
تجمّع اليوم الأربعاء عدد من الفنانين الفلسطينيين ممن فقدوا مراسمهم خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ واحد وعشرين شهراً، في معرض "العنقاء.. من بين الركام تولد الحكاية" في مدينة غزّة، الذي ينظّم بالتعاون مع وزارة الثقافة الفلسطينية والصندوق الثقافي الفلسطيني.
يضمّ المعرض أعمال 25 فناناً وفنانة تتناول ملامح الحياة اليومية للفلسطينيين خلال حرب الإبادة، وهو نتاج نشاط فني وورش عمل شارك فيها تشكيليون دُمّرت مراسمهم ولوحاتهم التشكيلية وأدوات عملهم، في مسعى لتوثيق تجاربهم ومشاعرهم.
وتعددت الخامات المُستخدمة في اللوحات المشاركة، بين ألوان الباستيل، وألوان الأكريليك، والرسم بالفحم، كذلك تنوعت مواضيعها مع التركيز على مشاهد القصف والتهجير، حيث قدّمت الفنانة نورا القصاصية جوانب منها في سلسلة "أنا ما تبقّى". ووفق تعبير القصاصية لـ"العربي الجديد"، فإن مجموعتها "توثق محاولات النجاة، عبر شهادات عن صراع داخلي تعيشه مع ما خلّفته الحرب والحصار من تصدّعات في الجسد والروح".
وتناولت الفنانة ديانا خزيق في لوحتها الفنية خرائط الإخلاء التي يصدرها الاحتلال الإسرائيلي للمناطق المستهدفة، وتقول إنها حاولت تفسيرها بمنظور أداة صامتة للتهجير، وليست مجرد وسيلة توجيه، قائلة: "هنا تصبح ماكينة الخياطة رمزاً قسرياً لفرض المسارات وفق قرارات مفروضة على السكان، والخيوط ليست مجرد تفاصيل زخرفية، بل مسارات نزوح لا يمكن تجنبها".
أما الفنانة إيناس ريان، فصوّرت لوحتها من منظور مختلف، إذ عكست قصة طفل صغير اسمه "محمد"، عاش تجربة فقدان مؤلمة لأحد أفراد عائلته في الحرب. وتنفّذ الفنانة بسمة الجراح من الزجاج المحطم عملاً تصفه بأنه "يشبه خسارتنا للأصدقاء والأقارب والجيران، وهو فقْد لا يمكن تعويضه حتى بعد الحرب". مضيفة لـ"العربي الجديد" أنها حاولت من خلال عملها "إعادة ترميم" أن تمثّل "النهوض من بين الركام والرماد والانكسار والمضي قدماً متسلحين بالأمل".
وتجسدت ملامح غزة في لوحة الفنان فضل طافش وكأنها وجه امرأة عجوز تنطبع في ملامحها كل الحكايات، ولم يعد الوجه المرسوم مجرد ملامح، بل خريطة لسنوات من الهجرة، والإبادة، والتعب الذي لا ينتهي. ويوضح طافش لـ"العربي الجديد" أن كل تجعيدة في الوجه تروي فصلاً من فصول القهر، وكل نظرة تحمل أثر المجازر، والرحيل القسري، والخيام، والبرد، والجوع، مضيفاً: "تشبه غزة تلك المرأة العجوز التي عاشت النكبة والنكسة، وها هي اليوم تُعيد التجربة بكل ما فيها من وجع، إلا أنها رغم الألم لم تفقد الكرامة أو تنكسر".
بدوره، يقول منسق المعرض الفنان مهند السايس لـ"العربي الجديد" إن "مشروع العنقاء يركز على الدعم المباشر للفنانين، من خلال تنظيم ورشات عمل، ولقاءات فنية مع فنانين من داخل غزة وخارجها، إلى جانب تعزيز التواصل مع المؤسسات الفنية لعرض الأعمال على نطاق أوسع"، مبيناً أن المشروع وفر للفنانين المساحة الخاصة التي تمكنهم من معاودة نشاطهم الفني، بعد مشاركتهم في ورش فنية.

Related News

