
سُجّلت في ريف محافظة اللاذقية شمال غربي سورية، اليوم الجمعة، حرائق من بين الأصعب التي تواجهها البلاد في الفترة الأخيرة، وراحت رقعة النيران تتوسّع بسرعة نتيجة اشتداد الرياح في منطقة جبل التركمان الحرجية، وسط مخاوف من امتدادها إلى القرى السكنية المجاورة.
وأفاد مدير مديرية الدفاع المدني السوري في محافظة اللاذقية عبد كيال، عقب اندلاع حرائق غابات عصر اليوم الجمعة، بأنّ "فرق الدفاع المدني السوري ما زالت تعمل لإخماد الحرائق التي اندلعت البارحة في منطقة البسيط وقسطل معاف ومنطقة جبل التركمان" عموماً، وأضاف بحسب معرفات الدفاع المدني، أنّ الحرائق الأخيرة تُعَدّ من بين الأصعب، لجهة وعورة الطرقات، ووجود ألغام وذخائر غير منفجرة، وكذلك لجهة صعوبة الوصول إلى بؤر النيران وعدم توفّر خطوط إطفاء قريبة. وأوضح كيال أنّ مساحة الحرائق تخطّت 20 كيلومتراً "كقطر بين هذه المناطق، ما أدّى إلى انقطاع بعض الطرقات بفعل امتداد النيران إليها".
وأشار كيال إلى أنّ "الطرقات الواصلة بين البسيط وقسطل معاف والبيت القصير وبعض القرى المجاورة تأثّرت بشدة"، بالتالي "نهيب بأهلنا المدنيين عدم سلوك هذه الطرقات خلال هذه الفترة"، إذ إنّ عدداً منها قُطع بالكامل بسبب سقوط الأشجار، الأمر الذي قد يتسبّب في أضرار بشرية جسيمة، وأضاف: "كذلك ندعو أهلنا المقيمين في هذه المناطق الحرجية إلى توخّي الحذر، وإخلاء المنطقة مؤقتاً" ريثما تجري السيطرة على الحرائق، مؤكداً أنّه "حتّى الآن لا توجد سيطرة كاملة".
وتابع مدير مديرية الدفاع المدني السوري في محافظة اللاذقية أنّ نسبة السيطرة على الحرائق "ما زالت منخفضة بسبب سرعة الرياح التي اشتدّت بعد ظهر اليوم، والتي كانت من أهمّ العوامل التي فاقمت الوضع كثيراً"، إذ إنّ "الحرائق امتدّت إلى مناطق جديدة وضاعفت من حجم الصعوبات التي نواجهها عموماً"، لكنّه عبّر في الوقت نفسه عن أمل بتحسّن الوضع وزيادة نسبة السيطرة في الساعات المقبلة، ولفت كيال إلى تنسيق من أجل إرسال مؤازرات من المحافظات السورية الأخرى، بما في ذلك دمشق وحمص وحلب وإدلب وحماة، بالإضافة إلى محافظات قريبة مثل طرطوس. وأكد: "نحن نحاول استثمار كلّ الجهود المتاحة" من أجل إنهاء الحرائق في "أسرع وقت ممكن، وحماية هذه المساحات الخضراء التي نخسرها، والتي تُعَدّ من أهمّ العوامل التي تحافظ على التوازن البيئي".
توسّع ملحوظ في حرائق غابات ريف اللاذقية
بدوره، قال وزير الطوارئ والكوارث في سورية رائد الصالح إنّ حرائق الغابات في ريف اللاذقية شهدت في خلال الساعات الماضية توسّعاً ملحوظاً، وأشار إلى أنّ فرق الإطفاء في الدفاع المدني السوري وأفواج الإطفاء الحرجي تواصل جهودها في الاستجابة للحرائق منذ اندلاعها أمس الخميس. وأوضح الصالح أنّ منطقة قسطل معاف تحديداً شهدت توسّعاً في رقعة الحرائق، وذلك مع اشتداد الرياح وارتفاع درجات الحرارة، الأمر الذي زاد من تعقيد مهمّة السيطرة على النيران.
