
قلل محللون ماليون وخبراء اقتصاد من قدرة العملة المعدنية الجديدة، التي أعلن البنك المركزي الخاضع لسلطة الحوثيين في صنعاء عن طرحها بدءاً من أمس الأحد، على تخفيف أزمة السيولة النقدية، مشيرين إلى أن مثل هذه الخطوة تزيد في المقابل الانقسام المالي والنقدي في الدولة.
ووفق بيان للبنك المركزي في صنعاء، السبت الماضي، تقرر طرح عملة معدنية جديدة من فئة 50 ريالاً للتداول، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في إطار الحرص على إيجاد حلول لمشكلة الأوراق النقدية التالفة، وتعزيز جودة النقد الوطني في التداول. وأضاف أن الخطوة تُعدّ تنفيذاً لما أُعلن عنه سابقاً عند طرح العملة المعدنية من فئة 100 ريال، لافتاً إلى أن هذا إجراء مدروس ومسؤول، لا تترتب عنه أي زيادة في الكتلة النقدية أو تأثير على أسعار الصرف.
لكن رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، قال لـ"العربي الجديد" إنه لا يتوقع نجاح مثل هذه الخطوة، التي اعتبرها استعراضية، وليست معالجة حقيقية لشح السيولة التي تعانيها مناطق سيطرة الحوثيين.
ورأى نصر أن الأزمة أعمق من أنه يتم سك عملة معدنية من فئة 50 ريالاً، معتقداً أن العملة المعدنية السابقة التي تم إصدارها من فئة 100 ريال لم تنجح في حل الأزمة، لذا لن يحلها إصدار جديد من فئة 50 ريالاً. وأضاف أن مثل هذه الخطوة ستزيد الانقسام في القطاع المصرفي، متوقعاً أن يكون هناك ردة فعل من قبل البنك المركزي في عدن والذي من المتوقع ألا يتعامل مع عملة من هذا النوع، حيث من المرجح رفضه كما حدث مع الإصدار السابق والذي حذر فيه من التعامل أو القبول بما قال إنها "عملة مزورة" وإحلالها محل عملة قانونية باعتبار ذلك إجراء غير قانوني.
وأشار نصر إلى أن الوضع في مناطق سيطرة الحوثيين يتطلب تغييراً في السياسات الاقتصادية المختلفة، لأن هناك حالة انكماش كبيرة جداً، وهناك شح خطير في السيولة سواء في العملة المحلية أو الدولار، وبالتالي هذه مجرد قرارات صورية ولن يكون لها أي تأثير حقيقي. في المقابل يؤكد مواطنون ومتعاملون في سوق الصرف لـ"العربي الجديد"، أن الإصدار السابق من العملة المعدنية فئة 100 ريال أثرت بشكل كبير في حل أزمة نقدية خانقة، نتيجة رفض سلطة صنعاء للأوراق النقدية المطبوعة من الحكومة اليمنية في عدن، واستمرار التعامل بأوراق نقدية تالفة وغير صالحة للتداول، إلى أن وصل الأمر لتهالكها بشكل كبير وسط صراع مصرفي محتدم يلقي بتبعات جسيمة على معيشة المواطنين.
وفي السياق يختلف المحلل المصرفي اليمني، علي التويتي، في حديث لـ"العربي الجديد"، مع ما طرحه نصر، مشيراً إلى أن قرار سك عملة معدنية بدل التالف لا يؤثر على سعر الصرف أو الانقسام المصرفي بين صنعاء وعدن، كونها فئة صغيرة وتحل محل التالف.
في الإطار ذاته، قال بنك صنعاء المركزي إنه خصص مراكز استبدال في المركز الرئيسي للبنك وفروعه في المحافظات، لتسهيل استبدال العملة الورقية التالفة بالعملة المعدنية الجديدة، لكافة المواطنين والجهات ذات العلاقة خلال أوقات الدوام الرسمي. وأكد أنه ماضٍ في اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لتعزيز قوة العملة الوطنية وضمان استقرار النظام المصرفي، وصون مدخرات المواطنين، وتعزيز الثقة بالاقتصاد الوطني، مهما كانت التحديات.
وبحسب التويتي، فإن صنعاء تعاني من التالف، ولديها أوراق نقدية تالفة من كل الفئات الصغيرة والكبيرة، لافتاً إلى أن المشكلة الحقيقة ستكون في حال تم سك عملة معدنية من الفئات الكبيرة (500 و1000).
وتعاني صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين من اختفاء كلي للعملة المعدنية التي كانت متداولة من فئة 10 و20 ريالاً مع وصول الأمر إلى تلاشي وتلف العملة الورقية من الفئات الصغيرة (50 و100 ريال)، تم سحب التالف منها مع طرح الإصدار المعدني للتداول، إضافة إلى تلف واختفاء الأوراق النقدية من فئتي 200 و250 ريالاً، بينما ترفض سلطة صنعاء منذ العام 2020، قبول تداول الأوراق النقدية المطبوعة من الحكومة المعترف بها دولياً.
ويقول التويتي "كان من الأفضل أن يتحاور البنكان في عدن وصنعاء، ويتفقا على الطباعة بديلاً للأوراق النقدية التالفة بحيث يتحمل بنك صنعاء تكاليف الطباعة، ويتم حل جزئي لشح السيولة"، إذ يبدي المحلل المصرفي اليمني استغرابه من عدم إقدام بنك عدن على مثل هذه الخطوة كونه البنك الشرعي، في حين أي طباعة ورقية منفردة من بنك صنعاء ستكون مشكلة كبيرة جداً على اليمن وعلى سعر صرف العملة المحلية. وكانت السلطات النقدية التابعة للحوثيين في صنعاء قد أعلنت في مارس/آذار الماضي، إتلاف الأوراق النقدية الصغيرة من فئة 100 ريال التي حلت محلها العملة المعدنية من نفس الفئة.

Related News
