“مصائد موت” للفلسطينيين.. كيف يستغل الاحتلال مراكز المساعدات بغزة لقتل مقاومين وتحقيق أهداف خفية؟
Reports and Analysis
6 hours ago
share

إهانة وابتزاز وقتل، هي ثلاثية باتت حاضرة في حياة الفلسطينيين الجوعى الذين يقصدون ما يسمى مراكز توزيع المساعدات في عدد من المناطق في قطاع غزة، والتي تحولت إلى “مصائد موت” للفلسطينيين الذين يتعرضون لإطلاق النار من عناصر جيش الاحتلال الإسرائيلي.

أكثر من ذلك، فإن “عربي بوست” توصل إلى معلومات تفيد باستخدام الاحتلال هذه المراكز المخصصة لتوزيع المساعدات على الفلسطينيين في قطاع غزة المدمر والمحاصر، لتحقيق هدفين اثنين غير واضحين للعيان، مستغلين إقبال مئات آلاف الفلسطينيين عليها بحثاً عن لقمة عيش.

أول الأهداف يتمثل في تجنيد المزيد من العملاء من ذوي الحاجة للعمل لصالح الاحتلال، والتواصل معهم من خلال هذه الألوف القادمة لتلقي المساعدات، دون أن يشعر أحد، وثاني الأهداف يتمثل في تحديد أي من طالبي المساعدة من عناصر المقاومة، والسعي لاغتيالهم أو اعتقالهم، أو إخفائهم.

الاحتلال يطلق النار على شهداء لقمة العيش عشوائياً

أدى تفاقم تجويع الفلسطينيين إلى ممارسة ضغوط عالمية على الاحتلال، الذي رفض إيصال المساعدات القادمة من خارج القطاع إلى المؤسسات الدولية التي تمتلك قاعدة بيانات عن كل سكانه، واستبدلها بإقامة أربعة مراكز لاستلام هذه المساعدات، ثلاثة منها عند ما يسميه محور “ميراج” بين رفح وخانيونس جنوباً، خاصة مفترقات “العَلَم والشاكوش”، والرابع عند ممر “نتساريم” الذي يفصل شمال القطاع عن الوسط والجنوب.

وبات سقوط الشهداء أمام مراكز التوزيع يومياً، حتى وصلوا مع كتابة هذه السطور إلى قرابة 500 شهيد فلسطيني، فضلاً عن إصابة الآلاف من المدنيين العزّل.

حيث يتعمد الجنود فتح نيرانهم على المتجمّعين قرب هذه المراكز، بذرائع أمنية لا أساس لها من الصحة، وبجانب من قُتلوا وأصيبوا، فإن العديد من الفلسطينيين باتوا في عداد المفقودين، ولم تعرف عائلاتهم مصيرهم حتى الآن بعدما توجهوا إلى المراكز، ولم يعودوا حتى الآن.

دفعت هذه المراكز بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لوصف آلية عملها بأنها “وصفة للفوضى”، لأنها تستخدم عملية توزيع المساعدات كسلاح يؤدي إلى الخوف والتمييز، وتصاعد حالة اليأس.

مع العلم أن الأمم المتحدة لديها أكثر من 400 نقطة توزيع للمساعدات في قطاع غزة، بدل المناطق العازلة والممرات الإنسانية التي تفرضها إسرائيل بهدف تجميع المدنيين تمهيداً لاستهدافهم وقتلهم.

استشهد المئات من الفلسطينيين أثناء توجههم لاستلام المساعدات/ الأناضول
استشهد المئات من الفلسطينيين أثناء توجههم لاستلام المساعدات/ الأناضول

استخدام مراكز المساعدات للوصول إلى عناصر المقاومة

أظهرت مشاهد مصورة تدافع آلاف الفلسطينيين في محيط مراكز توزيع المساعدات التي يحرسها أفراد أمن أميركيون، وتديرها “مؤسسة غزة الإنسانية” الأمريكية منذ أواخر مايو/أيار 2025، ويتهمها الفلسطينيون بالتواطؤ مع الاحتلال في “هندسة” سياسة التجويع المتبعة ضدهم.

