
سلّط تقرير صادر عن البنك الدولي أخيرا الضوء على الفرص والتحديات التي يواجهها الاقتصاد الليبي في عام 2025، مؤكدًا أن تحقيق تكافؤ الفرص وإعادة تعريف دور الدولة يمثلان ركيزتين أساسيتين لدفع نمو القطاع الخاص وتنويع مصادر الدخل. في الوقت الذي طالب فيه خبراء ليبيون الحكومة بوضع خطة للنهوض الاقتصادي.
ورغم هشاشة الاقتصاد بنيوياً واعتماده الكبير على النفط، أظهرت بيانات 2024 بوادر تعافٍ، حيث نما الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 7.5٪، مدعومًا بالاستهلاك المحلي، مقابل انكماش إجمالي بنسبة 0.6٪ نتيجة انخفاض إنتاج النفط بـ6٪. ويتوقع التقرير الصادر نهاية يونيو/حزيران الماضي، أن يشهد عام 2025 انتعاشة اقتصادية ملحوظة، بدافع من ارتفاع إنتاج النفط إلى 1.3 مليون برميل يوميًا، مع نمو متوقع في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12.3٪. في المقابل، سيظل نمو القطاعات غير النفطية عند 5.7٪، مع تباطؤ محتمل على المدى المتوسط إلى 4%.
دور الدولة في الاقتصاد الليبي
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي الليبي محمد أحمد، إن تقرير البنك الدولي الأخير عن الاقتصاد الليبي يظهر تحولًا كبيرًا في نبرة البنك تجاه دور الدولة في الاقتصاد، حيث يقرّ بوجود المؤسسات المملوكة للدولة عنصرا فاعلا إذا ما خضعت لرقابة وحوكمة صارمتين. هذا التوجه يختلف عن المواقف السابقة للبنك الدولي، التي كانت تميل إلى خصخصة المؤسسات العامة.
وأكّد أحمد لـ"العربي الجديد" أن البنك الدولي أشار في تقريره لأول مرة إلى إجراء تحليل شامل لدور الدولة في الاقتصاد، مع تسليط الضوء على أهمية تحويل المؤسسات العامة من عبء اقتصادي إلى أدوات فاعلة للتنمية. ويعزو هذا التحول وفقا للمحلل الاقتصادي، إلى عاملين رئيسيين؛ الأول إخفاقات الخصخصة في بعض الدول النامية، والثاني دخول نخب جديدة من الدول النامية إلى البنك الدولي التي ساهمت في إعادة صياغة بعض توجهاته الفكرية.
وأضاف أن التقرير أكد أن إصلاح المؤسسات العامة في ليبيا قد يكون ممكنًا إذا خضعت لإصلاحات حوكمية صارمة، مشيرًا إلى نماذج مثل المؤسسة الوطنية للنفط وشركة الخطوط الجوية الليبية. كما أشار إلى تجارب دول قريبة مثل مصر والمغرب في تعزيز رقابة الدولة على المؤسسات العامة.
مؤشرات تفاؤل
وقال أستاذ الاقتصاد في الجامعات الليبية، عادل المقرحي، لـ"العربي الجديد"، إنّ تقرير البنك الدولي يحمل في طياته مؤشرات تفاؤل، لكنه في الوقت نفسه يكشف عن اعتماد مفرط على قطاع النفط في التوقعات المستقبلية، ما قد يُعرّض الاقتصاد الليبي لمخاطر جسيمة. وأكد المقرحي ضرورة أن تضع الحكومة الليبية خطة شاملة للتنويع الاقتصادي، تتجاوز قطاع النفط، من خلال تطوير البنية التحتية الرقمية والصناعية، مشيرًا إلى أن ذلك "يتطلب تشريعات جديدة وإصلاحات مؤسساتية تُنفذ على أرض الواقع".
ورأى المحلل المالي صبري ضوء أن تقرير البنك الدولي يسلط الضوء على نقطة محورية، وهي الحاجة الملحّة لإصلاح المؤسسات العامة. لكنه شدد على أن "الإصلاح الحقيقي ينبغي أن يبدأ من أعلى الهرم، عبر إصلاح النظام السياسي ومنظومة الحوكمة، لأن التحديات الاقتصادية لا يمكن فصلها عن السياق السياسي. وأضاف لـ"العربي الجديد" أنه في ظل النظام السياسي القائم، من الصعب تحقيق استقرار اقتصادي مستدام أو تنفيذ إصلاحات فعّالة على المدى الطويل.

Related News

