
لا تزال تداعيات مقتل الجنود الإسرائيليين الخمسة وإصابة 14 آخرين جُلّهم من كتيبة "نيتساح يهودا" في كمين مركّب أعدّته المقاومة الفلسطينية في بيت حانون في قطاع غزة، مساء أمس، تتدحرج ككرة ثلج. فالغضب لم يقتصر على التيار القومي الديني الذي يُشكل قتلاه عموماً النسبة الأكبر من مجمل القتلى الجنود في الحرب، بل امتد ليطاول التيار الحريدي برمّته والمتمسك برفض التجنيد والتهرّب منه.
الكمين، على ما يبدو، أتى بمثابة "طبق من ذهب" للمجتمع الحريدي الشمولي المحافظ، الذي يخوض معركة لإقناع الحكومة بتشريع التهرّب من الخدمة العسكرية، في وقتٍ أعلنت فيه الأحزاب الحريدية مقاطعتها التصويت على قوانين يطرحها الائتلاف، احتجاجاً على قانون التجنيد بصيغته المطروحة.
وفي هذا الإطار، نشر الحاخام الرئيس السابق للتيار الحريدي الشرقي، ورئيس مجلس حكماء التوراة التابع لحزب "شاس"، يتسحاق يوسف، اليوم الثلاثاء، رسالة علنية بشأن مقتل الجنود الخمسة في بيت حانون، بينهم أربعة من كتيبة "نيتساح يهودا" التي يُدمج فيها مقاتلون من خلفية حريدية. في رسالته توجه "الأوّل لصهيون" إلى تلامذة "اليشيفوت" (المعاهد التوراتية) الحريدية بنداء عاجل دعا فيه إلى "تعزيز دراسة التوراة والتمسك بها".
الراف يوسف، شقيق الحاخام الرئيس الحالي، دافيد يوسف، دعا إلى التمسك بالدراسة "خصوصاً في هذه الأيام (الوقت الذي تقترب فيه العطلة الصيفية في اليشيفوت)، التي فيها خشية من قّلة القوة والحيلة؛ حيث تلقينا بأسى كبير نبأ سقوط الجنود الأعزاء، الذين ضحوا بحياتهم من أجل إسرائيل"، معتبراً أنه "تقع على عاتقنا مسؤولية كبيرة جداً".
وتابع الحاخام داعياً إلى إجراء جردة حساب للنفس، معتبراً أن "الكارثة" المتمثلة بمقتل الجنود حصلت بسبب خطيئة ترك التوراة، في إشارة إلى محاولات تجنيد الحريديم الذين يتفرغون للدراسات الدينية. ولفت إلى أن "علينا مسؤولية حساب أنفسنا بسبب الضيق الذي نمر فيه. يجب أن نتمسك بدراسة التوراة لأنها تحمي وتحفظ شعب إسرائيل".
وطالما عبّر الحاخام في السابق عن إدانته لتجنيد الحريديم بشكل جارف، حتّى إنه شدد على أنه "حتّى البطّال (الذي لا يدرس التوراة) يحظر عليه التجنيد". واعتبر أن كل من تجنّد "تلطخ"، إذ قال إن "جميع طلبة اليشيفوت الذين تجندوا للجيش أصبحوا علمانيين. وبعد ذلك تابوا". ودعا طلبة التوراة إلى تمزيق أوامر التجنيد، وأوامر الاعتقال التي تصل إليهم بسبب التخلّف عن الامتثال للخدمة، حتى إنه أقر بأنه مزّق أمر تجنيد بنفسه.
وفي شهر مايو/ أيار هدد يوسف بالهجرة من إسرائيل إذا ما أُنفذت أوامر الاعتقال ضد طلبة اليشيفوت، وهو تهديد مماثل سبق أن هدد فيه على خلفية قانون تجنيد الحريديم، عندما كان لا يزال في منصب الحاخام الرئيس للشرقيين.
رسالة الحاخام أتت بعد يوم واحد من تهديد الأحزاب الحريدية والمعارضة الصهيونية بالامتناع عن التصويت على القوانين التي يطرحها الائتلاف الحاكم في الهيئة العامة للكنيست، وذلك على خلفية صيغة قانون التجنيد المطروح التي لا تلقى رضى الطرفين، وهو ما دفع الائتلاف إلى سحب جميع مشاريع القوانين التي خطط لطرحها.

Related News

