تقلبات جنونية بأسعار السلع الغذائية في غزة
Arab
6 days ago
share

تشهد الأسواق في قطاع غزة تقلبات حادة وغير مسبوقة في أسعار السلع الأساسية في ظل استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال الشاحنات، الأمر الذي أدى إلى ارتفاعات جنونية في أسعار المواد الغذائية، أبرزها الطحين (الدقيق) والسكر والأرز والزيت النباتي، وسط حالة من التذمّر الشعبي واستنزاف القدرة الشرائية للمواطنين.

وسجلت أسعار الطحين ارتفاعاً بنسبة تقارب 1000%، بينما تجاوزت نسبة الارتفاع في سعر السكر 8000%، وفق معطيات السوق المحلية، هذه الارتفاعات الحادة لم تكن تدريجية بل جاءت على نحوٍ مفاجئ وبفارق زمني قصير.

وكان سعر الطحين قد سجل انخفاضاً من 35 شيكلاً (الدولار يساوي 3.36 شواكل) إلى 25 شيكلاً فور تداول أخبار عن إمكانية دخول شاحنات مساعدات في الأونة الأخيرة، في هبوط بلغت نسبته نحو 30% خلال يوم واحد، لكن سرعان ما عاد السعر للارتفاع إلى 40 شيكلاً في اليوم التالي بعد تعثر دخول الشاحنات، في ارتفاع يقدر بـ60%، في مشهد يعكس حجم التأثر السريع بالأوضاع السياسية والإنسانية.

وقال الشاب الفلسطيني علي بارود من مدينة غزة إنّ هذه التقلبات باتت "ظاهرة يومية"، مشيراً إلى أنّ بضعة تجار هم من يتحكمون في الأسواق دون رقابة حقيقية، مضيفاً: "يتابع الباعة في الأسواق الأخبار، فإذا منعت إسرائيل إدخال الشاحنات يرتفع السعر فوراً، الأسعار خيالية والمواطن لم يعد قادراً على تلبية احتياجاته الأساسية".

وأضاف بارود لـ"العربي الجديد" أن هذه الارتفاعات لم تعد مرتبطة بقلة السلع بالأسواق، بل باتت جزءاً من لعبة السوق والاحتكار، مضيفاً: "أحياناً نرى نفس السلعة موجودة بكثرة في السوق لكن سعرها يرتفع فقط لأنّ هناك حديثاً عن إغلاق أو تأخير في دخول الشاحنات، لم نعد نعرف السعر الحقيقي لأي سلعة وكل شيء بات مرتبطاً بالإشاعات والتوقعات".

من جانبه، قال المسن الفلسطيني أبو رجب شنيورة إنّ "انعدام الرقابة الحكومية سمح للتجار برفع الأسعار بطريقة عشوائية، فبعض السلع قفزت أسعارها في ساعات معدودة دون أن يتغير أي شيء في الكميات أو التوزيع"، مشيراً إلى أن ما تشهده الأسواق ليس مجرد ارتفاع في الأسعار بل انهيار في استقرار السوق وتحكم كامل من فئة قليلة بقوت الناس".

وأرجع المختص في الشأن الاقتصادي محمد بربخ، أسباب هذه الأزمة إلى "سياسة التقطير" في إدخال الشاحنات، موضحاً أن قطاع غزة يحتاج يومياً إلى أكثر من 800 شاحنة، بينما ما تسمح إسرائيل بدخوله لا يتعدى 30 شاحنة في أفضل الأحوال.

وقال بربخ في حديث لـ"العربي الجديد" إن "المساعدات لا تصل لمستحقيها ويجري توزيعها عبر شركة أميركية بالشراكة مع جيش الاحتلال، في وقت يعتمد أكثر من 90% من السكان على المساعدات، مع نسبة فقر تقدّر 92%".

وحذر بربخ من أن منع استيراد السلع التجارية وتفاقم مشكلة السيولة المالية يزيدان الأزمة؛ "إذ يضطر المواطنون للحصول على الكاش مقابل دفع عمولة تصل إلى 45% من قيمة أموالهم البنكية، ما يزيد من التضخم في الأسعار وتآكل قيمة الأموال".

وأضاف: "غياب السوق التجارية الحقيقية حوّل قطاع غزة إلى بيئة استهلاكية مضطربة تعتمد بصورة شبه كاملة على المساعدات، ففي ظل منع الاستيراد وانعدام حركة التبادل الطبيعي لا توجد منافسة ولا أسعار منطقية، فالتجار يضعون التسعيرة وفق المزاج العام، والمواطن هو الخاسر الوحيد وسط انكماش اقتصادي يضرب كل القطاعات، من الغذاء إلى الصحة والتعليم".

بدوره، رأى المختصّ في الشأن الاقتصادي عماد لبد، أن ما يحدث هو "تشوه اقتصادي متعمد"، ويصف الحرب الإسرائيلية على غزة بأنها "اقتصادية بامتياز" تهدف إلى إنهاك السكان اقتصادياً وزيادة التذمر الشعبي، وقال لبد لـ"العربي الجديد": "من يمتلك القوة هو من يحصل على المساعدات بمراكز التوزيع الأميركية، أما الباقون فهم مسحوقون اقتصادياً يعيشون المجاعة وصعوبة تأمين الاحتياجات اليومية وتآكل المدخرات وسط تقلبات سعرية حادة".

وأضاف: "الارتفاعات في الأسعار لا سيّما في السلع الأساسية، تجاوزت في معظمها نسبة 700%، بينما تصل نسبة البطالة في القطاع إلى 83%، وهو ما يعني أن أغلبية سكان القطاع باتوا دون دخل بسبب الحرب التي نجحت خلالها إسرائيل بتدمير المقومات الاقتصادية على نحوٍ شبه كامل"، وأشار إلى أن أحد أبرز مظاهر غياب العدالة الاقتصادية في غزة يتمثل في حرمان فئات واسعة من السكان من الحصول على المساعدات الإنسانية، رغم اعتماد أكثر من 90% من المواطنين عليها لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows