سانتياغو كابوتو... سلاح ميلي السري في الأرجنتين
Arab
3 days ago
share

تحول سانتياغو كابوتو، الذي وصفته وكالة بلومبيرغ الأميركية بـ"سلاح الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي السري"، إلى الرجل القوي في بوينس آيريس، صانعاً المسارات السياسية والاقتصادية في البلاد، إلى جانب شقيقة الرئيس، كارينا ميلي. غداً الجمعة يحتفل سانتياغو كابوتو بعيد مولده الـ40 في كاسا روسادا (البيت الوردي)، مقر الرئاسة الأرجنتينية، بصفته اليد اليمنى لميلي، في ظلّ استعداده للانتخابات النصفية في البلاد المقررة في 26 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وسط أرقام اقتصادية مشجعة في البلاد، إذ إنه وفقاً للبيانات الرسمية التي أعدتها مؤسسة الإحصاء الوطنية في الأرجنتين INDEC، الصادرة في 26 يونيو/حزيران الماضي، شهدت البلاد نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.8% خلال الربع الأول من العام الحالي، متقدمة على اقتصادات أخرى أكبر وأكثر ديناميكية في العالم.

سانتياغو كابوتو والاقتصاد

وتُشكّل هذه الأرقام نموذجاً لخيارات ميلي، وخلفها سانتياغو كابوتو في معالجة الأزمة الاقتصادية في البلاد، خصوصاً عبر ترشيد الإنفاق الحكومي، وتحرير سعر صرف البيزو، العملة المحلية. ودفع التحسن الاقتصادي إلى تحويل كابوتو للقناة الرئيسية لكل المستثمرين وصناديق التحوط العالمية، بفعل تأثيره على ميلي، يأتي وضع سانتياغو كابوتو من التأثير الكبير الذي يتمتع به على ميلي، وأحياناً أكثر من عمه، وزير الاقتصاد الحالي لويس كابوتو. كذلك، سمحت هذه السياسات الاقتصادية في حصول الأرجنتين على مزيد من القروض من صندوق النقد الدولي، بهدف تحفيز الاقتصاد. إلا أن دور كابوتو الذي سلّطت عليه وكالة بلومبيرغ الأميركية الضوء عليه بشكل موسّع، لا يتوقف هنا، فالرجل يمسك بكافة حسابات الرئيس الأرجنتيني على وسائل التواصل الاجتماعي، برفقة فريق معادٍ لمفاهيم "woke" (اليقظة من أجل تأمين المساواة الاجتماعية). يعمل الفريق على الدفاع عن ميلي في كل سانحة، حتى لو أدى إلى تشويه سمعة خصومه المحليين بصورة غير أخلاقية، عبر الترويج لأكاذيب. وهي سياسة يعتمدها كابوتو لتحطيم أي محاولة رامية لتشكيل جناح أو معسكر قادر على هزيمة ميلي.

يعتبر كابوتو القناة الإجبارية للمستثمرين في الأرجنتين

كذلك، يتشاور سانتياغو كابوتو مع ميلي بشأن خطاباته الشعبوية، مثل تلك التي ألقاها الرئيس في منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا في يناير/كانون الثاني الماضي، التي انتقد فيها "اليقظة" والسياسيين الفاسدين الذين يلقي باللوم عليهم في تدمير الأرجنتين. ويشرف كابوتو أيضاً على وكالة المخابرات التابعة لميلي ووحدات الهجرة والجمارك وإدارة مكافحة غسل الأموال والخصخصة، ويساهم في قيادة المفاوضات بين الرئاسة والكونغرس، الذي يضمّ مجلسي النواب والشيوخ، خصوصاً بما يتعلق بالسياسات الاقتصادية. ودفع ذلك ميلي للقول إن كابوتو هو "الرقم 2"، وفقاً لـ"بلومبيرغ".

