لبنان أمام تحدّي الإصلاحات: تأخّر يعرقل مسار المساعدات الخارجية
Arab
1 week ago
share

يتصدّر ملف الإصلاحات الاقتصادية والمالية قائمة التحديات في لبنان إلى جانب تلك المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي المستمرّ على الأراضي اللبنانية واحتكار الدولة لحمل السلاح، حيث لا تزال مسارات الدعم الخارجي مقفلة خصوصاً على مستوى إعادة الإعمار بانتظار الحراك الرسميّ الجدّي باتجاه تنفيذ البرامج الإصلاحية.

ويُعدّ الملف الاقتصادي مترابطاً مع ذاك الأمني وسلّة المطالب الدولية المطلوبة لمساعدة لبنان، ولا سيما منها الأميركية، الأمر الذي ظهر جلياً في المقترح الذي سلّمه المبعوث الأميركي توماس برّاك إلى المسؤولين اللبنانيين، خلال زيارته بيروت في 19 يونيو/حزيران الماضي، وفيه إلى جانب ملف حصر السلاح بيد الدولة، وترسيم الحدود مع سورية وتحسين العلاقات بين البلدين، تنفيذ لبنان إصلاحات مالية واقتصادية ومكافحة اقتصاد الكاش.

وتنكبّ لجنة تمثل الرؤساء الثلاثة في لبنان على عقد اجتماعات في قصر بعبدا من أجل الوصول إلى صيغة موحّدة للردّ على المقترح الأميركي قبيل عودة مرتقبة لبرّاك إلى بيروت مطلع الأسبوع المقبل، مع توافق على عناوين كبرى، أبرزها، "ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، الانسحاب من النقاط الخمس جنوبي البلاد، إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل"، وذلك بحسب ما أكدت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد".

الالتزام بالتعهدات والإصلاحات

وتؤكد المصادر أن "لبنان ملتزم بتعهداته، سواء على مستوى تطبيق بنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبالمضي قدماً نحو احتكار الدولة للسلاح، إلى جانب الملف الإصلاحي الذي انطلق قطاره مع بدء العهد الجديد، وملفات أخرى منها العلاقات مع سورية، في حين أن إسرائيل لم تلتزم وتوصل خرق الاتفاق منذ اليوم الأول، وعليها أن تنفذ تعهداتها، ولبنان يحتاج بالتالي إلى ضمانات".

في الإطار، تقول مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إن "الرئيس جوزاف عون تعهّد منذ انتخابه رئيساً للبلاد في يناير/كانون الثاني الماضي، بتطبيق برنامج إصلاحي يعيد الدولة ومؤسساتها إلى السكة الصحيحة، ويعيد جذب الاستثمارات والمساعدات الخارجية، وهو ماض بهذا الاتجاه، إلى جانب حكومة الرئيس نواف سلام التي التزمت بذلك أيضاً في بيانها الوزاري".

وأشارت المصادر إلى أن "هناك العديد من الخطوات التي اتخذت في الأشهر الماضية على الصعيد الإصلاحي، أبرزها إقرار قانون رفع السرية المصرفية، والنيات جدية لتطبيق المزيد، لكن الأحداث الأمنية التي تحصل ومواصلة العدو الإسرائيلي اعتداءاته على الأراضي اللبنانية، بما يؤثر سلباً على الاستقرار، تؤدي إلى تأخير البحث بالكثير من الملفات، عدا عن التطورات التي حصلت في المنطقة على صعيد الحرب الإسرائيلية الإيرانية والتي كان لها تأثيرها على لبنان".

وتلفت المصادر كذلك إلى أن "المجتمع الدولي عبّر عن ترحيبه بالمسيرة التي بدأها عهد الرئيس عون، وينتظر طبعاً من لبنان الكثير من الخطوات، وقد أبدى استعداده للمساعدة في مسيرة الإصلاحات، وهذا ما أكده رئيس بعثة صندوق النقد الدولي أرنستو راميرز ريجو في زيارته إلى بيروت في يونيو الماضي، ولبنان مصمّم على القيام بالإصلاحات، وتنفيذ الشروط المطلوبة منه".

ورشة تشريعية ضرورية

في السياق، يقول الباحث في المعهد اللبناني لدراسات السوق خالد أبو شقرا لـ"العربي الجديد"، إن "ما أقرّ من إصلاحات مقارنة مع المطلوب من لبنان، قليلٌ جداً، بحيث إنه منذ تشكيل حكومة الرئيس نواف سلام في فبراير/شباط الماضي، لم يتحقق سوى إصلاح أساسي واحد وهو المرتبط بتعديل قانون السرية المصرفية بشكل يتماشى مع المعايير الدولية"، مشدداً على أننا "بحاجة لورشة تشريعية شاملة تتعلق بإقرار قوانين أساسية مطلوبة، منها إعادة هيكلة المصارف وإعادة هيكلة القطاع العام وإعادة جدولة الدين العام، وإنشاء الهيئات الناظمة بالاتصالات والطيران والكهرباء، ووضع مراسيم تطبيقية لقوانين مهمّة موجودة لكن مُعطلّة".

ويردف أبو شقرا "هناك مجموعة من القوانين لم تُقرّ حتى الساعة، أبرزها، قانون إصلاح المصارف وإعادة هيكلتها وقانون الفجوة المالية، عدا عن أن هناك العديد من القوانين التي لم تصدر مراسيمها التطبيقية رغم إقرارها في الأعوام الماضية، منها مثلاً المتعلقة بقانون إنشاء الهيئة الوطنية للمنافسة، وقانون إنتاج الطاقة المتجدّدة الموزعة، وغيرها".

ويتوقف الباحث اللبناني أيضاً عند موضوع في بالغ الأهمية وهو "إدراج مجموعة العمل المالي (FATF) لبنان على لائحتها الرمادية للدول الخاضعة لتدقيق خاص، عام 2024، ومن ثم في الشهر الماضي، إعادة إدراج لبنان من قبل الاتحاد الأوروبي على لائحة الدول عالية المخاطر بما خصّ مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب".

ويقول "بحسب معلوماتي فإن هذا الموضوع يدرس تحديداً في وزارة العدل ومصرف لبنان، الهيئة المصرفية العليا وهيئة التحقيق الخاصة، من أجل تطبيق البنود العشرة المطلوبة من قبل "فاتف" وبشكل أساسي لجهة شبك المعلومات، تشديد العقوبات، وموضوع مراقبة القطاعات ذات الصلة مثلاً قد يكون مجموعة كبيرة من الكتاب العدل وتجار المجوهرات وغير ذلك، ومنها أيضاً مكافحة الاقتصاد النقدي الذي هو سبب أساسي من الأسباب التي تؤدي إلى تبييض الأموال، وحجمه في لبنان يفوق الخمسين في المائة وله تأثيراته على الاقتصاد، سواء لجهة الثقة أو كذلك تراجع إيرادات الدولة".

ويشير أبو شقرا إلى أن "المطلوب أميركياً بالإضافة إلى تطبيق القرار الأممي 1701 وحصر السلاح بيد الدولة، مكافحة اقتصاد الكاش، وإعادة هيكلة المصارف، وهي مطالب تتقاطع مع الاتحاد الأوروبي ومجموعة العمل المالي والدول المانحة والدول العربية، ويبدو أن لبنان لن يحصل على مساعدات ما لم يحقق هذه المطالب".

على مستوى ثانٍ، أنهى حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، يوم الاثنين الماضي، مشاورات تقنية رفيعة المستوى في باريس وواشنطن، تناولت مسار الإصلاحات الهيكلية في القطاع المصرفي اللبناني، وسبل دعمها تشريعياً وتنفيذياً ضمن إطار زمني محدد ووفقاً للقدرات المتاحة. وعقد الحاكم اجتماعاً في باريس مع كبار مسؤولي الخزانة الفرنسية، خُصِّص لبحث المعايير التقنية المطلوبة لوضع خريطة طريق لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، على أن تكون منسّقة على المستوى الوطني، وتتيح معالجة تدريجية لحقوق المودعين.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows