هندسة الانتخابات المصرية تفجر أزمات داخل أحزاب
Arab
9 hours ago
share

مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات المصرية التشريعية لاختيار أعضاء مجلسَي الشيوخ والنواب، فجّرت القائمة الانتخابية الموحدة لخوض انتخابات مجلس الشيوخ في مصر، خلافات حادة داخل العديد من الأحزاب المصرية، أبرزها حزب الوفد، الذي لم يحظ إلّا بمقعدين على "القائمة الوطنية من أجل مصر" من أصل مئة مقعد. وبات فوز القائمة مضموناً في الحصول على عضوية الغرفة الثانية من البرلمان، بعد أن ترشحت منفردة على جميع الدوائر بلا منافسين.

والخميس الماضي، أغلق باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ، التي ستُجرى في الأول والثاني من أغسطس/ آب المقبل خارج مصر، فيما سيُجرى الاقتراع في الداخل في الرابع والخامس من الشهر نفسه. أما انتخابات مجلس النواب فستُجرى بحلول نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. ويجري اختيار أعضاء مجلس الشيوخ الـ300، بنظامَي الفردي والقائمة المغلقة، لاختيار مئتي عضو مناصفة بالاقتراع العام السري المباشر، فيما يعيّن رئيس الجمهورية الثلث الباقي. وتنصّ المادة 25 من قانون مجلس الشيوخ بأنه "إذا لم يتقدم في الدائرة الانتخابية المخصّصة للقوائم إلّا قائمة واحدة، يعلن انتخاب القائمة بشرط حصولها على نسبة 5% على الأقل من أصوات الناخبين المقيدين بتلك الدائرة، وإن لم تحصل القائمة على هذه النسبة، فإنه يعاد فتح باب الترشح لشغل المقاعد المخصّصة للدائرة".

قائمة مدعومة من النظام

وبينما بلغ عدد المرشحين في الانتخابات المصرية بالنظام الفردي، 469 مرشحاً لمجلس الشيوخ، يدعم النظام الحاكم "القائمة الوطنية"، وبتنسيق كبير مع أجهزة الدولة الرسمية، بما فيها الهيئة الوطنية المشرفة على الانتخابات. وحظي حزب مستقبل وطن، الحائز على الأغلبية في مجلسَي النواب والشيوخ، على 44 مقعداً في القائمة، وحزب حماة الوطن على 19 مقعداً، و"الجبهة الوطنية" (تأسس العام الماضي) على 12 مقعداً، والحزب المصري الديمقراطي وحزب الشعب الجمهوري على 10 مقاعد مناصفة، و"الإصلاح والتنمية" و"العدل" على 4 مقاعد لكل منهما، و"التجمع" و"الوفد" على مقعدين لكل منهما، وأحزاب "إرادة جيل" و"الحرية" و"المؤتمر" على مقعد واحد لكل منها. وفجّرت عمليات توزيع المقاعد أزمة بين أعضاء الأحزاب التي تراجعت حصتها عمّا كانت عليه في الدورة السابقة لانتخاب مجلس الشيوخ (2020)، فيما انتقل الخلاف إلى ساحتها الداخلية. وقرّرت الهيئة العليا لحزب الوفد الاجتماع، مساء اليوم الاثنين، للبدء في إجراءات سحب الثقة من رئيس الحزب، عبد السند يمامة، بسبب فشله في التفاوض على عدد مقاعد أكبر للحزب في "القائمة الوطنية".

قيادي في حزب الوفد: لدى الحزب تخوفات حول تراجع حصته في قائمة مجلس النواب 

وقال مصدر قيادي في حزب الوفد، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "موافقة الحزب على ترشح يمامة في انتخابات رئاسة الجمهورية نهاية 2023 جاء في إطار صفقة معلومة للجميع، تتضمّن الحصول على مقاعد أكبر في القائمة الموحدة لانتخابات مجلسَي الشيوخ والنواب"، واستدرك أن "ما حدث هو العكس إذ تراجعت حصة الحزب من 10 مقاعد إلى مقعدين فقط في الشيوخ، مضيفاً أن "لدى الهيئة العليا تخوفات حول تراجع حصة الوفد في قائمة مجلس النواب، البالغة 26 مقعداً حالياً من مجموع 596 في الفصل التشريعي السابق".

لا تنافس في الانتخابات المصرية

من جهته، قال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، مدحت الزاهد، المنضوي تحت لواء "الحركة المدنية الديمقراطية"، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحزب ملتزم بموقف الحركة من عدم الدفع بمرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ، أو قبول التعيين فيه باعتباره يمثل عبئاً على موارد الخزانة العامة، ولا يمتلك صلاحيات تشريعية حقيقية"، وذكر أن تخصيص نصف مقاعد البرلمان بغرفتَيه لنظام القائمة المغلقة "يعكس توجهاً فاشياً لدى القائمين على إدارة الحكم"، وهو ما ظهر بوضوح "في عدم ترشح أي قوائم منافسة للقائمة الوطنية في أي دائرة مخصصة للقوائم، وفوزها بمئة مقعد قبل إجراء الانتخابات في الأصل".

مدحت الزاهد: مقاعد البرلمان باتت حصراً على أحزاب الموالاة، ولم يعد هناك مكان للمستقلين أو أحزاب المعارضة

وفي رأيه، فإنّ "مقاعد البرلمان باتت حصراً على أحزاب الموالاة، ولم يعد هناك مكان للمستقلين أو أحزاب المعارضة كما كان الحال في سنوات سابقة"، معتبراً أنه "مشهد إقصائي حذر الكثيرون من تداعياته، في ظل مواجهة البلاد أزمات عديدة كانت تستوجب توفير بيئة ملائمة لانتخابات تنافسية، تسمح بتمثيل نواب للشعب وليس للنظام". وبيّن الزاهد أن الانتخابات المصرية البرلمانية "هي إحدى المسارات السلمية المهمة للتعبير عن المعارضة، وبالتالي فإن تغييبها على طريقة برلمان 2010 ينذر بانفجار وفوضى في الشارع، وهو آخر ما تحتاجه الدولة المصرية في ظلّ أوضاع إقليمية صعبة، وتوترات تحيط بها من كل الجهات". وكان مؤسّس الحزب المصري الديمقراطي ورئيسه السابق، محمد أبو الغار، قد كتب عبر صفحته في موقع فيسبوك، قبل أيام، أن "ترشح مئة عضو وافق عليهم الأمن، وأعلن نجاحهم في غياب الناخبين واللجان، وتعيين الرئيس مئة آخرين في مجلس الشيوخ، معناه أن النظام اختار 200 عضو من 300 قبل أن تبدأ أي انتخابات. عاش النظام الديمقراطي العظيم!".

أما رئيس تحرير مجلة الأهرام الاقتصادي السابق، الكاتب أنور الهواري، فاعتبر الخميس الماضي، على مواقع التواصل الاجتماعي أن "أعضاء القائمة الوطنية المئة فازوا بالتزكية، وباتوا أعضاء في مجلس الشيوخ من الآن، وليسوا في حاجة إلى التصويت في لجان الانتخابات"، معتبراً ذلك "انتكاسة كبرى في مسيرة الحياة النيابية منذ مئة عام". وعلى صعيد تمثيل المستقلين في الانتخابات المصرية المقبلة، قال عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، عمرو هاشم ربيع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "فرص المستقلين ضعيفة للغاية في انتخابات مجلس الشيوخ، بسبب النظام الانتخابي الذي خصص المقاعد مناصفة بين القائمة المغلقة والنظام الفردي"، وأوضح أن "رجال الأعمال وحدهم من يملكون حظوظاً كبيرة في الفوز بأغلبية المقاعد الفردية، خصوصاً من المدعومين من حزب الأغلبية مستقبل وطن، والحزب الوليد الجبهة الوطنية، على خلفية توفّر الإمكانيات المادية الضخمة لهم في الإنفاق على الدعاية، وتحفيز الناخبين على التصويت لصالحهم".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows