
مي مدحت رائدة أعمال مصرية، تثبت من خلال تجربتها أن الشركات التكنولوجية العالمية يمكن أن تنطلق من القاهرة وتنافس في وادي السيليكون. من القاهرة إلى لندن، أسّست شركتي "إيفينتوس" (Eventtus) و"جيني إيه آي" (Ginni AI)، ونجحت في بيع الأولى لشركة بيفي الأميركية الرائدة في مجال تنظيم الفعاليات الرقمية. في هذا اللقاء مع "العربي الجديد" تكشف عن مسيرتها، وأفكارها حول ريادة الأعمال والذكاء الاصطناعي ومكانة المرأة العربية في هذا القطاع الديناميكي.
كيف بدأت رحلتكِ في ريادة الأعمال؟ وما الذي دفعكِ إلى تأسيس "إيفينتوس"؟
كنت أشعر بشغف كبير لإنجاز شيء مختلف. لدينا في العالم العربي كل المقومات التي تتيح لنا إنشاء شركات قادرة على الانطلاق من مصر والوصول إلى العالمية. جاءت فكرة "إيفينتوس" من تجربتي في حضور فعاليات كثيرة، حيث لاحظت حاجة إلى حلّ تكنولوجي يُحسّن تجربة الحضور. "إيفينتوس"، الذي أسّسته بالشراكة مع نهال فارس عام 2011، هو تطبيق ذكي لإدارة الفعاليات الكبرى مثل المعارض والمؤتمرات. يتيح للمستخدمين التعرف على تفاصيل الحدث والتفاعل مع الحضور وشراء التذاكر ومتابعة المتحدثين. أصبح اليوم من أبرز المنصات في هذا المجال في الشرق الأوسط.
بعد سنوات من تطوير "إيفينتوس"، قرّرتِ بيعها لشركة أميركية. كيف تمّ ذلك؟
لم يكن قراراً سهلاً، لكن كل رائد أعمال يطمح لتوسيع أثر مشروعه. بيع "إيفينتوس" لشركة بيفي مثّل خطوة استراتيجية للوصول إلى جمهور أوسع عالمياً. تنقلنا بين مصر والإمارات العربية المتحدة، وتمكّنا من إنجاز هذه الخطوة بنجاح. تعلّمت أن هذه المرحلة طبيعية في دورة حياة أي شركة ناشئة.
ما الذي ألهمكِ لتأسيس "جيني إيه آي"؟
المبيعات من أكثر التحديات التي تواجه الشركات، خصوصاً مع توسع الفرق وصعوبة متابعة الأداء الفردي. رأيت حاجة إلى حل ذكي يساعد المديرين على تقييم مكالمات فرق المبيعات وتحسينها. "جيني إيه آي" تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل محادثات فرق المبيعات مع العملاء. طورنا مدرباً ذكياً يستمع للمكالمات، ويحللها، ويقدم ملاحظات دقيقة لتحسين الأداء. يرصد الأنماط المتكررة، ويبني خطة تطوير بناءً عليها، ويرسل تنبيهات تلقائية عند رصد مشكلات. "جيني إيه آي" مرن في التعامل مع احتياجات مختلفة بحسب السوق، وقدرته على التكيّف مع خصوصيات كل بلد، خصوصاً في العالم العربي.
ما الذي يميز "جيني إيه آي" من غيرها من المنصات؟ وهل هي قادرة على منافسة الشركات العالمية؟
نعم بالتأكيد. نركّز على الأسواق النامية واللغة العربية بجميع لهجاتها، ونقدم تدريباً مخصصاً بحسب القطاع والسوق، بخاصة في مجالات مثل العقارات والتأمين. هذا التوجّه يجعلنا أكثر قرباً من واقع الشركات العربية مقارنة بالمنصات العالمية.
كيف نجحتِ في بناء شركة ذات طابع دولي انطلقت من مصر؟
"إيفينتوس" بدأت من مصر، ثم توسّعت إلى الإمارات والسعودية، ووصلت إلى أسواق دولية. أما "جيني إيه آي"، فأطلقناها من لندن، واليوم نخدم عملاء في العالم العربي وخارجه. التحدي الأكبر كان في تحديد المنتج المناسب الذي يحقق قيمة حقيقية للعميل. في عالم سريع التغير بفعل الذكاء الاصطناعي، القدرة على التكيّف باتت ضرورية. لكن يبقى التمويل أحد أبرز العقبات التي تواجه أي شركة ناشئة.
هل ترين أن العالم العربي مستعد لتبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي؟
بالتأكيد. هناك اهتمام متزايد من الحكومات، وتمويل لمشاريع الذكاء الاصطناعي. كما أنّ الشركات تبحث عن حلول فعّالة بتكاليف أقل، ما يجعل الذكاء الاصطناعي خياراً جذاباً في ظل التحديات الاقتصادية.
كيف كانت تجربتكِ بصفتك امرأة مصرية تقود شركة تكنولوجية في لندن؟ وما نصيحتك للنساء العربيات؟
التحديات موجودة، لكنها ليست عوائق حقيقية. النجاح في مجال التكنولوجيا يلهم الآخرين. هناك مبادرات كثيرة اليوم تدعم النساء العربيات. نصيحتي لهن: ابدأن الآن، فالعمل والنجاح هما أفضل ردّ على أي صعوبة.
هل تمثيل النساء العربيات على الساحة العالمية لا يزال رمزياً؟
هو ليس رمزياً فقط، لكنه لا يزال في بدايته. الطريق طويل، لكن هناك تقدم مستمر.
هل واجهتِ صعوبات في الحصول على تمويل بصفتك امرأة في مجال التكنولوجيا؟
التمويل تحدٍّ للجميع، لكنه غالباً أصعب بالنسبة للنساء. التمثيل النسائي في قطاع التكنولوجيا لا يزال ضعيفاً، ويجب بذل جهد مضاعف لإقناع المستثمرين. نحتاج إلى إنجازات ملموسة لفرض وجودنا.
شاركتِ في القمة العالمية لريادة الأعمال إلى جانب باراك أوباما (الرئيس الأميركي السابق) ومارك زوكربيرغ (مؤسس شركة ميتا ورئيسها التنفيذي). كيف أثّرت هذه التجربة عليكِ؟
كانت نقطة تحوّل في حياتي. سلطت الضوء على إنجازاتنا، وفتحت أمامي الباب لتمثيل مصر والعالم العربي. تلقيت رسائل من شباب رأوا في قصتي مصدر إلهام، وهذا أعطاني دافعاً للاستمرار.
ما هي التجارب التي شعرتِ فيها أنّكِ أحدثتِ فرقاً في حياة الآخرين؟
تجربتان بارزتان: الأولى بعد القمة العالمية لريادة الأعمال، حين تواصل معي كثيرون وقالوا إنهم شعروا بأنهم قادرون على الحلم. الثانية، عندما يخبرنا العملاء بأن منتجاتنا ساعدتهم فعلياً على تحسين أدائهم. هذه لحظات فخر.
ستشاركين قريباً في مهرجان مسلم تك. ماذا تمثّل لكِ هذه المشاركة؟
أنا متحمسة جداً. المهرجان يركّز على الانتماء لا الجغرافيا، ويجمع شخصيات ملهمة من مجتمعات متنوعة. نحتاج إلى بناء شبكات دعم وتعاون بيننا للاستمرار والازدهار.

Related News


