
واجه اللاجئون الأفغان في باكستان وإيران المجاورتين أصنافاً من المعاناة خلال الأشهر الأخيرة، وكان الوضع في إيران أفضل نسبياً من باكستان، نتيجة تدخل المسؤولين الأفغان، والتفاهمات التي عقدوها مع نظرائهم الإيرانيين، وبينما كانت إسلام أباد تربط كل ما يخص اللاجئين بالوضع السياسي مع كابول، كانت طهران تتجاوب بصورة أو أخرى.
لكن الهجوم الإسرائيلي على إيران بدّل كل الأوضاع، ودفع آلاف اللاجئين الأفغان هناك إلى الهرب بشكل جماعي، تاركين وراءهم كل ما كسبوه في بلاد الغربة على مدار عقود، خاصة أن السلطات الإيرانية بدأت تلاحقهم، وتعتقلهم ثم ترحلهم.
وكشفت وزارة شؤون اللاجئين والنازحين في حكومة طالبان، أن الأيام الأخيرة شهدت عودة كبيرة من اللاجئين الأفغان في إيران، في موجة غير مسبوقة. وأعلنت الوزارة أن يوم 25 يونيو/حزيران وحده، شهد عودة أكثر من 30 ألف لاجئ من إيران، وهناك آلاف آخرون في الطريق إلى بلادهم، وهذا العدد يقدر بنحو ثلاثة أضعاف العدد اليومي للعائدين قبل الحرب.
وفي 24 يونيو الماضي، أعلنت الوزارة أن رقم العائدين من إيران في هذا اليوم وحده اقترب من 17 ألف لاجئ أفغاني، وفي أيام أخرى كان عدد العائدين يتجاوز عشرة آلاف شخص، وتؤكد بيانات الوزارة أن "نحو نصف هؤلاء يتم إجبارهم على العودة إلى بلادهم من قبل السلطات الإيرانية، بينما شريحة صغيرة تعود بحكم الظروف السائدة هناك".
وقال رئيس إدارة الإعلام في ولاية هرات الأفغانية المجاورة لإيران، أحمد الله متقي، لوسائل الإعلام المحلية، في 25 يونيو، إن الحكومة تسعى بكل ما أوتيت من قوة لتوفير متطلبات استقبال اللاجئين العائدين من إيران، وأن تقدم لهم كل ما يمكن أن يحتاجوه، لا سيما الاحتياجات الأساسية من طعام وشراء وعلاج، كما توفر للعائدين وسائل نقل من الحدود الإيرانية إلى مناطقهم، مؤكدا أن السلطات الإيرانية أبلغتهم بأن موجات العائدين سوف تزيد، وأن أعداداً أخرى سيتم ترحيلهم إلى أفغانستان، وأن الحكومة الأفغانية وضعت تدابير إضافية من أجل استقبال العائدين.
وعلى وقع الحرب، بدأت السلطات الإيرانية تشديد الإجراءات إزاء بقاء اللاجئين الأفغان، وفي بعض المدن الإيرانية، مثل كرمانشاه، أعلنت السلطات حظر تجوال اللاجئين الأفغان، كما منعت كل الإيرانيين من توظيف الأفغان، أو تأجير المنازل لهم، وجرى اعتقال العشرات منهم، وطلبت السلطات من الإيرانيين الإبلاغ حال وجود لاجئين أفغان، حتى يتم نقلهم إلى مراكز الترحيل الخاصة.
يقول محمد عارف نويد، وهو أحد اللاجئين العائدين، لـ"العربي الجديد": "عشنا أياماً صعبة خلال الأشهر الأخيرة في ايران، لكن بعد الحرب مع إسرائيل، باتت المعاناة غير مسبوقة، وواجهنا كل أنواع التضييق، مع عدم وجود وسائل للتواصل مع الأهل. ضغوط السلطات الإيرانية كانت موجودة سابقاً، لكنها تضاعفت خلال أيام الحرب، وبعد أن توقفت الحرب فرحنا، وكنا نظن أننا سنعيش بشكل آمن، لكن السلطات الإيرانية منعت الإيرانيين من توظيف الأفغان، وبدأت حملة اعتقالات تعسفية في أرجاء البلاد، وزجت بالعشرات في السجون ولا نعرف مصير كثير منهم، فيما تم ترحيل آخرين. التعامل الإيراني تغير كثيراً، إذ كانوا يتعاملون معنا كأننا متهمون، ولهذا قررت أنه من الأمثل أن نعود إلى بلادنا".
ويضيف نويد: "لم أذهب إلى إيران من أجل السياحة، بل سافرت قبل نحو ثلاثة أعوام من أجل العمل وكسب لقمة العيش، إذ إنه بعد سيطرة حركة طالبان على السلطة، حرمت من عملي السابق. الهاجس الوحيد الذي يلاحقني حالياً في كل مكان منذ العودة هو إيجاد فرصة عمل. كنت أكسب المال في إيران، وأرسل بعضه إلى أسرتي في أفغانستان، وكنت أتوقع أن أتزوج خلال عامين، لأنني استطعت سداد الديون التي تراكمت على أسرتي، لكن مع الأسف تغيرت كل الأوضاع في إيران، ما اضطرني إلى العودة، والآن لا أدري ماذا أفعل؟ وكيف ستمشي أمور حياتي؟ أبي مسن، وإخوتي صغار، ولا يوجد أي فرص عمل متاحة في بلادنا".

Related News



