
بدأ الاتحاد الأوروبي اتصالات مكثفة مع عدد من الدول المتضررة من الرسوم الجمركية الأميركية، على رأسها كندا واليابان والهند، لبحث إمكانية تنسيق المواقف والتحركات، في ظل تصاعد التهديدات التجارية من جانب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحسب وكالة "بلومبيرغ" الأميركية. ويأتي هذا التحرك الأوروبي في وقت قررت فيه المفوضية الأوروبية تمديد تعليق إجراءاتها الانتقامية حتى الأول من أغسطس المقبل، لإفساح المجال أمام محادثات جديدة مع واشنطن. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلاين، إن الاتحاد لا يزال يفضل التوصل إلى حل تفاوضي مع الولايات المتحدة، لكنه في الوقت نفسه "يواصل إعداد حزمة من الإجراءات المضادة لضمان الجاهزية الكاملة"، في حال فشل المحادثات.
وتشمل هذه الإجراءات قائمة حالية برسوم تطاول واردات أميركية بقيمة 21 مليار يورو، إلى جانب حزمة إضافية تصل إلى 72 مليار يورو، تشمل بضائع وقيودا على بعض الصادرات. ونقلت "بلومبيرغ" عن مصادر أوروبية مطلعة، قولها إن الدول الأعضاء في الاتحاد تلقت إحاطة مفصلة يوم الأحد حول مسار المحادثات مع الجانب الأميركي، والتي لا تزال متعثرة في ملفات الزراعة وصناعة السيارات والصلب. وتوقعت المصادر استمرار المفاوضات هذا الأسبوع مع فريق الرئيس الأميركي، وسط أجواء من الترقب الحذر في بروكسل. وفي سياق مواز، أكدت المفوضة الأوروبية تيريزا ريبيرا من بكين أن الاتحاد يعمل أيضا على تسريع مفاوضاته التجارية مع دول آسيا والمحيط الهادئ، وفي مقدمتها الهند، بهدف تقليل الاعتماد على السوق الأميركية وتوسيع الشراكات الاقتصادية البديلة.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد دعا إلى تسريع التحضير لرد أوروبي موثوق يشمل أداة مكافحة الإكراه التجاري، في حال لم تسفر المحادثات عن نتائج ملموسة. بدوره، قال المستشار الألماني فريدريش ميرز إن الرسوم الجديدة "ستضرب الاقتصاد الألماني في الصميم"، مشددا على أهمية وحدة الصف الأوروبي وفتح قنوات اتصال مباشرة مع الرئيس الأميركي. وبحسب تقديرات صادرة عن بنك "غولدمان ساكس"، فإن فرض الرسوم الأميركية الجديدة بنسبة 30%، بالإضافة إلى رسوم قطاعية أخرى، قد يؤدي إلى ارتفاع إجمالي التعرفة الأميركية على السلع الأوروبية بـ26 نقطة مئوية، ما قد يخفض الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة 1.2% حتى نهاية عام 2026، مع توقع استمرار الضرر خلال السنوات المقبلة.
يذكر أن ترامب وجه رسائل رسمية إلى عدد من شركاء الولايات المتحدة التجاريين، بمن فيهم الاتحاد الأوروبي والمكسيك، يطالب فيها بإعادة التفاوض على الشروط التجارية، مهددا بفرض الرسوم بدءا من أغسطس/آب المقبل. وكان من المتوقع أن يتم التوصل إلى اتفاق مبدئي بين واشنطن وبروكسل يشمل رسوما مخفضة بنسبة 10% على أغلب السلع الأوروبية، مع استثناءات محدودة لقطاعات الطيران والقطاع الطبي. وتتركز المحادثات حاليا على ملفي الزراعة والسيارات، حيث ترفض بروكسل المقترح الأميركي بفرض 17% رسوما على المنتجات الزراعية، وتسعى لخفضها إلى 10% على الأكثر. كما ترفض أوروبا آلية أميركية مقترحة تربط الرسوم بتقديم الشركات الأوروبية استثمارات مباشرة داخل الولايات المتحدة.
وتخشى بروكسل من أن تؤدي هذه السياسات إلى نقل خطوط الإنتاج من أوروبا إلى أميركا، ما يزيد من الضغط على اقتصاداتها، خاصة في ظل الأوضاع الجيوسياسية والركود الصناعي الذي تعاني منه عدة دول أعضاء. فيما تشير مصادر إلى أن الاتفاق المحتمل -إن تم- لن يعفي بالضرورة الاتحاد الأوروبي من الرسوم القطاعية الجديدة، بما في ذلك رسوم السيارات والمعادن والأدوية والرقائق الإلكترونية.

Related News