أما كيفية وصول كابوتو إلى ميلي، وارتباطهما خلال الحملة الرئاسية لانتخابات 2023، فكان انطلاقاً من رغبة كابوتو في العمل مع شخص قادر على "إنقاذ الأرجنتين" وفقاً له، بفعل غرق البلاد في دوامة مالية سلبية منذ نحو ثلاثة عقود، أدت إلى إفلاسها والاستعانة بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، من دون الخروج من الأزمة المالية تماماً. وتابع كابوتو باهتمام صعود ميلي شخصيةً تلفزيونية شعبوية، استخدمت المنشار رمزاً للتصحيح المالية العامة. التقى الاثنان خلال انتخابات الكونغرس لعام2021 ، من خلال صديق كابوتو وزميله في المدرسة، النائب راميرو مارا، وهو حليف مقرّب من ميلي. كان كابوتو يعمل في شركة استشارية في العاصمة الأرجنتينية، فعمل مستشاراً لميلي. وحين قرر الأخير الترشح للرئاسة، تفرغ كابوتو للعمل معه. وكان كابوتو قد خرج من رهان خاسر على الرئيس الأسبق ماوريسيو ماكري، إذ دعا، بصفته مستشاراً له، إلى اتخاذ الخطوات الاقتصادية، التي اتخذها ميلي لاحقاً، لكن ماكري رفض ذلك، بضغط من الدائرة المحيطة به، مما أدى إلى خسارته رئاسيات 2019.

سانتياغو كابوتو انخرط في خلاف مع كارينا ميلي شقيقة الرئيس الأرجنتيني

في المقابل، أنجز ميلي ما لم يعتقد أي سياسي أنه ممكن في الأرجنتين، خفض الإنفاق على دعم الطاقة والرواتب التقاعدية والحكومية والأشغال العامة. في مقابل ذلك، لم تكن كل خيارات كابوتو سليمة، فقد قاطع في فبراير/شباط الماضي، مقابلة تلفزيونية لميلي، هامساً في أذنه، ما دفع المذيع إلى طرح السؤال مجدداً على الرئيس. وأثارت هذه الخطوة جدلاً لدى الأوساط الشعبية، ما حدا بكابوتو إلى عرض استقالته على ميلي في الليلة نفسها، لكن الرئيس رفضها. بعد ذلك، انتقل كابوتو إلى الاستعداد لانتخابات أكتوبر 2025، وسط توقعات بتحقيق ميلي انتصارات تشريعية. مع ذلك، فإن كابوتو انخرط في خلاف مع كارينا ميلي، شقيقة الرئيس الأرجنتيني، ذلك لكونه يسعى لبناء تحالفات مع كتل وسطية، ومنها تلك التي يقودها ماكري، وهو ما لا تريده كارينا ميلي، خشية من تكبيل الرئيس في الكونغرس بفعل التحالفات.

الصراع مع شقيقة الرئيس

ودفع ذلك كارينا لتحذير كابوتو من أنه لن يشارك في تشكيل اللوائح الانتخابية، حتى أن التسريبات في الأرجنتين تؤكد أنها تسعى لإبعاده عن التأثير على قرارات الرئيس. وطلبت كارينا من كابوتو التركيز على الاتصالات والاستراتيجية الانتخابية. لكن لكابوتو سجلا حافلا بالفضائح، ففي أكتوبر 2024، بدا محوراً لأزمة سياسية، بعد أن كشف مقال في صحيفة "لا ناسيون"، كتبته مايا جاستريبلانسكي، أنه تم إنشاء مؤسسة سرية لحزب "لا ليبرتاد أفانزا" الحاكم، لجمع الأموال وتدريب المرشحين تحضيراً لانتخابات أكتوبر، من دون إعلان رسمي. وكشف موقع "لا بوليتيكا أونلاين"، أن المؤسسة تعمل بإدارة فرانشيسكو كابوتو، شقيق سانتياغو كابوتو. وعقدت المؤسسة اجتماعات مع رجال أعمال، طلبت منهم بين 20 ألفا و40 ألف دولار، من أجل السماح لهم بالمشاركة في اجتماع مع ميلي ومع وزير الاقتصاد لويس كابوتو. وهو ما رأته وسائل إعلام أرجنتينية بمثابة محاولة لغسل أموال عند رجال الأعمال. غير أن الأمور ستبقى صعبة على ميلي، بعد اشتباكات بين المشرعين الموالين والمعارضين في الكونغرس، في 2 يوليو/تموز الحالي، حين كانت المعارضة تنوي مناقشة تخفيض رسوم التصدير الزراعي، والتحقيق في فضيحة العملة الرقمية "ليبرا"، التي دعمها ميلي لكنها حققت خسائر بقيمة 250 مليون دولار مع إطلاقها العام الماضي.

(العربي الجديد)

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows