المسرح اليمني.. مناسبات موسمية
Arab
4 hours ago
share

ربما يتذكّر المتابع العربي صوراً اعتاد خلالها حضوراً ملموساً لبعض من ملامح المسرح الیمني قبل الحرب حینما کانت الفرق ناشطة، ضمن برامج وأسابیع ثقافية عربیة کانت تتم في سياق تبادل ثقافي، وزيارات وعروض ودعواتٍ متبادلة مع بلدان عربیة عدیدة.


استلهام الحداثة والتراث

استطاعت الحركة المسرحية اليمنية في فترة سابقة أن توائم بین أنماط عدّة، أبرزها المسرح الشعبي والاجتماعي، وكانت تقام العروض کالمعتاد في المراكز الثقافية، وفي الجامعات والمدارس، لتمتدّ التجارب إلى مسرحة الشِعر والدراما التراثية التي بقيت متجذّرة باعتبارها تأصیلاً لمسرح الأربعينيات الذي انطلق علی ید المٶسّس الیمني الحضرمي علي أحمد باکثير (1915- 1969). ورغم وجود حرکات المسرح في الیمن إلا أنها بقیت على الدوام نشاطاً يتأرجح ما بین الحضور والغیاب، كما بقیت استلهامات الشعر اليمني داخل العروض المسرحية تستوحي جوانب وظلالاً وإضاءات توازن في خطابه بین الحداثة والتراث الیمني بتنویع بیٸاته ولهجاته المختلفة.

وفي فترة ما بعد الحرب وحتی اللحظة، حالت عوامل سیاسية وثقافیة دون نقد المسرح وتحوله وتحدیثه رغم توافر البنی التحتیة من قاعات ومسارح ومراكز ثقافیة غدت مغلقة أمام خیارات الثقافة، التي تنشد الحریة والعدالة الاجتماعیة في واقعٍ لا تقاس الثقافة فیه کمعطی محفّز للأفراد والفنانین.


حداثة الأهدل وعبد الفتاح 

في ظلّ غیاب بدائل ومبادرات تدعم استحداث أفكار ونصوص تكسر المألوف والرتابة الحاصلة في واقع ثقافي واجتماعي عام، ظهرت بعض التجارب الجديدة في الكتابة المسرحیة متمثّلة بنصوص وجدي الأهدل، ومنها "السقوط من شرفة العالم" و"زفاف العقيد ومسرحيات أخرى"، وسمیر عبد الفتاح في "للمؤلف ذاكرة أخرى" و"خمس مسرحيات من اليمن" (النسيان؛ بروفة أخيرة لمسرحية النسيان؛ ركام الرجل صفر؛ لعبة الفوضى الكونية؛ مشاهد جانبية للسيد الحرب). تناولت هذه الكتابة ثيمة السلطة والاحتجاجات الشعبية، کما نشطت کتابة نصوص المونودراما، والمتداخلة الأنواع في مزج القصة واستقاء موضوعاتها داخل المسرح عبر تنشیط ورش السیناریو التعلیمیة، خاصة لدى الكتّاب المقيمين في المنافي.

ظهرت كتابة مسرحية جديدة متمثلة بنصوص الأهدل وعبد الفتاح

في سیاق متصل، عملت أستاذة الأدب واللغة كاثرين هينيسي ونشرت دراسات عدّة عن مسرح ما بعد "الربيع العربي"، ركّزت فيها على فنون الأداء في اليمن وأماكن أخرى في شبه الجزيرة العربية، من منظور تجسیر العلاقة بين المسرح اليمني والخليجي وتعالقاته مع المسرح العالمي، إلى جانب صدور ترجمات ومقالات نقدية مواکبة في دوريات عربية وعالمية، لكن لا تزال الكتب النقدية الموسعة قليلة الحظوة وتتناول معظمها أشهر الأعمال والتجارب في فترة ما قبل التسعینیات تحدیداً من دون التطرّق إلى التحوّلات الأحدث في العقود الأخيرة.


كسل وتباطٶ مٶسسي

متذ اندلاع الحرب عام 2015، دخل المسرح الیمني في "موت سريري" نتيجة توقف التمويل، وانهيار البنية الثقافية، وانحسار العروض واقتصارها على مناسبات موسمية فقط، وعزلة الفرق المسرحية عن المهرجانات العربية. وأسوأ من ذلك كلّه، توقف نشر النصوص المسرحية عن المؤسسة الرسمية.

رغم ذلك، واصلت بعض الفرق، مثل فرقة "خليج عدن"، تقديم العروض، وآخرها مسرحیة "هاملت" (2023)، باللهجة العدنية، واستوعبت بعض المراكز الثقافية في الجامعات والمدن الكبرى مثل صنعاء وعدن علی مدار عقدین بعض الأنشطة المسرحية لكنها بقیت تعاني من شحّ الإمكانيات المادیة. ولا تزال هناك مبادرات شخصية لنشر بعض النصوص، لكن غياب الهيئات الأهلية أو الحكومية القائمة يحدّ من الاستمرارية. كما تأثر المسرح کغیره من الفنون من الرقابة الرسمية والمجتمعية التي تبعده عن طرح مواضيع حساسة تتعلّق بالفساد والمرأة وواقع التعليم وغيرها. 

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows