مقاومة لن يقوى عليها العدو
Arab
15 hours ago
share

دمّر جيش الاحتلال الإسرائيلي المباني والمستشفيات والمدارس في قطاع غزّة، وهجّر مئات آلاف من سكّانه، حيث لا بيوت تؤويهم ولا ملاجئ، وقتل، ولا يزال، عشرات آلاف من المدنيين، غالبيّتهم من الأطفال والنساء وكبار السن، حيث تجلت الوحشية الصهيونية في أكثر صورها دموية.

ليس هذا غريباً. لا يملك المقاتلون الفلسطينيون في غزّة صواريخ مضادّة للطيران الإسرائيلي الذي يلقي قنابله الثقيلة على المباني والأنفاق، ولا يملكون مدرّعات ودبّابات قادرة على مواجهة أرتال دبّابات العدو التي اجتاحت أراضي القطاع من أقصاه إلى أقصاه، ولا ترسانة الأسلحة والذخائر التي تواصل واشنطن ولندن وعواصم أوروبية أخرى تزويد إسرائيل بها كي تقتل الفلسطينيين، فضلاً عمّا تؤمنه تلك العواصم لها من معلوماتٍ استخباريةٍ كي تبلغ طائراتها وصواريخها ومُسيّراتها أهدافها في غزّة، في إطار نهج مخز في دعم إسرائيل، من آخر تجلياته الوقحة فرض إدارة ترامب عقوبات على مقرّرة الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، لموقفها المندد بالانتهاكات الإسرائيلية.

اقتربنا من إكمال عامين على بدء إسرائيل عدوانها ردّاً على ما جرى في 7 أكتوبر (2023). عدوان استهدف البشر والحجر وكلّ مظاهر الحياة في القطاع، وبلغت المأساة الفلسطينية في القطاع مدىً غير مسبوق، فلم تقف عند حدود القتل والتهجير والتدمير، وإنما شملت التجويع المتعمّد بمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، أو تحويل تسليم ما يدخل منها فخاً لقتل مئات ممن بقوا أحياءً، على مرأى قادة دول العالم الذي يسمّي نفسه، زيفاً، بالمتحضر.

رغم هذا كله، أخفق العدو حتى اللحظة في تحقيق أهدافه المعلنة من عدوانه: استعادة أسراه، والقضاء على المقاومة، حيث تظهر أشكال التصدّي الفلسطيني الجارية اليوم في القطاع أنّ دون العدو والقضاء عليها برازخ لن يقوى على عبورها. هذه الأشكال من المقاومة، التي عرفتها بلدان أخرى، خاضت الكفاح ضد مستعمريها او محتلّي بلدانها، وأطلق على بعضها "حرب العصابات" كفيلة بإيقاع خسائر بشرية موجعة في العدو من دون أن تكون لديه القدرة على إنهائها. ليس لدى المقاومين ما يخسرونه؛ أرضهم محتلة، مدنهم وبلداتهم مدمّرة، المجاعة تنال من أبناء شعبهم، والسبب هو العدو الذي يقاومونه.

لنقرأ ما تنشره الصحف ووسائل الإعلام وتبثّه المحطات التلفزيونية من عناوين عن العمليات التي تجري ضد العدو، واعترافاته بما يقع في صفوفه من خسائر، لنفهم عمّ يدور الحديث. إليكم نماذج من أحدثها: "إعلام عبري: حدث أمني صعب في قطاع غزّة وانهيار مبنى مفخّخ على قوة إسرائيلية"، "طائرات سلاح الجو الإسرائيلي تعمل على إجلاء القتلى والمصابين من مكان الحادث"، "الإغارة على تجمع لجنود وآليات إسرائيلية واستهداف آليتين وجرّافتين عسكريتين بمنطقة عبسان الكبيرة شرق مدينة خانيونس"، "القسّام: حاولنا أسر جندي لكن تمّ الإجهاز عليه"، "الجيش الإسرائيلي يؤكد فقد قواته خمسة جنود خلال عملية عسكرية في بلدة بيت حانون شمالي غزّة"، مشيراً إلى أنّ جنديين آخرين في حالة حرجة، إضافة إلى إصابة 16 آخرين بجروح متوسطة".

وعلى طريقة "شهد شاهدٌ من أهلها"، ها هو رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، الجنرال المتقاعد غيورا آيلاند، الذي اشتهر بهندسته "خطة الجنرالات" لتهجير سكّان محافظة شمال غزّة، يقول إنّ "احتلال منطقةٍ يسكنها مدنيون يُعطي انطباعاً زائفاً بالنجاح، ويُوقع الجيش في مستنقع مُكلف بثمن باهظ"، مذكّراً بني قومه، القتلة مثله، بالقاعدة الذهبية "إنّه في كلّ مكان يحصل فيه احتكاك واختلاط بين جنود القوة المُحتلّة والسكان المُعادين، ستكون هناك عمليات قاسية. حدث هذا في أواخر القرن العشرين للأميركيين في فيتنام... لنا في لبنان، وللأميركيين والبريطانيين في العراق وأفغانستان. كان يمكن فهم هذه القاعدة واستيعابها قبل بدء المناورة في غزّة". قال آيلاند أيضاً: "منذ انتهاء الهدنة الأخيرة، قُتل في غزة 39 جندياً، ضعف عدد الأسرى الأحياء الذين انطلقنا من أجل تحريرهم في عملية "عربات جدعون". وقال نوّاب بارزون عن حزب الليكود الحاكم إنّ الهجمات الناجحة التي شنّتها "حماس" تظهر أنّ الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية لم تنجح في هزيمة الحركة.

نخلص إلى أنّه عصيّ على قوات الاحتلال أن تنهي المقاومة الراهنة في غزّة، فالأمر لا يُقاس بالعدّة والعتاد، وإنما بالإرادة التي يمتلكها أهل الأرض ويفتقدها الغزاة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows