
الرشــــــــــــــــاد بــــــــــــــــرس ــــــ اقتــــــــــصاد
وقفت قيادات مجموعة “بريكس” وقد بدت عليها علامات الثقة والتحدي، خلال قمة استضافها الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، وبدت كأنها إعلان غير مباشر لبداية تحوّل عالمي.
القمة التي حملت لهجة تصعيدية تجاه الغرب، خاصة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جاءت في ظل توسّع غير مسبوق للمجموعة، التي باتت تضم 10 دول تمثل نحو 49% من سكان العالم و39% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفقًا لتقديرات بلومبيرغ.
توسع يعيد رسم المشهد
توسيع التكتل هذا العام رفع من سقف طموحاته، واعتبره مراقبون تهديدًا مباشرًا لمجموعة السبع (G7) التي تهيمن على القرار الاقتصادي العالمي، ولمجموعة العشرين التي فشلت – برأيهم – في تغيير معادلة الهيمنة الغربية.
وخلال يومين من المناقشات في ريو، عبّرت بريكس عن قلقها من تصاعد الرسوم الجمركية والإنفاق العسكري الغربي، كما أدانت الغارات الجوية على إيران، في موقف فُسّر كرسالة سياسية مباشرة إلى واشنطن.
رد ترامب لم يتأخر، إذ هدّد عبر منصته “تروث سوشيال” بفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على كل دولة “تتماهى مع سياسات بريكس المعادية لأميركا”، حسب وصفه.
طموحات متزايدة… وتناقضات داخلية
رغم ثقل بريكس الاقتصادي والجيوسياسي، لا تخلو من خلافات داخلية، خصوصًا التوتر المستمر بين الصين والهند. وقد أثار غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن القمة تساؤلات حول تماسك المجموعة. كما لم تُحسم بعد عضوية السعودية وسط تقارير عن ترددها في الاصطدام بسياسات واشنطن.
ومع ذلك، تشير بلومبيرغ إلى أن “بريكس تجذب طوابير من الدول الراغبة في الانضمام”، وسط تصاعد النزاعات التجارية وانغلاق الأسواق الغربية أمام اقتصادات الجنوب.
تمتلك المجموعة موارد طاقة هائلة، وتضم قوى صناعية كبرى مثل الصين والهند، إلا أنها لم تنجح حتى الآن في تأسيس مؤسسات مالية تضاهي البنك الدولي أو صندوق النقد، رغم إنشاء “بنك التنمية الجديد” عام 2015.
لحظة مفصلية
تأتي هذه التحركات في وقت حرج، حيث تسارع الدول المصدرة لإبرام اتفاقات مع واشنطن قبل الموعد النهائي الذي حدده ترامب، مع تهديدات بفرض ضرائب تصل إلى 30% على الواردات، أبرزها من جنوب أفريقيا.
ورغم عدم صدور بيانات مباشرة ضد واشنطن، إلا أن رسائل القمة كانت واضحة: نهاية التفرد الأميركي قد بدأت، ونظام عالمي جديد قيد التشكل.
قال أحد المشاركين: “الهدف ليس استبدال هيمنة بهيمنة، بل إنهاء الاحتكار السياسي والاقتصادي لعدد محدود من الدول.”
بين الواقع والطموح
مع تصاعد الحرب التجارية والخطابات القومية، يرى محللون أن بريكس تقف أمام فرصة نادرة لتشكيل عالم متعدد الأقطاب. لكن يبقى التحدي الأساسي:
هل تملك المجموعة الأدوات لتجاوز خلافاتها وتحويل قوتها العددية إلى نفوذ فعلي؟ أم أن طموحاتها ستتبدد على صخرة الانقسامات البنيوية؟
المصدر : بلومبيرغ
Related News

