
بدأ الاحتلال الإسرائيلي يُدخل المنشآت الاقتصادية في صلب هجماته على إيران، ما دفع الأخيرة، الليلة الماضية، إلى الرد بقصف مصفاة حيفا، وهو ما أكده أيضا وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في كلمة له للسفراء الأجانب في طهران. وقال عراقجي إن الكيان الإسرائيلي أقدم، يوم أمس، على استهداف أهداف اقتصادية، بما فيها مصفاة طهران وبعض المواقع (الطاقوية) في عسلويه، "ولذلك قمنا نحن أيضا منذ الليلة الماضية باستهداف أهداف اقتصادية ومصاف في الكيان الصهيوني".
وأكد أن الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف عسلويه، حيث يقع فيه أكبر حقول الغاز الإيرانية المطلة على الخليج "يُعد عدوانا سافرا وإجراء بالغ الخطورة". وفي السياق، حملت تصريحات عراقجي رسالة تهديد، حيث قال إن جرّ الاحتلال الإسرائيلي ساحة الاشتباك إلى منطقة الخليج "يُعتبر خطأ استراتيجيا جسيما وربما مقصودا، بهدف توسيع نطاق الحرب إلى ما وراء الأراضي الإيرانية. فهذه المنطقة حساسة ومعقدة للغاية، وأي تطور عسكري فيها قد يجر المنطقة بأسرها بل العالم كله إلى مواجهات أوسع".
استهداف أهداف طاقوية إيرانية
شنت إسرائيل هجومات على ما لا يقل عن أربع منشآت نفطية وغازية، حيث أكدت وزارة النفط الإيرانية استهداف الاحتلال بطائرة مسيّرة صغيرة، أمس السبت، مصفاة الغاز في المرحلة 14 من حقل بارس الجنوبي، حيث اصطدمت المسيّرة بأحد مرافق التكرير، ما أدى إلى انفجار ضخم في الموقع، إضافة إلى استهداف مصفاة "فجر جم". وأعلنت الوزارة لاحقا السيطرة على الحريق في المنشأتين. كما عاود الاحتلال الإسرائيلي، هجماته على مواقع الطاقة الإيرانية، لكن هذه المرة في العاصمة طهران، حيث استهدفت هجماته خزانات وقود في منطقة شمران شمال غربي طهران ومخزنا للوقود بالقرب من مصفاة طهران جنوبها.
وأعلنت مصفاة طهران للنفط في بيان أنها لم تتعرض لأهي هجوم وتواصل نشاطها من دون انقطاع، مضيفة أنه "لم يحصل أي خلل في الإنتاج والتوزيع"، ومشيرة إلى أن الحريق الذي حدث يعود إلى مخزن للوقود في محيط المصفاة ولا علاقة له بها. من جهتها، أعلنت وزارة النفط الإيرانية أن الحريق في مستودع النفط في شهران شمال غربي العاصمة ومستودع الوقود جنوب طهران تحت السيطرة. وأضافت أن "الدخان الأسود حول مستودع النفط ناتج عن احتراق مشتقات نفطية وسيختفي تدريجيا، ولا يوجد ما يدعو للقلق للمواطنين".
المصافي الإيرانية
تُعتبر صناعة تكرير النفط في إيران من أكبر وأهم القطاعات الحيوية في اقتصاد البلاد، حيث تمثل المصافي واجهة لصناعات النفط والغاز الإيرانية. ويتكون القطاع التكريري للنفط في إيران من 9 مصاف لتكرير النفط الخام والمكثفات الغازية، بسعة اسمية تبلغ مليونين و400 ألف برميل يوميا. وتهدف هذه المصافي إلى تلبية احتياجات الطاقة الداخلية للبلاد، وتوفير المواد الخام للصناعات والوحدات البتروكيماوية، وتؤدي دورا محوريا في تأمين الطاقة للصناعات المحلية، وتوفير وقود النقل، بالإضافة إلى تصدير جزء من المشتقات النفطية الفائضة عن الاستهلاك المحلي، والذي يحقق لها موارد كبيرة بالنقد الأجنبي، التي لها دور كبير في الاقتصاد الإيراني.
وتعد المصافي الإيرانية من المنشآت الاستراتيجية الحساسة، يتم فيها تكرير النفط وتحويل النفط الخام إلى الغاز السائل والنفط الأبيض والبنزين والمازوت ومشتقات نفطية أخرى. وتعتبر مصافي البترول مجمعات صناعية عملاقة، تحتوي على العديد من وحدات المعالجة المختلفة والمرافق الإضافية المساعدة مثل وحدات الخدمات ووحدات التخزين. وتنتج إيران يوميا من هذه المصافي ما يقارب 120 مليون لتر من وقود البنزين، وهو ما حقق للبلاد اكتفاء ذاتيا في هذه السلعة الاستراتيجية، إلا أن استهلاك البنزين تجاوز إنتاجه الداخلي، ما دفع السلطات الإيرانية إلى الاستيراد خلال العام الأخير.
ولدى إيران عشرة مصاف عملاقة، تتوزع في جغرافياها الواسعة، في جنوب غربي إيران ووسطها وجنوبها وشمالها، منها مصافي طهران العملاقة. وأكبر حصة من الطاقة التكريرية تعود إلى مصفاة آبادان جنوب غربي البلاد، في حين أن أدنى حصة تعود إلى مصفاة كرمانشاه غربها الملاصق للعراق. وتقوم هذه المصافي التسع بإنتاج معظم المشتقات النفطية في البلاد. ويتم تزويد المصافي بالنفط الخام والميثانات الغازية عن طريق خطوط الأنابيب من الحقول النفطية في جنوب وجنوب غرب البلاد. وتُعد أغلب المصافي الإيرانية قديمة، بمتوسط عمر يبلغ 47 عاماً. وفيما يلي المصافي الإيرانية التسع:
مصفاة نفط آبادان
تُعد مصفاة آبادان أول مصفاة نفط في إيران ومنطقة الشرق الأوسط، وتتمتع بتاريخ عريق يعود تأسيسها إلى عام 1913. تقع هذه المصفاة في محافظة خوزستان جنوب غربي إيران، وتبلغ طاقتها الإنتاجية 520 ألف برميل يوميا. تشتهر المصفاة بإنتاج البنزين والكيروسين، وما تزال حتى اليوم إحدى الرموز البارزة لصناعة النفط الإيرانية.
مصفاة نفط أصفهان
تأسست مصفاة أصفهان عام 1970، بطاقة إنتاجية تصل إلى 375 ألف برميل يوميا، وتعتبر من أهم مراكز إنتاج الوقود في وسط البلاد. تقع المصفاة في محافظة أصفهان بوسط إيران، ويمنحها موقعها الجغرافي وقدرتها على الوصول إلى مسارات النقل دورا محوريا في توزيع المشتقات النفطية.
مصفاة نفط بندر عباس
تقع مصفاة بندر عباس جنوب إيران بالقرب من الخليج، وقد تأسست عام 1992، ودخلت حيز التشغيل عام 1997، وتعمل اليوم باسم شركة مصفاة نفط بندر عباس. تبلغ طاقتها الاسمية والعملية 350 ألف برميل يوميا من النفط الخام والمكثفات الغازية، وتغطي حوالي 18% من احتياجات إيران من المنتجات النفطية.
مصفاة نفط شازند أراك
توجد مصفاة شازند في محافظة مركزي بوسط إيران، وتُعد من أكبر المصافي في البلاد، وتُوصف بأنها حصن إنتاج المشتقات النفطية في وسط إيران. أُسست المصفاة عام 1983، وتضم تقنيات حديثة في إنتاج البنزين والديزل، مع طاقة تكريرية تبلغ 300 ألف برميل يوميا، وتلعب دورا هاما في تزويد الصناعات ووسائل النقل بالوقود.
مصفاة نفط طهران
تُعد مصفاة نفط طهران إحدى المصافي الرئيسية في إيران، وتقع جنوب العاصمة. تبلغ طاقتها اليومية 235 ألف برميل من النفط الخام، وتأسست عام 1967. تتكون من وحدتين شمالية وجنوبية، وتتحمل مسؤولية توفير المشتقات النفطية للمناطق الوسطى والشمالية والشمالية الشرقية من البلاد.
مصفاة نفط تبريز
تقع مصفاة تبريز في محافظة أذربيجان الشرقية شمال غربي إيران، وتبلغ سعتها 110 آلاف برميل يوميا من النفط الخام. تأسست عام 1977، بسعة أولية بلغت 80 ألف برميل يوميا، وارتفعت لاحقا بعد تنفيذ مشاريع تطوير إلى 110 آلاف برميل. وتظل المصفاة من النقاط المحورية في تأمين الوقود لشمال غرب البلاد.
مصفاة نفط شيراز
تأسست المصفاة عام 1973 في مدينة شيراز جنوب إيران، وتبلغ طاقتها الحالية 60 ألف برميل يوميا، بعد أن كانت مصممة مبدئيا لسعة 40 ألف برميل يوميا، وقد ارتفعت بفضل التحديثات الفنية.
مصفاة نفط لاوان
أنشئت هذه المصفاة عام 1976 في محافظة هرمزغان المطلة على الخليج جنوب إيران. تبلغ الطاقة الاسمية لها 50 ألف برميل يوميا، فيما تبلغ الطاقة التشغيلية 55 ألف برميل يوميا.
مصفاة نفط كرمانشاه
تقع المصفاة بمحافظة كرمانشاه غرب البلاد بالقرب من الحدود العراقية، وتُعرف بكونها أصغر وحدة تكرير في إيران بطاقة 25 ألف برميل يوميا. تأسست المصفاة عام 1922، بسعة ابتدائية 2000 برميل يوميا. بالإضافة إلى المصافي آنفة الذكر تمتلك إيران مصفاة المكثفات الغازية "ستارة الخليج الفارسي" التي تأسست عام 2006 جنوب إيران، وتبلغ طاقتها الإنتاجية الحالية 455 ألف برميل يومياً. تلعب المصفاة دوراً مهماً في إنتاج المشتقات النفطية محلياً، حيث تنتج يومياً 35 مليون ليتر بنزين (أوكتان 95)، و14 مليون ليتر ديزل، و4 ملايين ليتر غاز مسال، و3 ملايين ليتر وقود طائرات و130 طنا من الكبريت.

Related News
