
تُفاقم الضربات الإسرائيلية من تدهور صناعة الطاقة الإيرانية المضطربة، ما يحمل تبعات داخلية أكثر خطورة، إذ تواجه البلاد أحد أسوأ انقطاعات الكهرباء منذ عقود، والتي أثرت على قطاعات واسعة من الاقتصاد، مما دفع الدولة الغنية بموارد الطاقة إلى أزمة أعمق. ويكلف انقطاع التيار الكهربائي الاقتصاد حوالي 250 مليون دولار يومياً، وفقاً لتقديرات غرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة الإيرانية.
وامتدت الضربات الإسرائيلية إلى البنية التحتية للطاقة في إيران، حيث شن الاحتلال هجمات على ما لا يقلّ عن أربع منشآت للنفط والغاز، منها مصفاة الغاز في المرحلة 14 من حقل بارس الجنوبي الإيراني العملاق، يوم السبت الماضي، وفق وزارة النفط الإيرانية. وأدى الهجوم على المصفاة إلى إغلاق منصة إنتاج في الحقل، وفقاً لتقرير صادر عن وكالة تسنيم الإيرانية.
يُمثل استهداف أصول الطاقة جبهة جديدة في الصراع الذي اندلع في ساعة متأخرة من مساء الخميس الماضي، عندما شنت إسرائيل موجة من الهجمات، قالت إنها تستهدف البرنامج النووي الإيراني.
وقال الرئيس المعني بالأوضاع الجيوسياسية في شركة الاستشارات إنرجي أسبكتس، ريتشارد برونز، لوكالة بلومبيرغ الأميركية عن هجمات، يوم السبت: "سيكون لها تأثير كبير جداً". وأضاف: "يبدو أننا في حلقة تصعيدية"، وستكون هناك "تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل ستستهدف المزيد من البنية التحتية للطاقة الإيرانية".
بدوره وصف المحلل في شركة ريستاد إنرجي إيه إس، خورخي ليون، والذي عمل سابقاً في أمانة منظمة أوبك، الهجوم الإسرائيلي الذي وقع يوم السبت الماضي بقوله: "هذا تصعيد كبير". وقال ليون "ربما يكون هذا أهم هجوم على البنية التحتية للنفط والغاز منذ بقيق"، في إشارة إلى هجوم عام 2019 الذي أعلنت جماعة الحوثي في اليمن المسؤولية عنه، والذي عطل لفترة وجيزة إحدى محطات معالجة النفط الكبيرة في المملكة.
يأتي استهداف منشآت النفط والغاز في إيران في وقت يعاني العديد منها التهالك بالأساس بفعل عدم القدرة على ضخ استثمارات جديدة فيها لتطويرها بفعل العقوبات الأميركية الخانقة. وتحتاج صناعات إيران في حقول النفط والغاز إلى ضخ 160 مليار دولار من أجل تحديثها للحفاظ على قدراتها الإنتاجية ورفع مستواها، لكن البلاد تواجه مشكلات كبيرة في التمويل واستقدام التقنيات الحديثة، بسبب العقوبات التي استهدفت تصفير صادرات النفط، وفق الإدارة الأميركية خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب في أعقاب انسحابه من الاتفاق النووي في 2018.
وتحتل إيران المركز الثاني عالمياً بعد روسيا في امتلاك أكبر احتياطيات الغاز. ووفق بيانات شركة النفط الوطنية الإيرانية، فإنّ حجم احتياطيات الدولة من الغاز الطبيعي يبلغ أكثر من 33.7 تريليون متر مكعب وحجم الاحتياطيات النفطية يصل إلى نحو 209 مليارات برميل. وبينما تؤثر عمليات الإنتاج المتراجعة كثيراً على الصادرات، تحولت إلى أزمة داخلية، ظهرت جلياً خلال الشتاء الماضي، عندما شهدت البلاد انقطاعاً كبيراً للكهرباء، ما أثار سخطاً في أوساط المواطنين.

Related News