الخطير في عمل هذه المؤسسة الأمريكية، الخاضعة في عملها لجيش الاحتلال وأجهزته الأمنية، أن أي فلسطيني يحصل على المساعدات سيتعين عليه الخضوع لتقنية التعرف على الوجه عبر إجراءات الفحص البيومتري، ويخشى فلسطينيون أن ينتهي بهم المطاف في أيدي الإسرائيليين لاستخدامها في تعقبهم، وربما استهدافهم.

وقد تنامت تحذيرات الجهات الفلسطينية المرتبطة بالمقاومة من عمل هذه المراكز، خاصة في ضوء إجراءاتها لفحص الحاصلين على مساعداتها من خلال اتباع المقاييس الحيوية، ما دفع إلى التشكيك في حيادها.

حتى إن مسؤولين إسرائيليين لم يترددوا في الإعلان أن إحدى مزايا نظام المساعدات الجديد هي إتاحة الفرصة لفحص المستفيدين لاستبعاد كل من يتبين أنه على صلة بحماس، وهذه من المحاذير الأمنية في المراكز الغذائية المذكورة، حيث عبّر كثير من الفلسطينيين عن خوفهم من هذا الفحص.

مصدر مسؤول في أجهزة الأمن بغزة، أكد لـ”عربي بوست” أن “المقاومة في قطاع غزة متنبهة لهذه الإجراءات الخطيرة الهادفة إلى اصطياد المقاومين وأنصارهم وأقربائهم من خلال الوصول إلى هذه المراكز”.

وأضاف المصدر: “المقاومة تحاول التوفيق بين حاجة الناس في الوصول إلى احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وفي الوقت نفسه الحذر من الاستدراج بهدف القتل أو الاعتقال أو الإخفاء القسري من قبل جيش الاحتلال، مع العلم أن إمكانية وصول أي عنصر من المقاومة إلى هذه المراكز متعذّرة بفعل المخاطرة الأمنية الكبيرة، وكي لا يتسببوا للمواطنين بأي أذى من قبل الاحتلال”.

ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب

لم تكتفِ قوات الاحتلال بتحويل مراكز المساعدات الأميركية التي استحدثتها إلى مصائد لقتل الفلسطينيين الباحثين عمّا يسدّ جوعهم، بل سعت لاستغلالها كأدوات ابتزاز أمني، واتخذت منها مقرات لإسقاط الشبان في وحل العمالة والتجسس، وتقديم معلومات أمنية عن الأماكن والأشخاص المحيطين بهم.

حيث يستغل الاحتلال حاجتهم للغذاء والطعام مقابل فتح باب التعامل معه، ما يبرز الأسباب الحقيقية وراء إصراره على الاستمرار في عمل مراكز المساعدات، التي تحولت إلى واجهة للموت، وتُخفي خلفها محاولات الإسقاط الأمني.

“عربي بوست” تواصل مع العديد من الشبان الذين يذهبون إلى هذه المراكز للحصول على حاجاتهم من الطعام والغذاء، ونقلوا شهادات لافتة ذات صلة بالاستخدامات الاستخبارية لها من قبل الاحتلال، ومنها مثلاً أن أجهزته الأمنية تستغل توافد عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى هذه المراكز لمحاولة ربط من تستطيع منهم بها.

ويحاول الاحتلال من خلال ذلك الحصول على مزيد من المعلومات التي يحتاجها من داخل القطاع عن المقاومة وتحركاتها وأفرادها، لاسيما أن الوصول إلى هذه المراكز يتم في ساعات الفجر الأولى، وأحياناً بعد منتصف الليل، حيث لا يرى أحدٌ أحداً في الظلام، وبالتالي يستطيع العملاء أن يندسوا بين باقي المواطنين دون أن يلاحظهم أحد.

ملاحظة لافتة أشار إليها هؤلاء الشهود، بالقول إن مراكز التوزيع تبدأ بفتح بواباتها بين الثانية والثالثة فجراً، وعند تدافع عشرات آلاف الفلسطينيين نحو البوابات، تعمد قوات الاحتلال المشرفة عليها إلى إطفاء الأضواء عدة دقائق، ربما تنفذ فيها المخابرات الإسرائيلية مهاماً أمنية استخبارية، سواء باستقدام عملاء إليها، أو إرسال قوات خاصة منها بين المواطنين، لينخرطوا بينهم.

وقد رفضت العديد من الوكالات الأممية والمنظمات الدولية الكبرى التعاون مع هذه المراكز “الغامضة”، في ظل مخاوف بشأن ما إذا كانت تخدم الأهداف العسكرية لإسرائيل.

تطهير عرقي وهندسة للتجويع

من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن مراكز “مؤسسة غزة الإنسانية” تشرف عليها شركة خدمات لوجستية أميركية، يديرها مسؤول سابق في المخابرات المركزية (سي آي إيه)، وتملكها جزئياً شركة استثمار خاصة مقرها شيكاغو.

ومهمة تأمين المواقع يضطلع بها عسكريون أميركيون سابقون يعملون حالياً في شركة خاصة، وهي لا تُخفي تنسيقها مع جيش الاحتلال تدابير الوصول، كما يقف خلف إنشاء فكرة مراكز التوزيع جنرالات إسرائيليون معروفون، أبرزهم يوتام هكوهين، ورومان غوفمان، السكرتير العسكري لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

لم يقتصر رفض آلية مراكز توزيع المساعدات على الفلسطينيين فقط، فقد صدرت إدانات دولية لها، وتشبيهها بأسوأ الأوصاف.

المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، وصف مشاهد توافد الفلسطينيين أمام بوابات مراكز التوزيع بـ”المفجعة”، واعتبر أن عمل هذه المراكز يتسبب بمزيد من نزوح المدنيين، وتعريض الآلاف للأذى، في ضوء تحولها إلى “مصائد” للقتل الجماعي، وأداة للتهجير القسري.

فيليب لازاريني، مفوض عام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، اعتبر أن مراكز توزيع المساعدات “مشينة، ومهينة، ومذلة بحق الناس اليائسين، وهي عبارة عن فخ قاتل يحصد الأرواح بأعداد أعلى بكثير مما يُنقذ، لأن تحويل الغذاء إلى سلاح في غزة هو “جريمة حرب”.

يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، أكد أن هذه المراكز التي تنتهك المبادئ الأساسية للمساعدات الإنسانية، تشبه “مباريات الجوع”، وهي روايات مأساوية عن أناس يركضون ويتقاتلون حتى الموت، حيث يُكافأ قليلون، ويخاطر الكثيرون بحياتهم من أجل لا شيء.

أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية في غزة، أكد أنّ هدف هذه المراكز ليس إنسانياً، بل إقامة كمائن للموت تحت غطاء توزيع المساعدات، وتحوّلت مع مرور الوقت إلى مواقع عسكرية تُهدد حياة الفلسطينيين بدل أن تحفظها، لأن آلاف المُجوَّعين المتوجهين إليها عادوا أجساداً بلا أرواح، بعد أن تحوّلت ساحاتها إلى ساحات قتل مفتوحة.

مواطنون فلسطينيون يحصلون على مساعدات في رفح/ الأناضول
مواطنون فلسطينيون يحصلون على مساعدات في رفح/ الأناضول

مراكز التوزيع أبعد ما تكون عن الهدف الإنساني الإغاثي

جرت العادة أن يصطف آلاف الفلسطينيين في طوابير في منحنيات داخل أسوار تشبه الأقفاص عند مواقع تسليم المساعدات، المعروفة باسم (إس.دي.إس 1)، قبل أن تُفتح بوابات تسمح بالدخول إلى منطقة محاطة بحواجز رملية.

حيث تُترك عبوات الإمدادات على طاولات وفي صناديق على الأرض، وفي الكثير من الحالات تُمارس عليهم قوات الاحتلال سياسة سادية مريضة من خلال إطلاق النار العشوائي عليهم، بسبب وبدون سبب، مما يضطرهم للزحف والانحناء بينما يتطاير الرصاص فوقهم.

عشرات الشهادات التي تداولها الفلسطينيون عما يحدث لهم في مراكز التوزيع، حيث يتوجهون إليها في ساعات الفجر الأولى، وينتظرون الإشارة من الجيش للتحرك، لكن سرعان ما يبدأ إطلاق النار الذي لا يتوقف، مما يضطرهم للزحف على الأرض عدة ساعات.

وحين يتوقف إطلاق النار، يقفزون ويشرعون في الركض، لكن إطلاق النار سرعان ما يعود، حيث يُستشهد الكثيرون، ويُصاب أضعافهم، بصورة يومية، في محاولات يائسة لتأمين طعام لعائلاتهم، فقط ليجدوا أنفسهم يغامرون بحياتهم، ويغادرون دون حصولهم على شيء.

وفي كل مرة ينفذ جيش الاحتلال مجزرة بحق طالبي المساعدات، يصدر بياناً يزعم من خلاله أن قواته رصدت عدداً من المشتبه فيهم تحركوا نحوها متجاوزين الطرقات المعروفة، مما دفعها لإطلاق نار بغية إبعادهم، وعندما لم يبتعدوا، نفذت عملية إطلاق نار أخرى قربهم، لكنهم كانوا يواصلون التقدم نحوها.

في كثير من الأحيان، يقع الذاهبون لاستلام المساعدات في خديعة إسرائيلية، حيث يصدر الجيش تعليماته لهم بالذهاب نحو المراكز بعد فتح بواباتها، لكن الجنود فجأة يبدأون بإطلاق النار عليهم بشكل عشوائي، حيث تتناثر جثامين الشهداء، وعشرات الجرحى على الأرض، من أجل لقمة العيش.

ومع استمرار استهدافها للفلسطينيين أمام مراكزها التي يُفترض أنها “إنسانية غذائية”، فإنها لم تعد مجرد نقاط إغاثة، بل تحولت إلى مصائد و”أفخاخ للموت”، حيث يترصد الموت بالفلسطينيين ممن يقطعون رحلة لا تخلو من مخاطر في سبيل الحصول على طرد من المساعدات.

وتُظهر مقاطع الفيديو المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي، والشهادات الحية القادمة من غزة، مشاهد الفوضى والقتل التي صاحبت توزيع المساعدات، فضلاً عن حالة الإذلال التي يُضطر لها طالبو المساعدات.

أجبرت هذه الآلية عشرات الآلاف على السير عشرات الأميال إلى مناطق شبه مدمرة، مما يجعلها تفتقر إلى الإنسانية والفعالية.

وقد كان يمكن تجنبها منذ البداية، بدل أن تمتلئ المستشفيات بالمصابين من طالبي المساعدات، وآثار الطلقات بادية عليهم، لأنهم تعرضوا لإطلاق نار من جميع الجبهات والاتجاهات خلال محاولتهم الحصول على المساعدات، حيث استخدم الجيش مروحيات وزوارق وطائرات مسيّرة ودبابات وقوات راجلة عند إطلاق النار.

الجيش يتعمد إذلال الفلسطينيين وتهجيرهم

أثبتت تجربة الأسابيع الأخيرة أن الاحتلال يتعمّد بهذه الطريقة ليس فقط إذلال الفلسطينيين، بل تحقيق خطة هادفة لإفراغ شمال القطاع، وإضعاف السيطرة المدنية لحماس، وحصر الفلسطينيين في الجنوب، فيما لا تزيد نسبته على 25% من مساحة القطاع.

وهو يمهد بذلك لتنفيذ خطة تهجيرهم كأحد أهداف الحرب، ولذلك يندفع بصورة يومية عشرات الآلاف من فئات عمرية مختلفة من العديد من المناطق، بينهم نساء وأطفال، باتجاه هذه المراكز، حيث يجتازون حواجز عسكرية للجيش قربها.

نادراً ما نجحت عمليات توزيع المساعدات عبر هذه المراكز بسبب الفوضى المأساوية الناجمة عن سوء إدارتها، حيث أدى تجويع مئات آلاف الفلسطينيين تحت ضغط الحصار والجوع، إلى اقتحامها، والاستيلاء على المواد الغذائية.

مع العلم أنه لا توجد أي عملية تنظيم حقيقية تشهدها عملية توزيع المساعدات في مراكز التوزيع، حيث تتم بشكل عشوائي من خلال تدافع الناس، والحصول على المساعدات بشكل فردي، وعدد كبير منهم يعود دون الحصول على شيء.

ومع ذلك، يبدو الاحتلال معنيّاً بهذه الخطة، والحفاظ على مراكز التوزيع، مع إبقاء حالة الفوضى شائعة لتنفيذ أهداف سياسية وأمنية واجتماعية في صفوف الفلسطينيين، في ظل حالة التجويع التي تعصف بالقطاع منذ مارس/آذار، دون السماح للمؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة أو برنامج الغذاء العالمي ووكالة الأونروا بإدخال أي مساعدات، باستثناء عدد محدود من الشاحنات.

إسماعيل الثوابتة، مدير مكتب الإعلام الحكومي بغزة، أكد لـ”عربي بوست” أن تنفيذ عمليات القتل الجماعي بحق طالبي المساعدات تجعلنا أمام جريمة مكتملة الأركان، لأن عددهم الإجمالي اقترب من 500، وآلاف المصابين، وعشرات المفقودين، حتى تحوّلت هذه المراكز إلى مصائد موت جماعي وفخاخ دموية يُستدرج إليها المدنيون بفعل المجاعة والحصار، ثم يُطلق عليهم الرصاص عمداً، وبدم بارد.

في المقابل، لا يمكن اعتبار المجازر المستمرة قرب مراكز توزيع المساعدات تعبيراً عن قرار إسرائيلي بإفشال الآلية الجديدة، لأن قادة الاحتلال يعتبرون هذا الملف أحد مساعيهم لهندسة المجتمع في القطاع، وتفكيك منظومة الحكم القائمة، بل والمنظومة الوطنية برمتها.

ورغم أن الخطة الأميركية لا تتطابق تماماً مع ما طرحته إسرائيل، وقامت على تحويل رفح إلى سجن كبير، واستغلال مراكز التوزيع كأداة لجذب الفلسطينيين المجوّعين إلى محيطها لتسهيل عملية الإفراغ والتهجير، لكن ما يُطبَّق حالياً على الأرض، لا يُعبّر عن خلاف فعلي في الأهداف، بل عن قصور في التجهيزات والموارد اللازمة لتنفيذها، وتحويل هذا النموذج الأمني المغلّف بغطاء إنساني إلى واقع فعّال ومجدٍ.

كما أن المجازر المستمرة في محيط مراكز التوزيع تُجسّد بشكل مكثف الطبيعة العدوانية لجيش الاحتلال، الذي لا يتردد باستخدام القوة المميتة ضد أي فلسطيني يتحرك، بغض النظر عن السياق أو المكان، بما فيها محيط أماكن توزيع المساعدات المصمَّمة أصلاً لتكون أداة للابتزاز الإنساني، وتحقيق أهداف أمنية خبيثة.

مع أنه في سيناريو موازٍ، قد يرى في خيار “الصوملة”، أو دفع الفلسطينيين للاقتتال الداخلي، والفوضى الشاملة من أجل لقمة الطعام، أحد البدائل الممكنة إن استمر فشله بإيجاد بديل للنظام القائم ممثلاً بحماس.

مع العلم أن هذه المراكز المُقامة في مناطق مكشوفة، وخاضعة بالكامل لسيطرة الاحتلال العسكرية، وتُدار أمنياً من قِبل جيشه، وشركة أمنية أميركية، فهذا يعني أن كل التحركات فيها مرصودة مسبقاً، وتخضع للضبط الكامل، وبالتالي فإن مزاعم التهديد الأمني لا تصمد أمام الحقيقة الميدانية.

لأن كل الضحايا من المدنيين المجوّعين، وليسوا مسلحين، وهؤلاء هرعوا إلى هذه النقاط أملاً بالحصول على فتات الغذاء، مما يدحض بالكامل رواية “التهديد الأمني”، ويُثبت أن ما جرى هو استهداف متعمد ومباشر للمدنيين العزّل، في انتهاك صارخ لأبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows