
أفادت منظمة الصحة العالمية بأنّ مجمّع ناصر الطبي في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة تحوّل إلى "جناح واحد ضخم لعلاج الإصابات" بعد تدفّق الجرحى الذين يسقطون في مواقع توزيع الأغذية التي تديرها "مؤسسة غزة الإنسانية" من خارج آليات الأمم المتحدة. وكانت المؤسسة، المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، قد بدأت بتوزيع طرود غذائية في مناطق من قطاع غزة، أواخر مايو/ أيار الماضي، وأشرفت على آلية مساعدات جديدة وصفتها الأمم المتحدة بأنّها غير محايدة وغير منصفة.
وقال ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ريك بيبركورن أمام الصحافيين في جنيف، إنّ الطاقم الطبي العامل في مجمّع ناصر الطبي "يشهد منذ أسابيع (ورود) إصابات يومية... أغلبها يأتي ممّا يسمّى مواقع آمنة غير تابعة للأمم المتحدة مخصّصة لتوزيع الأغذية"، مؤكداً أنّ المستشفى يعمل الآن بوصفه جناحاً لعلاج الجرحى.
وإلى جانب الجرحى الذين يسقطون وهم يحاولون الحصول على بعض مساعدات في إطار آلية المساعدات الجديدة في قطاع غزة، فقد سقط مئات الشهداء، بحسب بيانات الأمم المتحدة. وقد دعت 171 منظمة غير حكومية، في الأوّل من يوليو/ تموز الجاري، إلى إنهاء نشاط "مؤسسة غزة الإنسانية" وتفكيك منظومة توزيع المساعدات الغذائية المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل بسبب مخاوف من تعريضها المدنيين لخطر الموت والإصابة. وفي هذا الإطار، كان برنامج الأغذية العالمي قد ندّد، في 18 يونيو/ حزيران الماضي، بـ"كلّ عنف يؤدّي إلى مقتل أو إصابة أشخاص جائعين يحاولون الحصول على مساعدات" في قطاع غزة المحاصر، ووصف الأمر بأنّه "غير مقبول على الإطلاق".
#Gaza
— United Nations Geneva (@UNGeneva) June 17, 2025
"We have to be aware that the recent food distribution initiatives by non-UN actors every time result in mass casualty incidents." - @WHO pic.twitter.com/uCOIJTwnv1
في سياق متصل، ذكرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، أنّها سجّلت مقتل ما لا يقلّ عن 613 شخصاً في محيط نقاط توزيع المساعدات التي تديرها "مؤسسة غزة الإنسانية" وبالقرب من قوافل الإغاثة الإنسانية في القطاع. وقالت المتحدثة باسم المفوضية رافينا شامداساني أمام الصحافيين في جنيف إنّ "هذا العدد حتى 27 يونيو الماضي"، مشيرةً إلى "حوادث أخرى وقعت... منذ ذلك الحين". وأوضحت المفوضية أنّ 509 أشخاص، من بين الإجمالي البالغ 613 شخصاً، قُتلوا بالقرب من نقاط "مؤسسة غزة الإنسانية" لتوزيع الأغذية.
تجدر الإشارة إلى أنّ وكالات عدّة تابعة للأمم المتحدة كانت قد انتقدت آلية المساعدات المعتمدة أخيراً في قطاع غزة، وذلك في أكثر من مناسبة. وقد حذّر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، مرّات عدّة، من أنّ آلية المساعدات الأميركية المزعومة "لن تعالج الجوع المتفاقم"، مضيفاً أنّه "لا يمكن لألعاب الجوع المرعبة أن تصير واقعاً جديداً". وقد وصف هذه الآلية التي تأتي من خارج إشراف الأمم المتحدة بأنّها "مهينة جداً ومذلّة وتُعرّض الأرواح للخطر".
بدوره، انتقد المتحدّث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) جيمس إلدر آلية توزيع المساعدات المستجدّة التي تُفرَض من خلال "مؤسّسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، ووصفها بأنّها "عسكرية الطابع" وتشمل فقط مواقع محدودة للتوزيع. وأوضح أنّ "هذا النظام يؤدّي يومياً إلى سقوط ضحايا، إذ يُقتَل أطفال فقط لأنّهم كانوا يحاولون الحصول على علبة طعام"، وحذّر من أنّ "الآن، صُمّم نظام (من إسرائيل) عمداً لدفع السكان من شمالي القطاع إلى جنوبيه، وهو يهدّد بتقويض نظام توزيع المساعدات الفعّال الذي أنشأناه (الأمم المتحدة)".
وبيّنت منظمة الصحة العالمية أنّ المئات، معظمهم من الفتيان الصغار، يتلقّون العلاج من إصابات مفاجئة وخطرة، من بينها إصابات ناجمة عن طلقات نارية في الرأس والصدر والركبتَين. وقال بيبركورن إنّ شهادات العاملين الصحيين في مجمّع ناصر الطبي وكذلك شهادات أفراد عائلات الجرحى ومرافقيهم وأصدقائهم أكدت أنّ الضحايا كانوا يحاولون الحصول على المساعدة في المواقع التي تديرها "مؤسسة غزة الإنسانية" عندما تعرّضوا للإصابة.
وتحدّث ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عن حالتَي صبيّ يبلغ من العمر 13 عاماً أُصيب برصاصة في الرأس وشاب في الـ21 من عمره أُصيب برصاصة في رقبته أدّت إلى شلله نصفياً. أضاف بيبركورن أنّ "لا أمل في حدوث أيّ تحوّل أو أيّ علاج مناسب"، وحذّر من أنّ "حياة الشباب تُدمَّر إلى الأبد"، فيما دعا إلى وقف القتال والسماح بإدخال مزيد من المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد سمح في 19 مايو الماضي بإعادة إدخال إمدادات محدودة إلى قطاع غزة بعد حصار مشدّد فرضه لمدّة 11 أسبوعاً، منذ الثاني من مارس/ آذار الماضي، منع خلاله إدخال المساعدات الإنسانية كلياً إلى القطاع الذي يستهدفه بحرب مدمّرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. يُذكر أنّ هدنة هشّة كانت قد أُعلنت في القطاع، غير أنّها لم تدم شهرَين إذ استأنف الاحتلال عدوانه في 18 مارس الماضي، علماً أنّ خروقات عدّة تخلّلت هذه الهدنة منذ دخولها حيّز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي.
(رويترز، العربي الجديد)

Related News
