ما مكاسب الجزائر من الانضمام إلى معاهدة التعاون لجنوب شرق آسيا؟
Arab
3 days ago
share

يطرح الإعلان الرسمي لانضمام الجزائر إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا (آسيان) جملة من التساؤلات حول المكاسب والعوامل الإيجابية التي يمكن أن تجنيها الجزائر، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتجاري، إلى جانب استقطاب الاستثمارات الأجنبية ونقل الخبرات. ويشرح خبراء اقتصاديون جزائريون في التقرير التالي الإمكانات التي يتيحها هذا الانضمام.

يؤكد المحلل المختص في شؤون الاقتصاد السياسي، والمهتم باقتصاد منطقة آسيا الوسطى، سيف الدين قداش، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الانضمام إلى معاهدة آسيان "يتيح الولوج إلى سوق ضخمة ومزدهرة، وجذب استثمارات آسيوية مباشرة، وتنويع الشراكات، وتقليص التبعية لأوروبا، بالإضافة إلى فتح فرص لتطوير الصناعات الزراعية والغذائية، لا سيما إذا نجحت الجزائر في تطوير حزام زراعي صحراوي وجذب الاستثمارات الآسيوية في هذا المجال". كما أشار إلى "وجود فرص لتعزيز التحول الطاقوي، في ظل ازدياد حاجة دول آسيان إلى الغاز الطبيعي المسال وبدائل الطاقة الخضراء مثل الهيدروجين الأخضر، ما قد يجذب استثمارات كبيرة في مجالات التنقيب والنقل والمعالجة".

وأضاف قداش أن "انضمام الجزائر يمهد أيضًا للانخراط التدريجي في سلاسل الإمداد العالمية، إذ ترتبط رابطة آسيان بشبكة من اتفاقيات التجارة الحرة مع مختلف دول العالم، من بينها أكبر تكتل تجاري عالمي (RCEP) الذي يضم الصين واليابان وكوريا الجنوبية ودول آسيان، إلى جانب اتفاقيات مع دول أميركا اللاتينية. وإذا طورت الجزائر استثماراتها في مجال الغاز، فقد تصبح موردًا بديلًا لغاز شرق آسيا عبر عقود طويلة الأجل، كما يمكن أن تفتح الأسواق أمام تصدير الأمونيا. كذلك، بإمكان الجزائر تنويع شركائها التجاريين وعدم الاقتصار على الصين فقط، من خلال تطوير الصناعات البتروكيميائية بالتعاون مع دول مثل سنغافورة". وأشار إلى أن "آسيان تضم نمورًا اقتصادية ونماذج تنموية ناجحة، يمكن للجزائر الاستفادة منها على مستوى صياغة نموذجها التنموي الخاص، من حيث الآليات والسياسات والشراكات الاقتصادية والاستثمارية".

وقع وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، أمس الأربعاء، وثيقة الانضمام الرسمي للجزائر إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا، وذلك على هامش افتتاح الدورة الـ58 لاجتماع وزراء خارجية رابطة دول آسيان، المنعقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور.

وكانت الجزائر قد أعلنت، في ديسمبر/كانون الأول 2023، تقديم طلب رسمي للانضمام إلى هذه المعاهدة، ضمن تحول لافت في السياسة الخارجية برز منذ ربيع العام نفسه، حيث سبق لوزير الخارجية أن صرّح في 29 أغسطس/آب 2023 بأن الجزائر "تعمل على تحويل أحد محاور سياستها الخارجية نحو آسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا"، مؤكدًا أن "المستقبل هناك".

ووفق رئيس منتدى الاستثمار وتطوير المؤسسات، يوسف ميلي، فإن التعاون بين الجزائر ورابطة آسيان يُعد خطوة استراتيجية ستساعد على إعادة توجيه الاقتصاد الوطني نحو منطق السوق المنفتح والتنافسي، والابتعاد عن النمط الريعي المغلق المعتمد على شريك واحد.

وقال ميلي لـ"العربي الجديد" إن الجزائر "ستستفيد من تحفيز الانفتاح الاقتصادي، والانتقال إلى نموذج اقتصادي متنوع ومنفتح على الأسواق الناشئة والديناميكية، ما يساهم في تغيير ذهنية صانع القرار الاقتصادي، وفتح أسواق جديدة للمنتجات الجزائرية، لا سيما أن عدد سكان آسيان يفوق 650 مليون نسمة، ما يجعل منها سوقًا واعدة للسلع الجزائرية، كمنتجات الطاقة، الأسمدة، التمور، الفوسفات، المنتجات الزراعية عموماً".

وأضاف أن الجزائر يمكن أن "تقدم نفسها كمنصة عبور نحو أفريقيا، وتطرح نفسها كبوابة لآسيان إلى السوق الأفريقية، بفضل موقعها الجغرافي، وعمقها الأفريقي، ومشاريعها الكبرى في البنية التحتية، مثل ميناء الحمدانية، والطريق العابر للصحراء، وخطوط السكك الحديدية نحو الجنوب، وخط أنابيب الغاز إلى الساحل، ما يعزز فرص التكامل جنوب - جنوب، ويمنح الجزائر مكانة ضمن شبكات تجارية واستثمارية عالمية أقل خضوعًا للاحتكار الغربي".

وفي سياق تعزيز الشراكات الآسيوية، كانت الجزائر قد استقبلت مؤخرًا المدير التنفيذي لمجموعة "ليون" الماليزية، ويليام شانغ، لبحث فرص التعاون في مجالات الزراعة والمناجم والصناعات الفولاذية، حيث التقى الرئيس عبد المجيد تبون. كما وقّع مجمع "سونارام" الحكومي للمناجم اتفاقًا مع مجموعة "ليون" لتنفيذ مشاريع استكشاف واستغلال منجمي تشمل الذهب، والنحاس، والمنغنيز، وغيرها، في إطار خطة حكومية تستهدف استقطاب استثمارات تفوق 7 مليارات دولار خلال خمس سنوات.

وأثناء زيارته إلى سنغافورة، الاثنين الماضي، اطلع وزير الخارجية الجزائري على تجربة البلاد في مجالات الحوكمة الحضرية، والتحول الرقمي، وتسيير المدن الذكية والمستدامة، فيما تشير البيانات الحكومية إلى أن التبادل التجاري بين الجزائر وإندونيسيا بلغ مليار دولار منذ عام 2022، وهو ما يعكس بداية تحوّل استراتيجي فعلي في العلاقات الاقتصادية الجزائرية نحو آسيا.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows