هوس ترامب بـ"نوبل للسلام"
Arab
2 days ago
share

ممكن تخيّل المشهد الآتي: الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتجوّل في أروقة البيت الأبيض، ليرى صوراً للرؤساء الأميركيين الذين نالوا جائزة نوبل للسلام، وآخرهم باراك أوباما، بعدما سبقه إلى الجائزة الرئيسان ثيودور روزفلت ووودرو ويلسون في أوائل القرن العشرين. لمعت الفكرة في رأس الرئيس الحالي، وبدأ يخاطب نفسه "ما الذي ينقصني لأحصل على هذه الجائزة، وأكون من الخالدين في ذاكرة الرئاسة الأميركية؟".

مثل هذا السيناريو ليس بعيداً أبداً عن الذهنية التي يفكّر فيها ترامب، والمتمركزة حول نرجسيته ومجده الشخصي، وهو لا يخفي رغبته بنيل الجائزة، وإن جاء ذلك على لسان حليفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عندما أعلن أنه سلم رسالة ترشيح ترامب إلى لجنة جائزة نوبل باعتباره "يصنع السلام في منطقة تلو الأخرى".

من غير المعلوم عن أي سلام يتحدّث أو أي منطقةٍ هي المقصودة، لكن الواضح أن ترامب تلقّف مبادرة ترشيح نتنياهو، ليمضي في ما يظن أنه مساره لجائزة نوبل للسلام، حتى عندما تكون أفعاله عدائية. فالضربة الأميركية للمنشآت النووية الإيرانية ودعم الحرب الإسرائيلية على طهران، وضعها الرئيس الأميركي في دائرة صنع السلام. فبعد إعلانه عن وقف الحرب بين إسرائيل وإيران، خرج الرئيس الأميركي ليهنئ العالم، وأن هذا هو الوقت لـ"صنع السلام".

المفارقة هنا أن يخرج ترامب ليعلن صناعة السلام مع إنهائه حرباً هو من بدأها، وأنها من دون تدخل مباشر من الولايات المتحدة، وختمها بالضربة الأميركية المباشرة للمنشآت النووية. وطوال أيام الحرب الإسرائيلية على إيران، لم يتوقف الرئيس الأميركي عن تبنّي الإنجازات التي حققتها الضربات الإسرائيلية، سواء للمشروع النووي الإيراني أو للترسانة الصاروخية البالستية أو للدفاع الجوي، فكان شبه ناطق باسم الحرب. ومع ذلك يقدم نفسه صانع سلام.

وبعيداً عن حرب إسرائيل وإيران التي أشعلها وأطفأها، وإيحاءاته بأنه يضغط لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، ووقف الحرب الأوكرانية الروسية، يسعى ترامب إلى زجّ نفسه في أي تفاهماتٍ دولية، حتى وإن لم يكن له يد فيها مباشرة. ففي أعقاب التوترات الهندية الباكستانية قبل أشهر، وتبادل القصف الصاروخي بين البلدين، وتصاعد المخاوف من توسّع المعركة بين القوتين النوويتين، تدخّلت أطرافٌ عديدة، ومنها الولايات المتحدة، للتهدئة، وهو ما حصل فعلاً لكن من دون اتفاق واضح. إلا أن ترامب خرج، في واحد من تصريحاته الكثيرة، ليتبنّى قيادة الوساطة التي أدّت إلى وقف الاشتباكات، وأن اتفاقاً جرى بوساطة أميركية بين الطرفين، رغم عدم وجود مثل هذا الاتفاق، حتى أن رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، وخلال مكالمة هاتفية مع ترامب، أبلغه أن الهدنة تمت من خلال محادثات مباشرة للهند مع باكستان، وليس عبر وساطة أميركية، وفق ما نقلت صحيفة إندبندنت البريطانية عن وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري.

أيضاً في الاتفاق الموقع الشهر الماضي (يونيو/ حزيران) بين رواندا والكونغو، حرص ترامب على المشاركة في مراسم التوقيع التي استضافتها الولايات المتحدة، للإيحاء بالدور الذي لعبته في التوصل إلى هذا الاتفاق، رغم عدم وجود أي معلومات أو أخبار سابقة عن وجود أي جهود أميركية في هذا الملف. إلا أن الرئيس الأميركي، كعادته، استغل المناسبة للتبشير بـ"السلام" في القارّة الأفريقية، رغم إقراره بأن دولة قطر لعبت دور الوسيط، لكنه اعتبر أنه دور مساعد للولايات المتحدة.

ما يمكن تسميته "هوس" ترامب بنيل جائزة نوبل للسلام بات مادة تهكم، حتى أن أحد مؤدّي الكوميديا الارتجالية البريطانيين (ستاند أب كوميديان) استعمل هذا الهوس في أحد عروضه، ليبدي خشيته من أن عدم منح ترامب "نوبل للسلام" سيدفعه إلى قصف النرويج، مقرّ الجائزة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows