حوادث المرور في العراق... دعوات لإجراءات توقف النزيف
Arab
5 hours ago
share

شهدت طرق وشوارع العراق خلال الآونة الأخيرة تصاعداً مقلقاً في أعداد الحوادث المرورية، ما يخلف مئات الوفيات والمصابين وخسائر مادية كبيرة

تحوّلت الطرق العامة في العراق إلى ساحات تحصد أرواح العشرات يومياً عبر تكرار الحوادث المرورية، وذلك في ظل ضعف البنية التحتية للطرق، والتراخي في تطبيق القانون، والغياب الكبير للوعي المروري. وتبرز محافظتا ديالى وذي قار نظراً لموقعهما الجغرافي؛ إذ تمثل ديالى شريان الربط بين العاصمة بغداد ومحافظات الشمال، بينما تُعد ذي قار الطريق الرابط بين بغداد ومحافظات الجنوب.
ووفقاً لتقارير وزارة التخطيط العراقية، فقد بلغ عدد الحوادث المرورية خلال عام 2022، نحو 11,523 حادثاً، ما أسفر عن وفاة 3,021 شخصاً وإصابة 12,677 آخرين، وارتفع العدد في عام 2023 إلى 11,552 حادثاً، خلفت 3,019 وفاة و12,314 إصابة. وحتى منتصف عام 2024، تم تسجيل نحو 7 آلاف حادث مروري، نجم عنها أكثر من ألف وفاة وإصابة 4,360 آخرين، ما يؤكد أن طرق العراق باتت تمثل خطراً يهدد الحياة، وسط غياب واضح للمعالجات الجذرية.
يقول مدير إعلام صحة محافظة ديالى (شرق)، فارس العزاوي، إن عدد الحوادث المرورية المسجلة منذ مطلع عام 2025، يتجاوز 6 آلاف حادث، أسفرت عن إصابة 2,700 شخص، و320 وفاة. ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن "محافظة ديالى تُعد من أكثر محافظات العراق تسجيلاً للحوادث المرورية بسبب كثافة حركة السير على الطريق الدولي الرابط بين بغداد وإقليم كردستان العراق عبر قضاء الخالص وناحية العظيم، وتستقبل مستشفى القضاء يومياً ضحايا ومصابين من 6 إلى 7 حوادث".
يضيف العزاوي: "الفترة المسائية تشهد النسبة الأكبر من الحوادث بسبب استخدام الهواتف أثناء القيادة، وانتشار الدراجات النارية والمركبات التي يقودها أطفال، فضلاً عن سوء حالة الطرق. ارتفاع أعداد المصابين يتسبب في ضغط كبير على المستشفيات، والطواقم الطبية تواجه تحديات كبيرة في التعامل مع هذا العدد من الإصابات، وأحياناً يتم نقل المصابين إلى أقسام الطوارئ من دون فواصل زمنية كافية".
من جهته، يؤكد مدير مستشفى الناصرية التعليمي بمحافظة ذي قار (جنوب)، مصطفى جلود، أنهم استقبلوا خلال شهر مارس/آذار الماضي وحده أكثر من 450 إصابة من جراء حوادث مرورية وقعت في مناطق متفرقة، ما يشكل ضغطاً كبيراً على الطاقة الاستيعابية للمستشفى.

وأشار جلود في تصريح صحافي، إلى أن "أكثر من 200 إصابة سُجلت خلال أيام عيد الفطر، إذ شهدت المحافظة ارتفاع وتيرة الحركة المرورية، خاصة على الطرق السريعة والمداخل الرئيسية للمدن نتيجة كثرة الزيارات العائلية والتنقل بين المناطق. الكادر الطبي كان في حالة استنفار دائم خلال تلك الفترة، وعملت الفرق الطبية والتمريضية لساعات طويلة في محاولة لإنقاذ المصابين، والذين تنوعت حالاتهم بين كسور متعددة، ونزيف داخلي، وإصابات خطيرة، وبعض الحالات كانت تحتاج إلى تدخل جراحي فوري، أو التحويل إلى مراكز طبية أكثر تجهيزاً في ظل نقص الإمكانات المتوفرة".
ووفقاً لشهادات مواطنين يعانون بشكل يومي من تردي الطرق وحوادث المرور المتكررة، فإن أسباب تكرار الحوادث تعود إلى سوء البنية التحتية، وقلة وسائل الإرشاد المروري على الطرق الخارجية، إلى جانب غياب الصيانة الدورية للطرق والمركبات على حد سواء.
يقول محمود الجبوري، وهو سائق نقل يعمل بين الأنبار وإقليم كردستان، إن الطرق بين العاصمة بغداد والمحافظات، ومن بينها طريق بغداد- ديالى، تحولت إلى ما يشبه مصيدة موت بسبب تدهور البنية التحتية، والحفر الكثيرة التي تشوّهها. مضيفاً لـ"العربي الجديد"، أن "الحوادث تقع نتيجة ضعف الصيانة، وتهالك الطرق، إضافة إلى افتقارها للإشارات المرورية.

 الكثير من السائقين يتعرضون للحوادث خلال محاولات تفادي الحفر، أو نتيجة المفاجآت على الطريق، وبعضها تكون حوادث مميتة، ونحتاج إلى طرق صالحة للسير، وإشارات مرورية واضحة لحماية الأرواح".
ويوضح الجبوري، أن العديد من زملائه فقدوا حياتهم أو تعرضوا لإعاقات دائمة بسبب حوادث الطرق، مبيناً أن "الطريق أصبح فخاً قاتلاً، والحكومة لا تستشعر معاناة السائقين الذين يتنقلون يومياً بين المحافظات لكسب قوت يومهم".
بدوره، يقول حسين التميمي، وهو سائق شاحنة تعمل بين موانئ البصرة ومناطق وسط وشمالي العراق، إن "الطرق الممتدة من الجنوب باتجاه العاصمة بغداد، سواء عبر النجف أو كربلاء أو الديوانية أصبحت خطرة للغاية، وتشهد الكثير من الحوادث المتكررة، مع عدم وجود إشارات مرورية في معظم الأماكن. أشاهد يومياً العديد من الحوادث المروعة، خصوصاً على طريق كربلاء- بغداد؛ وفي ظل الازدحام الخانق وغياب الإشارات المرورية وانعدام التنظيم تخلف الكثير من الضحايا، ولا يمكنني تجاهل غياب الوعي، ونقص الالتزام المروري من بعض سائقي المركبات".

ويوضح رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، فاضل الغراوي، لـ"العربي الجديد"، أن "ارتفاع أعداد الحوادث المرورية يعود إلى عدة عوامل، أبرزها كون الطرق قديمة ولا يجري تأهيلها بشكل مناسب، إضافة إلى غياب العلامات والدلالات المرورية الضرورية، وعدم وجود متطلبات السلامة مثل السياج الأمني، كما أن السائقين لا يلتزمون بالنظام المروري أو قواعد السير، ما يشمل السرعة المُفرطة، والاجتياز الخاطئ من جهة اليمين، واستخدام الهاتف النقال أثناء القيادة". 
وانتقد الغراوي عدم وضع العديد من السائقين حزام الأمان، وعدم الامتثال للإشارات المرورية، فضلاً عن أن العديد من السيارات لا تتوفر فيها متطلبات السلامة والأمان، وأيضاً قيادة بعض السيارات من قبل أطفال ومراهقين، وأحياناً بسرعة مفرطة. مؤكداً أن "الحل الأمثل لتقليل حوادث الطرق هو نصب الكاميرات على كافة الطرق، مع فرض غرامات كبيرة على تجاوز السرعة، وإنشاء طرق سريعة بمواصفات عالمية، مع ضرورة إجراء الفحص الدوري للسيارات للتأكد من توفر متطلبات الأمان فيها، ومراقبة عدم قيادة المركبات من قبل الأحداث، أو بدون رخصة قيادة".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows