
يسود الغموض مصير مئات التونسيين في مخيم الهول الواقع تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) شمال شرقي سورية، حيث تشهد المنطقة بعد سقوط نظام بشار الأسد تغيرات قد يترتب عنها إخلاء المخيم. ويقبع في مخيم الهول منذ سنوات مئات التونسيين، أغلبهم من النساء والأطفال وعوائل مقاتلين سبق لهم الانضمام إلى تنظيم "داعش" الإرهابي، ولم تنجح محاولات المجتمع المدني لمساعدة السلطات على استعادتهم وإعادة تأهيلهم وتصنيف المتورطين في جرائم خطرة.
ووفق إحصاءات صدرت في فبراير/ شباط الماضي، يضمّ المخيم الواقع على بعد 13 كيلومتراً عن الحدود العراقية، نحو 37 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، من بينهم نحو 16 ألف سوري، و15 ألف عراقي، ونحو ستة آلاف من جنسيات أجنبية مختلفة، من بينهم تونسيون.
يؤكد رئيس جمعية التونسيين العالقين بالخارج، محمد إقبال بالرجب، أن تغيرات متسارعة تشهدها سورية قد تؤدي إلى إخلاء قريب للمخيمات في منطقة الحسكة، ما يتطلب وضع خطط استباقية لكيفية التعامل مع الوضع الجديد، وقال إقبال بالرجب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن مئات التونسيين يوجدون في مخيم الهول الذي يتوقع إخلاؤه قريباً بعد بدء ترتيبات لحل المليشيات وإعلان الدولة السورية الموحدة، مشيراً إلى أن تواصل الجمعية مع هؤلاء التونسيين شبه منقطع منذ سنوات، بينما تواصل أسرهم في تونس المساعي لاستعادة الأطفال والنساء خاصة.
وأفاد رئيس جمعية التونسيين العالقين بالخارج إن "ما لا يقل عن 180 طفلاً من أبوين تونسيين يوجدون في مخيم الهول إضافة إلى مئات النساء"، مرجحاً أن يكون جزء منهم قد انتقل للعيش في تركيا بهويات سورية، مشيراً إلى أن تونس "أصبحت تملك الآليات الكافية للتعامل مع وضعية العائدين من بؤر التوتر، ولا سيما الأطفال والنساء، بعد أن جرى في وقت سابق تأهيل دفعة من الأطفال الذين استُرجِعوا من السجون الليبية".
وعام 2023، أعلنت وزيرة الأسرة والطفولة التونسية حينها، آمال بلحاج موسى، أن تونس تمكّنت منذ عام 2018 من استعادة 51 طفلاً من بؤر التوتر، حيث كان آباؤهم "يقاتلون" في تنظيم داعش الإرهابي. وقالت خلال إعلان برنامج وطني لإدماج الأطفال العائدين من بؤر التوتر إنه "استُعيدت 16 طفلة و35 طفلاً راوحت أعمارهم بين 5 و17 سنة، وأُدمِجوا ضمن عائلاتهم الموسعة بمقتضى تدابير صادرة عن قُضاة الأسرة".
وأكد إقبال بالرجب أن الأمم المتحدة تقدم الدعم إلى الدول التي لديها رعايا من بؤر التوتر، لافتاً إلى أن تونس يمكنها الاستفادة من هذا الدعم أو من تجارب مقارنة على غرار تجربتي المغرب والسعودية، وتابع: "جزء مهم من التونسيين في مخيم الهول هم ضحايا أسرهم، ويمكن إعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع"، مشيراً إلى أن العديد من التونسيات القابعات في مخيم الهول "أُجبرن على الدخول إلى سورية من قبل أزواجهن الذين التحقوا بتنظيم "داعش" ، وتعرضهن للاتجار أو إعادة الاتجار والاستغلال الجنسي".
وعام 2022، دعا خبراء حقوق إنسان أمميون تونس إلى التعجيل بإعادة 6 نساء وفتيات تونسيات تراوح أعمارهن بين 3 و22 عاماً، محتجزات في ظروف غير إنسانية في مخيمي الهول والعمارنة في شمال شرق سورية. ووفقاً لبيان صادر عن الخبراء، نشر حينها على موقع الأمم المتحدة، فقد اختُطِفَت أربع فتيات تراوح أعمارهن بين 6 و14 عاماً من قبل والدتهن، ونقلن إلى سورية في عام 2014، وأُلقي القبض عليهن في عام 2019 من قبل القوات الكردية، ليُحتجزن منذ ذلك الحين دون أي إجراءات قانونية. وقال البيان إنه "يجب اعتبار هؤلاء الشابات وأطفالهن ضحايا، ويتعين معاملتهن على هذا النحو. وبدلاً من ذلك، تخلى بلدهن عنهن بسبب صلات والدتهن المزعومة أو انتمائها المزعوم إلى جماعة إرهابية".

Related News


