
في ظلّ الانهيار الاقتصادي المتواصل، والانكماش في القدرة الشرائية المحلية، يواجه القطاع الزراعي في لبنان أزمة تصريف خطيرة تهدد استمرارية الإنتاج وتُفاقم معاناة المزارعين. وقد أطلق وزير الزراعة نزار هاني، صرخة تحذيرية خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، دقّ فيها ناقوس الخطر بشأن واقع هذا القطاع الحيوي، داعيًا إلى تحرّك حكومي عاجل لإيجاد حلول مستدامة، وعلى رأسها إعادة فتح الطريق البري إلى الأسواق الخليجية.
وحذّر الوزير خلال الجلسة من أزمة تصريف خطيرة تطاول المحاصيل الزراعية، نتيجة ضيق الأسواق وصعوبة النفاذ إلى أسواق التصدير، وفي مقدمتها الأسواق الخليجية، مشيرًا إلى أن هذه الأزمة تعكس التحديات المتراكمة التي تهدد استمرارية القطاع الزراعي في لبنان، وتضرب ركائز الاقتصاد الريفي.
معاناة المزارعين في ظل انسداد القنوات التسويقية
وأفاد المكتب الإعلامي للوزير هاني في بيان أن وزير الإعلام بول مرقص، وخلال تلاوته لمقررات الجلسة، أشار إلى المداخلة المحورية التي قدّمها وزير الزراعة، والتي سلّط فيها الضوء على تفاقم معاناة المزارعين والمنتجين، في ظل انسداد القنوات التسويقية وغياب الحلول المستدامة لتصريف الإنتاج، ما يهدّد الأمن الغذائي، ويقوّض الاقتصاد الريفي اللبناني.
وأكد الوزير هاني أن ضيق الأسواق أمام الإنتاج الزراعي اللبناني يشكّل خطرًا داهمًا على مستقبل القطاع، إذ إن كلفة التصدير عبر البحر مرتفعة، وزمن الشحن طويل، ما يضعف القدرة التنافسية للمنتجات الطازجة. وأكد أن فتح الطريق البري عبر المملكة العربية السعودية باتجاه دول مجلس التعاون الخليجي لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية عاجلة، كونه يشكّل الشريان الحيوي والأسلم للتصدير، خاصة خلال المواسم الزراعية الحساسة.
وأضاف البيان أن هذه المداخلة لاقت دعمًا مباشرًا من وزير الصناعة الذي أعرب عن قلقه من العقبات نفسها التي تواجه الصناعات الغذائية، وسائر الصناعات الوطنية، مشيرًا إلى أن ضيق الأسواق لا يقتصر على الزراعة، بل يشمل مجمل الإنتاج اللبناني. ومن جهته، دعا وزير الاقتصاد إلى تحرّك فوري لإعادة النظر في الاتفاقيات التجارية الدولية القائمة، ومواءمتها مع مصالح لبنان الاقتصادية، بما يضمن حماية الإنتاج المحلي من الإغراق والمنافسة غير المتكافئة، ويدعم مسار التصدير إلى الخارج.
التزام حكومي واستراتيجية زراعية شاملة
تجاوبًا مع هذه المواقف، شدد مجلس الوزراء على ضرورة إعطاء هذا الملف أولوية قصوى، مؤكدًا التزامه الكامل بمتابعة الموضوع مع الجهات المعنية في الداخل والخارج، وبدء اتخاذ إجراءات تنفيذية وتشريعية عاجلة لفتح الأسواق، وتوسيع دائرة التصدير، وتعزيز موقع المنتجات اللبنانية في الأسواق الإقليمية والدولية.
ويأتي هذا التحرّك في إطار جهود دؤوبة يقودها الوزير هاني منذ تولّيه مهامه، لتفعيل الدبلوماسية الزراعية، وتأمين قنوات تصريف جديدة للمحاصيل، في ظلّ الأزمة الاقتصادية الخانقة. كما تعمل وزارة الزراعة بالتوازي على إطلاق حزمة مبادرات لدعم المزارعين، وتحسين جودة الإنتاج، ورفع تنافسيته في الأسواق الخارجية، خصوصًا العربية منها.
يُعدّ القطاع الزراعي في لبنان ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، ومصدر رزق لعشرات الآلاف من العائلات، إضافة إلى دوره الحيوي في تأمين الأمن الغذائي، والحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي، وضمان استمرارية العيش الكريم في المناطق الريفية. وعليه، فإن أي تدهور إضافي في القدرة على تصريف الإنتاج ستكون له تداعيات مباشرة على الاستقرارين الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
وشدد في ختام بيانه، على أنه في ظل الأزمات المتتالية التي تعصف بالقطاع الزراعي، تبرز الحاجة الملحّة إلى تفعيل وتطبيق الاستراتيجية الوطنية للزراعة، والتي تستند إلى دعم الإنتاج، وتعزيز القدرة التنافسية، وتأمين قنوات تصريف مستدامة في الداخل والخارج.
ولفت إلى أن نجاح هذه الاستراتيجية يتطلب إرادة سياسية واضحة، ومواكبة فعلية من الحكومة للجهود التي تقودها وزارة الزراعة، خصوصًا في ما يتعلق بفتح الأسواق الخارجية، وعلى رأسها إعادة تفعيل الطريق البري نحو الخليج، لما له من أثر مباشر في تحفيز الصادرات، وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة تعود بالنفع على آلاف المزارعين والمنتجين اللبنانيين.

Related News