وأكد الصالح أنّ تعزيزات إضافية أُرسلت، صباح اليوم الجمعة، من محافظات عدّة لدعم فرق الإطفاء العاملة في الموقع، مضيفاً أنّ فرق الإطفاء تواجه صعوبات كبيرة على الأرض نتيجة تضاريس المنطقة وعدم توفّر طرقات مجهّزة للوصول إلى بؤر النيران، إلى جانب بُعد مصادر التزوّد بالمياه. وبيّن الصالح أنّ غياب خطط التأهيل المسبقة للغابات وصيانة الطرقات الحرجية زاد من صعوبة المهمّة، في وقت تمثّل فيه مخلّفات الحرب، بما فيها الألغام والذخائر غير المنفجرة، خطراً إضافياً على فرق الإطفاء، وشدّد على أنّ وزارة الطوارئ والكوارث تتابع عن قرب مستجدّات الحالة الميدانية، من أجل ضمان سلامة المدنيين وحماية الغطاء الحرجي، فيما يستمرّ التنسيق مع باقي الوزارات والجهات المختصة في الدولة لمواجهة الحرائق والحدّ من أضرارها.
في سياق متصل، قال مدير مديرية الصحة في اللاذقية خليل الآغا، وفقاً لما نقلته قناة الإخبارية السورية، إنّ "الحرائق لم تصل إلى المناطق السكنية حتى الآن"، فيما سُجّلت "إصابتان طفيفتان" ونُقل الشخصان المعنيّان إلى المستشفى.
الدفاع المدني يواصل جهوده وسط النيران
من جهة أخرى، تواصل فرق الإطفاء لدى مؤسّسة الدفاع المدني السوري جهودها لإخماد حريق آخر اندلع، عصر اليوم الجمعة، وامتدّ في أحد الأحراج بفعل شدّة الرياح بين مشروع دمر وقصر الشعب في دمشق. ووفقاً لمصادر ميدانية، فإنّ الحريق اندلع في خارج قصر الشعب، في مطبخ وسكن بالحرج.
وكانت فرق الدفاع المدني السوري والإطفاء قد تمكّنت قبل يومَين من إخماد حرائق واسعة اندلعت في جبل الأكراد بريف اللاذقية، وذلك وسط زيادة كبيرة في أعداد الحرائق المسجّلة في خلال الأيام الأخيرة. وأفادت مؤسّسة الدفاع المدني السوري، عبر معرفاتها الرسمية حينها، بأنّ غابات حرجية وأشجاراً عمرها آلاف السنين أتلفتها نيران وحرائق ملتهبة في مناطق وادي باصور وشلف وكفرتة في جبل الأكراد بريف اللاذقية.
يُذكر أنّ جبال الساحل السوري شهدت، الشهرَ الماضي، سلسلة من الحرائق التي أتت على أكثر من 30 هكتاراً من الأراضي الحرجية في غابات جبل التركمان التي تُعَدّ من بين أغنى وأكثف الغابات الطبيعية في سورية. وتُعرَف هذه المنطقة بكثافتها الحرجية وتنوّعها البيئي، لكنّها تعرّضت في السنوات الماضية لحرائق متكرّرة أدت إلى تآكل جزء كبير من غطائها النباتي. وتتعدّد أسباب اندلاع هذه الحرائق بين عوامل طبيعية مثل ارتفاع درجات الحرارة وجفاف الأعشاب، وأسباب بشرية تتعلّق بممارسات التحطيب الجائر والتعديات المستمرة على الغابات، الأمر الذي يزيد من هشاشة المنظومة البيئية في المنطقة ويهدّد بتفاقم خسائرها مستقبلاً.

Related News

