بيّنت مذكرة تحليلية أصدرها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات في تونس، أن دعم إنتاج المواد المصنّعة محلياً بشكل كامل أو جزئي يقلّل من استنزاف رصيد النقد الأجنبي، ويعزّز صلابة العملة المحلية، كما يساهم في حماية التراث الزراعي والحرفي. وأظهرت المذكرة، استناداً إلى تجارب مقارنة، أن تتبّع الأموال المنفقة محلياً يؤدي إلى توليد النقد، حيث تؤكد التجربة الفرنسية أن إنفاق يورو واحد على مشتريات محلية يُولّد إنفاقاً يتراوح بين 2 و2.5 يورو ضمن دائرة قطرها 30 كيلومتراً.

يقول رئيس منظمة إرشاد المستهلك، لطفي الرياحي، إن المنظمة كانت ولا تزال تحثّ على التشجيع على الاستهلاك المحلي، والتوجّه نحو استبدال العلامات التجارية الأجنبية التي تنشط في تونس بأخرى محلية. وأفاد الرياحي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن الأزمات الجيوسياسية والصحية التي مرّت خلال السنوات الماضية أثبتت جدوى الحماية الذاتية للأسواق عبر التوجه إلى سلع محلية جيّدة وأقلّ كلفة. ورأى أن النسيج الصناعي التونسي متطوّر ومتنوع، ما يساعد على انتقال سلس للاقتصاد، والتحول من نموذج المستهلك الشامل لصالح المستهلك الوطني المسؤول.

وقال: "يمكن لهذا النهج أن يُحدث تحولاً جذرياً في الاقتصاد التونسي من خلال خلق حلقات إنتاج جديدة تفضي إلى استيعاب البطالة وتحسين نسب النمو والناتج المحلي الإجمالي". وأكد وجود منافسة غير متكافئة في السوق التونسية بين علامات النسيج والملابس المحلية ونظيراتها المورّدة، بسبب الامتيازات الضريبية التي تُمنح لعلامات "الفرانشير" على حساب المصانع المحلية التي تكابد من أجل الصمود.

وخلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، تعمّق العجز التجاري لتونس إلى 54%، وتحوّلت قيمته من نحو 4.7 مليارات دينار (1.6 مليار دولار) في إبريل/نيسان 2024، إلى حوالي 7.3 مليارات دينار (2.5 مليار دولار)، في الشهر ذاته من العام الحالي 2025. وفسّر معهد الإحصاء تفاقم عجز تونس التجاري خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025 بتراجع الصادرات بنسبة 2.4%، لتناهز قيمتها 20.7 مليار دينار (7 مليارات دولار)، مقابل زيادة الواردات بنسبة 7.8%، لتقدّر قيمتها بـ28 مليار دينار (9.6 مليارات دولار). وزادت مقتنيات تونس من الخارج، خاصّة في ظل تطوّر الواردات من مواد التجهيز بنسبة 22.1%، والمواد الأولية ونصف المصنّعة بنسبة 11.3%، إلى جانب زيادة واردات المواد الاستهلاكية بنسبة 15.7%.