التقدم الروسي بمقاطعة سومي: منطقة عازلة أم تمهيد للضم؟
Arab
1 week ago
share

سومي مدينة أوكرانية على بعد 30 كيلومتراً فقط عن الحدود مع روسيا، تنال منذ أسابيع عدة حيزاً من عناوين الصحافة العالمية على ضوء شن القوات الروسية تقدما صوبها وتلميح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى إمكانية السيطرة عليها في إطار إقامة المنطقة العازلة التي تحدث عنها مراراً لتجنب تعرض المقاطعات الحدودية الروسية لهجمات أوكرانية مستمرة. ومن مؤشرات عزم الكرملين مواصلة التقدم في أوكرانيا، ما أكده بوتين في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي، دونالد ترامب، هو السادس من نوعه، أمس الأول الخميس، بشأن مواصلة موسكو "تحقيق أهدافها، أي إزالة الأسباب الجذرية المعروفة للنزاع، التي أفضت إلى الوضع الراهن للأمور"، وتأكيده أن "روسيا لن تتراجع عن هذه الأهداف"، وفق ما كشف عنه معاون الرئيس الروسي للشؤون الخارجية، يوري أوشاكوف، في ختام الاتصال.

تاريخ سومي

في عام 1503، أسفرت عملية ترسيم الحدود بين الدولة الروسية ودوقية ليتوانيا الكبرى عن انتقال الأراضي الحالية لمقاطعة سومي إلى سيادة موسكو في عهد القيصر إيفان الثالث المنتمي إلى سلالة ريوريكوفيتش. إلا أن هذه الأراضي ظلت غير مأهولة في تلك الفترة بسبب كثرة هجمات التتار. وفي عام 1653، أسس العقيد غيراسيم كوندراتييف مدينة سومي، بينما تأسست مقاطعة سومي في عهد الاتحاد السوفييتي في عام 1939 ضمن حدود جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفييتية ثم أوكرانيا المستقلة بعد تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991.

ألكسندر تشالينكو:  تسعى روسيا لإقامة منطقة عازلة بعمق ما بين 20 و30 كيلومتراً

واعتبر المحلل السياسي والصحافي المتخصص في الشأن الأوكراني المقيم في موسكو، ألكسندر تشالينكو، أن التاريخ الطويل لمقاطعة سومي ضمن الدولة الروسية يوفر لموسكو غطاء وأرضية تاريخية للسيطرة عليها وإجراء استفتاء الانضمام لروسيا أو إقامة منطقة عازلة في المناطق الحدودية على الأقل. وقال تشالينكو الذي تعود أصوله إلى مدينة دونيتسك شرقي أوكرانيا وزار منطقة القتال مرات عدة، في حديث لـ"العربي الجديد": "مقاطعة سومي متاخمة لمقاطعة كورسك، ولذلك استخدمتها القوات المسلحة الأوكرانية للتوغل في مدينة سودجا الحدودية في مقاطعة كورسك في أغسطس/آب من العام الماضي، ولمنع تكرار ذلك تسعى روسيا لإقامة منطقة عازلة بعمق ما بين 20 و30 كيلومتراً حتى تصبح الأراضي الروسية المعترف بها دولياً خارج مدى الأسلحة المدفعية الأوكرانية". ومع ذلك، توقع أن تقبل أوكرانيا بالعزوف عن شن ضربات على الأراضي الروسية من داخل مقاطعة سومي، حتى من دون وصول قوات الجيش الروسي إلى المركز الإداري للمقاطعة في حال استشعرت جدية خطر سقوط سومي.

بدوره، اعتبر المحلل في مركز الاتصال الاستراتيجي والأمن المعلوماتي في كييف، مكسيم يالي، هو الآخر أن التقدم الروسي في مقاطعة سومي يندرج ضمن المساعي لإقامة المنطقة العازلة وإطالة خط الجبهة لتشتيت القوات الأوكرانية. وقال يالي في حديثٍ مع "العربي الجديد": "يتواصل تقدم القوات الروسية في مقاطعة سومي منذ أسابيع بل أشهر، ضمن رؤية إقامة ما يعرف بالمنطقة العازلة كما أكد بوتين مراراً، وفي إطار الاستعدادات للتقدم الصيفي في مساع من الجيش الروسي لزيادة طول خط الجبهة لتشتيت القوات الأوكرانية، وتحقيق تقدم على مختلف الجبهات والسيطرة على مزيد من الأراضي لتحسين المواقع التفاوضية".

من جهته شكّك المدون الحربي الروسي المعارض، مؤسس مجموعة "كونفليكت إنتليجنس تيم" (Conflict Intelligence Team) المعنية بالتحقيقات في النزاعات العسكرية المقيم في الولايات المتحدة، رسلان ليفييف، في قدرة القوات الروسية على الوصول إلى سومي التي تبعد عن الحدود 30 كيلومتراً. وقال ليفييف في نشرة أسبوعية حول آخر التطورات الميدانية في أوكرانيا يقدمها عبر موقع "يوتيوب": "حققت القوات الروسية تقدماً في محيط بلدة يوناكوفكا، وسيطرت على بلدة نوفونيكولايفكا، وقد تتقدم أربعة أو خمسة كيلومترات أخرى وتصل إلى بلدتي خوتين وبيساريفكا". ولفت إلى أنه "في الفترة الأخيرة جرت أحاديث كثيرة حول اختبار روسيا مسيرات متطورة ذات مدى 50 كيلومتراً في مقاطعة سومي وإمكانية قطع كافة اللوجستيات الأوكرانية على هذه المسافة، مضيفاً في الوقت نفسه: "لا أعتقد أن هذا الأمر وارد، لأن اللوجستيات لا تجري عبر طريق واحد، ما يعني أنه يجب السيطرة على كافة الطرق على هذه المسافة وعلى كافة الاتجاهات من الخط الأمامي للجبهة"، لقطع اللوجستيات عن قوات الجيش الأوكراني بشكل كامل.


رسلان ليفييف: لن يكون سهلاً على الروس قطع الإمداد عن الجيش الأوكراني

قطع طريق إمداد أوكراني

وضرب ليفييف مثلاً على ذلك، موضحاً أن إقصاء القوات الأوكرانية من مقاطعة كورسك يرجع إلى "السيطرة النارية على طرق إمداد الجيش الأوكراني من مسافة بين سبعة وعشرة كيلومترات"، بينما تتطلب السيطرة النارية على مسافة تبعد 50 كيلومتراً "عدداً فلكياً" من المسيرات ومشغليها. وتابع أن "تحليق المسيرة إلى مسافة بعيدة يؤدي إلى تراجع شحنها ويقلل الوقت المتوفر للتصويب على الأهداف". وخلص ليفييف إلى أن ذلك ينطبق أيضاً على القوات البرية الروسية من جهة قدرتها على السيطرة على مسافة في حدود 10 كيلومترات فقط داخل مقاطعة سومي لا 30 كيلومتراً.

وكان بوتين قد قال خلال منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في يونيو/حزيران الماضي: "ليست أمامنا مهمة الاستيلاء على سومي، ولكنني لا أستبعد ذلك من حيث المبدأ". وأضاف خلال اليوم الختامي من المنتدى في 20 يونيو الماضي: "أكدت مراراً أنني أعتبر الشعبين الروسي والأوكراني شعباً واحداً، وبهذا المعنى، فإن أوكرانيا كلها لنا". وتابع قائلاً إن "المسوغات التي نالت أوكرانيا استقلالها وسيادتها بموجبها، منصوص عليها في بيان الاستقلال لعام 1991، وهو ينص بوضوح على أن أوكرانيا دولة خارج الأحلاف وغير نووية ومحايدة. حبذا أن نعود إلى هذه القيم الأساسية التي نالت أوكرانيا استقلالها وسيادتها بناء عليها".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows