغرب"، مشدّداً على أنّ هذا الوضع "غير مبرّر" وأنّه "يزيد من معاناة العائلات ويعمّق شعورها بتخلّي المعنيين عنها ونسيانها"، ويشير البقالي إلى أنّ "تواصلاً كان قائماً في وقت سابق لكنّه انقطع من دون تفسير، وقد أُوصدت كلّ الأبواب وبقيت كلّ الطلبات معلّقة من دون استجابة"، مضيفاً "نريد فقط عودة هذه القناة الإنسانية الأساسية وإنهاء هذا الملفّ المؤلم الذي طال أمده في غياب أيّ أفق واضح".
ويبيّن رئيس التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في سورية والعراق أنّ "كثيرين هم الذين أمضوا أكثر من عقدَين في السجن من دون تلقّي أيّ زيارات أو تحويلات مالية أو حتى أيّ نوع من الدعم المعنوي"، مطالباً "وزارة الخارجية المغربية والسفير المغربي لدى بغداد بالتدخّل العاجل والإنساني لإيجاد حلّ لهذه المسألة، والسماح للعائلات بإرسال دعم مالي بسيط لأبنائها المعتقلين، تخفيفاً عنهم من قساوة السجن وظروفه الصعبة".
وانطلاقاً من تجربته الشخصية، يخبر البقالي أنّ شقيقه عبد السلام قضى 22 عاماً في السجون العراقية "وسط ظروف قاسية وصعبة جداً، من دون أن يحظى بأيّ زيارة أو دعم مالي يخفّفان عنه ظروف الاعتقال القاسية"، ويشدّد على "ضرورة إيجاد آلية قانونية أو إدارية لتمكين العائلات من إرسال المال إلى أبنائها، والتواصل معهم بصورة رسمية"، داعياً إلى "تحرّك حقيقي" لسلطات المغرب في سياق ملفّ تسليم المعتقلين في سجون العراق إلى بلادهم، ويردف أنّ العائلات "لا تطالب بمعجزات، بل بحلّ بسيط يبعث برسالة واضحة إلى أبنائنا مفادها أنّ وطنهم لم يتخلّ عنهم".
وتعيد مطالب العائلات فتح ملف "الجهاديين المغاربة" المعتقلين في السجون العراقية بعد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 وإسقاط نظام صدام حسين، وتشير تقديرات تنسيقية العائلات إلى أنّ عددهم 12 معتقلاً تتراوح الأحكام الصادرة في حقهم بين المؤبّد والإعدام. وقد مثّلت إعادة فتح سفارة المغرب في العراق في 23 يناير/ كانون الثاني 2023 بارقة أمل لعائلات المعتقلين الذين أملوا طيّ معاناة أبنائهم، إذ إنّ غياب تمثيلية دبلوماسية للرباط في بغداد كانت عقبة أساسية في وجه إجراءات إعادتهم. وكانت لافتةً مطالبة التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في سورية والعراق بعودة جميع المعتقلين في العراق وفقاً للطريقة التي تراها الجهات الوصية مناسبة.
تجدر الإشارة إلى أنّ آخر عملية لاستعادة معتقلين مغاربة من سجون العراق تعود إلى شهر يناير من عام 2024، حين تسلّمت الرباط معتقلاً قضى أكثر من عقدَين هناك، في خطوة وُصفت بأنّها "إشارة إيجابية" من السلطات المغربية بخصوص وضع باقي المعتقلين. وعلى امتداد السنوات الماضية، ظلّت عودة كثيرين من المغاربة من معتقلات العراق وسورية متعثّرة، على خلفية قلق عبّر عنه المغرب في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2019 إزاء "عودة المقاتلين ضمن التنظيمات الإرهابية في بؤر التوتّر (سورية والعراق وليبيا)".
وتمثّل عودة المقاتلين في صفوف التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق وبمنطقة الساحل "أحد أهمّ التحديات التي تواجهها المملكة"، بحسب وزارة الداخلية المغربية التي رأت أنّ من بين هؤلاء المتطرّفين "من يسعون إلى التسلّل إلى بلدانهم الأصلية بغية تنفيذ عمليات إرهابية". في المقابل، تطالب عائلات المغاربة العالقين والمعتقلين في سورية والعراق بإعادتهم و"طيّ الملف والمعاناة نهائياً وإيجاد حلّ لهذه القضية الإنسانية".

Related News
