
تكررت حوادث الطريق الإقليمي في مصر، وخيّم الحزن على الناس بعد حادث تصادم بين سيارتي ميكروباص في محافظة الجيزة أمس السبت، وتحديداً قرب مدخل منطقة الخطاطبة التابعة لمحافظة المنوفية، خلّف 9 قتلى و10 جرحى، راوحت إصاباتهم بين البالغة والطفيفة. وتسبب الحادث في صدمة بين سكان المنطقة وأهالي الضحايا في ظل تكرار المآسي على هذا الطريق، وسط مطالب متزايدة بوضع حد لنزف الأرواح.
وكانت الطالبة الجامعية منّة أحمد من بين الضحايا. ووفق ما أكدت عائلتها لـ"العربي الجديد"، فقد خرجت على أمل أن تعود سريعاً، لكنها لم تعد. تبكيها والدتها بحرقة، ومشهد نعشها الملفوف في قماش أبيض مزيّن بالورود تحوّل إلى رمز لفاجعة.
خيّم الحزن أيضاً على منزل العامل شريف الذي ترك خلفه خمسة أطفال لم يستوعبوا أن والدهم الذي خرج صباحاً لتحصيل لقمة العيش لن يعود أبداً. وقال أحد أصدقائه: "كان يقول دائماً (أعمل من أجل أولادي)، لكن الطريق خطفه". وشمل ذلك أيضاً عائلة العامل أسامة، وهو أب لثلاثة أطفال قالت شقيقته لـ"العربي الجديد": "كان يصحو مبكراً يومياً لكسب الرزق ويعود بما تيسّر، وهذه المرة لم يعد. لم يكن يملك وظيفة ثابتة، وكان يزاول أعمالاً يومية في البناء أو التوصيل. خطف الحادث روحه، وترك أسرته في دوامة من الألم والقلق على المستقبل".
ووسط أسماء الضحايا ومعاناة ذويهم، لا تزال هناك جثتان مجهولتا الهوية، ما يسلّط الضوء على جانب آخر من المأساة، هو أن أناساً يغادرون الحياة من دون أن يعرف أحد من هم، وأهالٍ ربما كانوا يبحثون عنهم في المستشفيات أو يقلبون صورهم بين مئات الوجوه على مواقع التواصل، بأمل العثور على أثر.
وتحدثت مصادر أمنية لـ"العربي الجديد" عن أن الحادث نتج من انحراف إحدى السيارتين عن مسارها، ما أدى إلى تصادم عنيف بعدما لم يستطع السائق الآخر اتخاذ رد فعل لتفادي الكارثة. وأكدت المعاينة الأولية أن السرعة الزائدة قد تكون العامل الرئيسي في الحادث، علماً أن النيابة العامة وإدارة المرور تجريان فحصاً شاملاً للوقوف على ملابسات ما جرى. ونُقِلت جثث الضحايا إلى مشرحة مستشفى عام، بينما خضع الجرحى لعلاج في مستشفيات قريبة. وتضمنت الإصابات حالات كسور ونزف داخلي وصدمات نفسية شديدة، خصوصاً بين الركاب الذين شهدوا الحادث وفقدوا أقاربهم خلال لحظات.
وأعاد الحادث إلى الأذهان مأساة سابقة راح ضحيتها 18 فتاة من مركز أشمون على الطريق نفسه في وقت سابق من العام الحالي، ما عزز مطالب المواطنين والمتخصصين بإجراء إصلاحات جذرية للطريق الإقليمي، من الناحيتين الهندسية أو المرورية. وهم باتوا يصفونه بأنه "طريق الموت" في ظل ضعف الرقابة المرورية وانتشار القيادة العكسية والتجاوزات القاتلة. وقال أحد السكان: "نعيش على قنبلة موقوتة. يحصد الطريق الأرواح كل فترة ولا يتحرك أحد بجدية. نصحو على الصراخ وننام على الجثث".
ومع تكرار الكوارث أصدرت الرئاسة المصرية قرار غلق الطريق والبحث عن أخرى بديلة، في وقت تتعالى فيه الأصوات لمحاسبة المسؤولين عن تأمين هذا الطريق الحيوي الذي يربط بين محافظات كبرى، ويشهد كثافة مرورية يومية. ورأى خبراء مرور أن غياب الكاميرات والرادارات وعدم وجود فواصل كافية بين الاتجاهين يزيدان الحوادث. ودعت أسر الضحايا إلى فتح تحقيق موسع في الحوادث المتكررة على هذا الطريق، وتكثيف الدوريات الأمنية والرقابة الفنية على السائقين لضمان عدم تكرار الكوارث.

Related News
