
وصل وزير الخارجية اليوناني، جورج جيرابتريتيس، إلى بنغازي اليوم الأحد، في إطار زيارة رسمية يجريها لقادة السلطة في شرق البلاد، قبل أن يتوجه إلى طرابلس يوم الثلاثاء المقبل. والتقى جيرابتريتيس اللواء المتقاعد خليفة حفتر في مقرّه العسكري بمنطقة الرجمة شرق بنغازي، وناقش معه سبل "تعزيز المصالح المشتركة بين البلدين"، بحسب بيان المكتب الإعلامي لحفتر.
وأشار بيان مكتب حفتر إلى أن الجانبين بحثا التعاون المشترك في مجالات الاقتصاد والتجارة، وأضاف أن حفتر وجه "دعوة إلى الشركات اليونانية المتخصّصة في مجالات الإعمار والبنية التحتية للمساهمة في تنفيذ المشاريع التنموية في مختلف المدن والمناطق الليبية". ورغم اقتضاب بيان حفتر، أكد مصدر برلماني لـ"العربي الجديد" أن الوزير اليوناني ناقش مع حفتر ملفين أساسيَين شكلا محور زيارته لبنغازي، هما ملف ترسيم الحدود البحرية الليبية اليونانية وملف الهجرة غير الشرعية.
وأوضح المصدر أن حفتر طلب من الوزير اليوناني تكثيف الجهود المشتركة بين البلدَين في مواجهة الهجرة غير الشرعية والتنسيق لمكافحتها، لكنه لم يُبدِ تجاوباً كبيراً بشأن ملف ترسيم الحدود البحرية، معتبراً أن الملف من اختصاص الحكومة في بنغازي، بخلاف ملف الهجرة ذي الطابع الأمني، والذي يعني ما سماه بـ"قيادة الجيش". وتتطابق هذه المعلومات مع ما أفاد به مصدر حكومي من طرابلس، الذي أكد بدوره أن جيرابتريتيس سيزور طرابلس يوم الثلاثاء المقبل للقاء رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، ومناقشة ملف ترسيم الحدود البحرية بين البلدَين.
وتأتي زيارة الوزير اليوناني في ظل استعداد مجلس النواب لعرض الاتفاق الموقع بين ليبيا وتركيا عام 2019 بشأن ترسيم الحدود البحرية للتصويت والمصادقة عليه، وفق ما كشفت مصادر برلمانية في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، وأكدت المصادر أن رئاسة مجلس النواب تشهد نقاشات مكثفة بشأن الاتفاق الليبي التركي، وسط ضغوط متزايدة من اليونان، إيطاليا، وفرنسا لإثنائه عن المضي قدماً في المصادقة، في حين يضغط حفتر على المجلس لتسريع الخطوة.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن زيارة جيرابتريتيس لكل من بنغازي وطرابلس مطلع يوليو الجاري تأتي خطوةً استباقية للتأثير على موقف مجلس النواب من الاتفاق الليبي التركي. وعاد ملف الحدود البحرية الليبية إلى واجهة الجدل مؤخراً، بعدما قرّرت أثينا دعوة شركات دولية لمنحها تصاريح استكشاف الهيدروكربونات في مناطق بحرية جنوب جزيرة كريت، متنازع عليها بين ليبيا واليونان. وقد أثار ذلك موجة رفض ليبية، إذ أصدرت الحكومتان في طرابلس وبنغازي بيانات احتجاج مشتركة، متّهمة اليونان بـ"انتهاك صريح للحقوق السيادية الليبية".
وتزامن ذلك مع استدعاء الحكومة في طرابلس للسفير اليوناني، والحكومة في بنغازي للقنصل اليوناني، لتسليمهما مذكرتَي احتجاج رسميتَين ضد الخطوة اليونانية، وتعود جذور التوتر الحالي إلى مذكرة التفاهم البحرية التي وقعتها حكومة الوفاق الوطني السابقة مع تركيا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، لتحديد المناطق الاقتصادية البحرية للبلدَين في شرق البحر المتوسط، ما أثار آنذاك ردود فعل غاضبة من اليونان وقبرص والاتحاد الأوروبي، الذين اعتبروها انتهاكاً لحقوقهم السيادية، وتجدّد الجدل في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، عندما وقعت حكومة الوحدة الوطنية مذكرة تفاهم جديدة مع تركيا تمنح أنقرة حقوق التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية الليبية.
ورغم المعارضة الشديدة التي أبداها مجلس النواب تجاه الاتفاق التركي الليبي عند توقيعه، أعلن المجلس مطلع الشهر الجاري عن تسلمه طلباً من الحكومة المكلفة في بنغازي للمصادقة عليه، ليشكّل لجنة فنية لدراسته، في خطوة أثارت رد فعل غاضباً من اليونان، التي ردت بدعوة الشركات الدولية للتنقيب جنوب كريت.
وتحول الجدل الليبي الداخلي إلى ساحة صراع دبلوماسي أوسع بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، إذ جدّد المجلس الأوروبي نهاية الأسبوع قبل الماضي رفضه للاتفاق الليبي التركي لعام 2019، واصفاً إياه بأنه "انتهاك للحقوق السيادية" لليونان وقبرص، ولا يتوافق مع قانون البحار. وردت تركيا عبر المتحدث باسم وزارة خارجيتها، أونجو كيجلي، مؤكّدة أن الاتفاق "متوافق تماماً مع القانون الدولي"، واتهمت الاتحاد الأوروبي بـ"التحيّز" و"إعاقة السلام والاستقرار الإقليميَين".

Related News

