في الكونسرفتوار في فرنسا، تعلمت دونا خليفة آلة البيانو، لكنها اتجهت بعد ذلك إلى الكونترباص، لتدرس إلى جانب الآلة الوترية الجاز والموسيقى الغربية الكلاسيكية. وعلى هذه القاعدة، قدمت ثلاثة مشاريع متميزة، آخرها ألبوم بعنوان Home الذي اشترك مع سابقيه في سمات تطلبت خبرة ومهارة فائقة، مثل الارتجالية واستخدام الصوت البشري آلةً موسيقية. حول إصدارها الجديد، وتجربتها، التقت "العربي الجديد" الموسيقية اللبنانية.
درستِ آلة البيانو 12 سنة في فرنسا. ما الذي حرضك على التوجّه إلى الكونترباص بعد ذلك؟
تستخدمين صوتك في أعمالك بوصفه آلة موسيقية. ما الفكرة وراء ذلك؟
في تصوري، الصوت آلة مثله مثل جميع الآلات الموسيقية. وعلى كل مغنٍّ قبل أن يبحث عن كلمات لأغانيه أن يجد صوته المجرد حتى يستطيع تقديم أي لحن من دون كلمات، وهو ما تعلمته في الكونسرفتوار الفرنسي لدى دراستي الجاز على وجه الخصوص، أي على المغني أن يجتهد ويجد من الحيل ما يجعل صوته متجانساً مع الآلات والطبقة التي تقف عليها، وهذا أصّل لدي فكرة أن الصوت آلة مثله مثل غيره من الآلات.
ما السمات التي تميز منتج دونا خليفة الفني إلى جانب الارتجال واستخدام الصوت آلةً؟
إضافة إلى ما ذكرت، هناك أيضاً الخلفية الفنية المتنوعة، فقد درست الموسيقى الكلاسيكية الأوروبية ودرست الجاز، الذي يتميز بالنطق الموسيقي (Music Articulation) والإيقاعات المميزة. انتقلت بعدها إلى عالم الموسيقى المرتجلة الحرة، وإلى جانب ذلك بالطبع، هناك الموسيقى الشرقية الحاضرة في خلفيتي حتى لو لم أدرسها، وأتصور أن كل هذا وغيره من ألوان موسيقية حرصت على التواصل معها قد شكل هويتي الموسيقية.
بينما استخدمت صوتك آلةً في الألبوم الأول Heavy Dance، غنيت بثلاث لغات في الألبوم الثاني Hope. ما الذي يعكسه هذا التحول؟ ولماذا السويدية؟
لم يكن لدي في البداية أي رغبة في استعمال كلمات بأعمالي بدافع فكرة أن الغناء لا بد له من كلمات. مع الألبوم الثاني (2019)، شعرت أن الوقت قد حان لأُدخل الشعر إلى أغانيَّ، ليقدم إليّ صديقي الشاعر فادي طفيلي قصيدة بعنوان "كتل خرساء" ضمنتها في الألبوم. وفي الفترة نفسها، اطلعت على أعمال الشاعر الأميركي المعروف والت ويتمان التي أثرت بي وجاءت في الألبوم أيضاً. بالنسبة إلى اللغة السويدية، الأمر مرتبط بإقامة فنية في السويد مع الرباعي الوتري فيندلا، لتعرفني هذه الفرقة إلى أغنية محلية تراثية قرّرت ضمها إلى ألبومي. وبينما عزفتها الفرقة في الألبوم بتوزيعهم الخاص، قدمتها ثانيةً بتوزيعي.
كيف توازنين في ألبومك الأخير بين أسلوبك الارتجالي ووجود عازف آخر للكونترباص. بمعنى كيف يجري الحوار الارتجالي بينكما؟ ولو تحدثيننا عن تجربة التأليف الموسيقي المشترك معه؟
يحمل مشروعنا الموسيقي اسم هايلي (Hayeli) وهي كلمة أرمينية تعني مرآة. أما ختشاتور سافزيان، فهو شريك فني وشريكي بالحياة، زوجي، وكان أستاذي على الكونترباص. وفي سنة 2020، قررنا تقديم أعمال مشتركة، رغم ندرة ثنائيات الكونترباص، ومن هنا جاءت فكرة "هايلي" مشروعاً للموسيقي المرتجلة، فجميع حفلاتنا قائمة على الارتجال، ما يستلزم مراناً طويلاً، خصوصاً ونحن نلعب آلتين في الخانة الصوتية نفسها. لهذا، ألجأ أحياناً كثيرة إلى مؤثرات صوتية، تغير من أداء الآلة كثيراً.
في ألبوم Home، دمجت الطابع العربي مع الموسيقى الأرمينية. كيف تصفين هذا المعمار الموسيقي؟ وما الذي رغبت في إيصاله عبره؟
لم يكن الأمر مرتباً، فأغلب مقطوعات الألبوم مرتجلة، لهذا فهو عكس ما بداخلنا من دون أدنى مساحة من تكلف أو تصنع. يعود الطابع الشرقي بدرجة كبيرة إلى ساري خليفة، عازف التشيلو الذي دعوناه إلى مشاركتنا؛ فأضاف بعداً شرقياً لمقطوعات الألبوم كافة، خصوصاً في مقطوعة صفارة، فيما جاءت الموسيقى الأرمينية تعبيراً عن جذور شريكي وزوجي. وفي ما يخص ما أردنا إيصاله، لا أتصور أن هناك شيئاً أبعد من التعبير عما كنا نمر به لحظتها. بالضبط مثلما يلتقط المرء صورة ليوثق أو يسجل ما كان عليه في لحظة معينة، من هنا جاء اسم الديو هايلي أو المرآة، لتعكس موسيقانا أيضاً حقيقة ما يشعر به الجمهور بحفلاتنا.
هل الألبومات الثلاثة سردية واحدة متصلة، أم أن كلاً منها جاء من باب التجريب؟
أتصور أن بينها اتصالاً قوياً، سواء أرغبت في ذلك أم لا، وإن عبر كل من الألبومات الثلاثة عن مرحلة مختلفة.
لو تحدثيننا عن مشروعك المقبل؟
أُعد للألبوم المقبل من خلال فرقة جديدة، وهذه المرة ستكون مساحة المكتوب فيه أكبر، وإن كنت سأحافظ أيضاً على أسلوبي الارتجالي لكن ضمن إطار مكتوب، من كلمات الشاعر حسن عبد الله، والشاعر الأرمني هوفانس تومانيان، وسيضم الألبوم أيضاً شعراً لوالت ويتمان، ومن المنتظر تسجيله خلال العام المقبل.
Related News
