العراق يستعد لسلسلة من العواصف الترابية: التغير المناخي يتفاقم
Arab
5 hours ago
share

مع إصدار هيئة الأنواء الجوية العراقية تحذيراً من العواصف الترابية المحمّلة بموجة غبار واسعة ستضرب البلاد خلال الساعات القليلة المقبلة، يتهيأ العراقيون في مناطق غرب ووسط وشمالي البلاد بسلسلة من الإجراءات التي قد تساعد في التخفيف من آثارها.

ووفقاً لتحذير أصدرته هيئة الأنواء الجوية العراقية، ليلة أمس الاثنين، فإن البلاد ستتعرّض لموجة غبار واسعة النطاق من شمال غرب البلاد باتجاه المناطق الوسطى والجنوبية وباقي مناطق الشمال، يؤدي لانخفاض مستوى الرؤية. وذكرت الهيئة في بيان لها أن "صور الأقمار الصناعية تشير إلى اندفاع موجة غبار واسعة النطاق من شمال غرب البلاد باتجاه المناطق الوسطى والجنوبية وباقي مناطق الشمال، بتأثير كتلة هوائية معتدلة أدت إلى انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة وتراجع واضح في مدى الرؤية الأفقية في عدة مناطق".

ودعا البيان إلى "أخذ الحيطة أثناء القيادة والتنقل هذه الليلة، خاصة في المناطق التي تشهد تردياً في مدى الرؤية الأفقية"، فيما أوضح المتحدث باسم الهيئة عامر الجابري، بحسب وكالة الأنباء العراقية الرسمية، أن "هناك كتلاً هوائية من الأقسام الشمالية الغربية من البلاد كان تأثيرها واضحاً في تصاعد الغبار"، مبيناً أن "هناك تحركاً للغبار نحو الجهة الشرقية من المنطقة الشمالية، ولا يوجد أي تأثير على العاصمة بغداد، لأن مدى الرؤية طبيعي، حيث لا يؤثر على حركة السير ولا على حركة الملاحة الجوية"، وأضاف أنه "منذ شهر نيسان الماضي بدأنا بمنخفضات جوية التي كانت تأتي من شمال أفريقيا والآن نحن ضمن المنخفض الموسمي الحراري الذي كان تأثيره واضحاً على البلاد"، مؤكداً أن "هذه المنخفضات ترافقها ببعض الأحيان كتل هوائية والفوارق الحرارية تسبب غالباً تصاعداً للغبار، ولذلك نلاحظ الطقس في حالة عدم استقرار".

ومطلع العام الحالي، أطلقت الحكومة العراقية مبادرات للحد من الظاهرة، أبرزها مشروع لزراعة مليون شجرة، للحدّ من التصحر، غير أن التنفيذ بقي ضعيفاً، وعشوائياً، في وقت يطالب فيه مختصون بأن تكون الحملة من خلال زراعة أحزمة خضراء حول المدن ووقف التجريف الجائر للبساتين، والاستعانة بزراعة الأشجار العالية التي لا تُكلف الكثير من الرعاية أو المياه. 

إجراءات خاصة لاستقبال العواصف الترابية

وعادة ما يلجأ العراقيون إلى سلسلة من الاحتياطات قبيل كل عاصفة ترابية تضرب مناطق ومحافظات واسعة من البلاد، حيث تستمر في بعض الأحيان نهاراً كاملاً أو أكثر، ما يضطرهم للتكيف معها بوسائل مختلفة، ويؤكد أحمد العاني أن أهم ما يجب أن يتوفر هو مولدة كهرباء لتأمين الطاقة للمنزل، بسبب انقطاع الكهرباء بالغالب مع بدء هذه العواصف. مضيفاً أن تأمين فتحات الشبابيك وسدها وتأمين مياه شرب والكهرباء أمران ضروريان، بالنسبة للأسر التي لديها أحد من أفرادها يعاني من الربو أو الحساسية في القصبات الهوائية، وبالنسبة للعوائل الأخرى، فإن مسألة البقاء بالمنازل وعدم الخروج قد لا تكون مناسبة، خاصة لمن يعيش على رزق يومه ولا يمكنه البقاء في البيت، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "مشكلة العواصف المتكررة، باتت تضاف الى مشاكل العراقيين اليومية في كل صيف إلى جانب مشاكل المياه والكهرباء".

فيما تؤكد سهيلة محمد، وهي مدرّسة في بغداد، أن أيام العواصف تشهد تغيباً كبيراً للطلاب، حيث يُفضل أولياء الأمور عدم إرسالهم في هذا اليوم، وتضيف لـ"العربي الجديد" أن "العواصف الترابية لم تعد مشكلة مناخية عابرة، حيث صارت تؤثر على كل شيء بدء من الاقتصاد وحياة الناس وأرزاقهم وصولاً إلى التعليم وحتى الأمن حيث يستنفر الجيش والشرطة لتأمين المناطق بسبب انخفاض مستوى الرؤية وإمكانية حدوث أعمال مخلّة بالأمن".

ويؤكد الخبير البيئي العراقي ناظم الدايني أن النصف الثاني من العام الحالي 2025 قد يكون الأعلى من ناحية العواصف الترابية أو الغبارية التي تكون أخف نوعاً من الأولى، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أنه "في الشهر الحالي قد نشهد أكثر من 20 عاصفة وموجة غبارية في مختلف مناطق العراق، وهو أعلى من المعدل المنطقي، والسبب بالدرجة الأولى الجفاف والتغييرات التي طرأت على الواقع الزراعي والمساحات الخضراء بالعراق، بما فيها التعدي الجائر على البساتين والحقول وتحويلها لمشاريع سكنية". متهماً الحكومة العراقية بأنها كانت سبباً في توسيع التعدي على المساحات الخضراء، عبر تحويل آلاف الدونمات منها الى مشاريع استثمار سكنية بمحيط بغداد، بينما تركت مساحات جرداء ولم تستثمر فيها تلك المشاريع"، داعياً العوائل الى تأمين أدوية وأجهزة أوكسجين لمن لديهم تاريخ طبي مع هذا النوع من العواصف، وتوفير مصادر طاقة تكفي لمدة 6 ساعات على الأقل، مع عدم الاعتماد على ألواح الطاقة الشمسية التي لن تكون فاعلة في مثل هذه الأوضاع".

ويعتبر العراق أبرز دول المنطقة تأثراً بالتغييرات المناخية نتيجة ارتفاع مستويات الجفاف الذي تسبب باتساع رقعة التصحر وانخفاض المساحات الخضراء، ونفذ خلال العامين الأخيرين سلسلة من مشاريع الأحزمة الخضراء لمواجهة ظاهرة العواصف الترابية التي باتت تكبد البلاد خسائر كبيرة على مستوى الاقتصاد وحتى على مستوى الأفراد الذين تُسجل المستشفيات حالات وفيات بين وقت وآخر لمرضى الربو نتيجة تلك العواصف.

وأعلنت وزارة الصحة العراقية في بيانات متفاوتة هذا العام عن دخول آلاف المواطنين للمستشفيات للعلاج من الاختناق نتيجة العواصف، خاصة مرضى الربو. كذلك سجل العام الماضي أكثر من 110 أيام مغبراً، وفقاً لتصريحات سابقة لمسؤولين بوزارة البيئة العراقية. ويأتي ذلك نتيجة الجفاف وتراجع المساحات الخضراء في العراق، وزيادة التصحر في مختلف محافظات العراق، وتعتبر محافظات البصرة والمثنى وميسان والأنبار، أبرز مدن البلاد التي تعاني من ظاهرة العواصف الترابية والغبارية.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows