
أنهت سلطات تونس أزمة الأطباء الشبان بعد التوصل إلى اتفاق بين وزارة الصحة والمنظمة التونسية للأطباء الشبان، إثر وساطات قادتها الهيئة الوطنية لعمادة الأطباء، ما أفضى إلى إلغاء الإضراب المفتوح الذي خاضه الأطباء احتجاجاً على ظروف العمل والتدريب على امتداد سنوات الدراسة.
ودعت وزارة الصحة في ساعة متأخرة من مساء أمس الخميس الأطباء المقيمين إلى اختيار مراكز التربص وفق روزنامة نشرتها على صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، بينما أعلنت المنظمة التونسية للأطباء الشبان التوصل إلى اتفاق مع الوزارة بعد مفاوضات دامت أكثر من 12 ساعة متواصلة. وحاولت وزارة الصحة قبل التوصل إلى حلول عبر المفاوضات كسر إضراب الأطباء الشبان عبر اللجوء إلى آلية التسخير (آلية قانونية تستعمل لضمان استمرارية العمل والحد من فعالية الاضرابات) لإجبارهم على العودة إلى مراكز العمل في المستشفيات، ما زاد في احتقان الأجواء بين الطرفين.
وقبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات أمس الخميس، أعلن مجلس عمادة هيئة الأطباء في بيان على صفحته الرسمية على "فيسبوك" عقد اجتماع مع ممثلي الأطباء الشبان بمقرّ المجلس الوطني لعمادة الأطباء، وذلك من أجل البحث عن حلّ للأزمة. وأكد بروز مؤشرات أولى نحو التهدئة وإيجاد حل للأزمة، قبل أن يُعلَن عن التسوية النهائية في محضر اتفاق جرى توقيعه عقب المفاوضات.
ولاقت تحركات الأطباء الشبان منذ بدايتها، في إبريل/ نيسان الماضي، دعماً من مختلف المنظمات والهياكل المهنية الصحية. وقال رئيس المنظمة التونسية للأطباء الشبان وجيه ذكار إن النضالات التي خاضها الأطباء منذ أشهر أفضت إلى توقيع اتفاق مهم ينهي جزءاً من أزمة الأطباء الشبان التي تتعلق أساساً بمسار التكوين والتدريب إلى جانب تحسين ظروف عملهم.
وأكد ذكار في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الأطباء المقيمين سيشرعون بداية من اليوم الجمعة في اختيار مراكز تربصاتهم وفق للقوانين المنظمة لمسار التكوين الطبي. وأضاف: "هذا انتصار للصحة العمومية وتمسك بحق التونسيين في ظروف علاج جيدة يؤمنها أطباء تونسيون من مختلف الأعمار".
يذكر أن الأشهر الأخيرة شهدت عدّة تحركات احتجاجية نفذها الأطباء الداخليون والمقيمون في مختلف المستشفيات الجامعية، رافعين شعارات تطالب بتحسين ظروف التكوين ومراجعة الأجور والمنح وتوفير الحماية القانونية أثناء أداء المهام، إضافة إلى إصلاح المنظومة الصحية وتعزيز الموارد البشرية. وطالب الأطباء الشبان بتحسين ظروف التكوين الطبي من خلال مراجعة البرامج التعليمية وتوفير المعدات الضرورية داخل المستشفيات إلى جانب تسوية وضعياتهم المهنية، خاصة ما يتعلق بالحق في اختيار مراكز التربص وتحسين منحة الاستمرار والتغطية الاجتماعية، إلى جانب مراجعة قانون الخدمة المدنية الإجبارية الذي يعتبره الأطباء الشبان مجحفاً وغير عادل، خاصة في غياب ظروف عمل مناسبة في المناطق الداخلية.
وعبّرت الهياكل النقابية، مثل نقابة الأطباء والصيدلة وأطباء الأسنان، عن دعمها التحركات داعية إلى تبني مقاربة شاملة لإصلاح القطاع الصحي ككل، من خلال تحسين البنية التحتية ودعم الميزانية المرصودة للصحة وتثبيت الكفاءات الطبية في تونس. واعتبر أطباء ورؤساء أقسام استشفائية أن الاستجابة لمطالب شباب المهنة لا تُعدّ فقط خطوة نحو إنصاف فئة حيوية من الجسم الطبي، بل هي ضرورة عاجلة لضمان استقرار المنظومة الصحية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن التونسي.

Related News
