ليبيا تسجل تزايداً في تعاطي المخدرات
Arab
5 hours ago
share

في ظلّ تصاعد أزمة تعاطي المخدرات في ليبيا، كشفت إحصائيات حديثة صادرة عن المركز الوطني لعلاج وتأهيل المدمنين عن معالجة 430 مريضاً خلال الربع الأول من العام الجاري 2025، بدءاً من يناير/كانون الثاني وحتى مارس/آذار الماضيين، موزعين بين 30 منطقة ومدينة ليبية، وسط غياب الإحصائيات الرسمية حول حجم الإقبال على المخدرات.

وبحسب بيان المركز، فإن خدماته توزعت بين المشورة الطبية لـ 175 حالة، وإيواء وتأهيل 107 مرضى، في وقت أعلن عن تعافي 148 حالة. وتظهر الأرقام المعلنة أن فئة الشباب هي الأكثر إقبالاً على العلاج من الإدمان، وشكل المرضى دون الثلاثين عاماً 72% من الذين جرى إيواؤهم بالمركز، بواقع 17 مريضاً دون العشرين، و61 دون الثلاثين، بينما تراجعت النسبة مع تقدم العمر إلى 22 حالة دون الأربعين، و7 دون الخمسين. 
وفي ما يخصّ الوصول إلى المركز، جاءت 43 حالة طوعياً ممن قبلوا بالإيواء، و59 من المتعافين، تلتها حالات الإحالة عبر الأهل وعددها 58 مريضاً و76 متعافياً، أما عدد الإحالات إلى المركز عبر النيابات القضائية فهي 6 حالات إيواء و13 متعافياً. 
ولم تقتصر الخدمات على الجانب الطبي، بل نفذت إدارة الصحة الاجتماعية والنفسية 1063 جلسة علاجية، منها 702 جلسة فردية و71 عائلية و290 جماعية، بالإضافة إلى إجراء 418 تحليلاً مخبرياً كشفت عن 107 حالات تعاطٍ إيجابية مقابل 311 سلبية. 
وحول توزيعها على المناطق، فقد شملت 30 مدينة ليبية، مع حضور ملحوظ من غرب البلاد بـ17 مدينة، والجنوب بـ 9 مدن، والشرق بـ 4 مدن، بالإضافة إلى حالات من جنسيات أجنبية.
من جهة أخرى، أعلن جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية التابع لوزارة الداخلية عن ضبط كميات قياسية من المخدرات خلال العام الماضي 2024، بلغت 8،051،317.5 قرصاً مهلوساً، و67 زجاجة من عقار ريبوتريل، بالإضافة إلى 1.7 كيلوغرام من الهيروين، و759،59 كيلوغراماً من الكوكايين، بقيمة إجمالية تقدر بنحو 620 مليون دينار ليبي. وشهد العام ذاته تزايداً لافتاً في ضبط الكوكايين في مقابل تراجع نسب الهيروين، مع تسجيل 951 غراماً من الحشيش، و111 حالة مرتبطة بالخمور، بحسب بيان الجهاز.
وبلغ عدد المتورطين في قضايا المخدرات 2079 شخصاً، منهم 1851 ليبياً، و177 من جنسيات عربية، و51 غير عربي، في حين لم تسجل أي حالات من الإناث، وهو ما وصفه الجهاز بـ"النقطة الإيجابية" في حماية المرأة الليبية من الانخراط في هذه الجرائم، مقارنة بعام 2023، الذي شهد ضبطاً بقيمة 93 مليون دينار، و908 قضايا مخدرات، و1334 متهماً.

وتشير الأرقام إلى تصاعد غير مسبوق في حجم تجارة المخدرات وتعاطيها، ويرى الطبيب النفسي المتخصّص في علاج الإدمان فوزي والي، أن هذه الأرقام لا تعكس إلّا جزءاً من الواقع، مؤكداً أن "الكميات المضبوطة لا تمثل سوى ربع ما يهرّب أو ينتج محلياً"، مستنداً في تحليله إلى التناقض بين أعداد المقبلين على العلاج وكميات المخدرات الكبيرة التي تعلن السلطات عن ضبطها.
ويشير والي في حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى أن الاقبال على مراكز العلاج هو مؤشر على تفشي الظاهرة، معرباً عن قلقه من عدم تبني الحكومات لاستراتيجيات فعالة لمواجهة ما وصفه بـ"الخطر الداهم" الذي يهدّد مستقبل البلاد، ويربط والي بين تفاقم الأزمة والانهيار الأمني الذي تعيشه ليبيا منذ سنوات، قائلاً إنّ "الحدود المفتوحة أصبحت ممراً رئيسياً لشبكات التهريب الدولية، ما خلق سوقاً محلية واسعة للمخدرات، خاصة مع ظهور أنواع رخيصة مثل أقراص الترامادول التي تشكل الكميات الضخمة المضبوطة منها دليلاً على الإقبال الكبير عليها".
ويستعرض والي تحولات لافتة في أنماط التعاطي، قائلاً: "لم يعد الحشيش المخدر الأكثر انتشاراً كما في السابق، يليه الكوكايين والهروين، بل دخلت أنواع جديدة أقل كلفة كالأقراص المهلوسة التي تجتاح الأسواق"، ولا يقتصر الأمر على التهريب الخارجي بحسب والي، إذ يشير إلى الإقبال على إنشاء المصانع المحلية، مستشهداً في ذلك بمداهمة قوات أمنية في فبراير/شباط الماضي لمصنع للخمور في منطقة العجيلات، غرب طرابلس، وُصف بأنه الأكبر في البلاد، بالإضافة إلى مداهمة قوات الأمن مزارع لزراعة الحشيش في سبها بجنوب ليبيا على مساحات شاسعة، معتبراً أن هذه الوقائع تؤكد تحول تجارة المخدرات إلى شبكات منظمة في ظل غياب الرقابة.

ويبدي والي قلقاً حيال انخراط النساء في هذه الشبكات، قائلاً: "رغم عدم تسجيل إناث بين المتعاطين، إلّا أن الصادم هو القبض على نساء ضمن شبكات بيع المخدرات، كما أعلنت الأجهزة الأمنية في أكثر من مرة"، يضيف أن المجتمع "لم يعد بمنأى عن التأثيرات السلبية للتعاطي، فالأسر بدأت تلمس آثار الإدمان على أبنائها، ما يزيد الضغط على مراكز العلاج محدودة الإمكانيات"، مشيراً إلى أنّ المراكز الحكومية لعلاج الإدمان تعاني نقصاً حاداً في الكوادر الطبية والتجهيزات اللازمة لاستيعاب أيّ أعداد جديدة.
ويختتم والي حديثه بالتشديد على ضرورة تبني السلطات "خطة وطنية عاجلة" تجمع بين التنسيق الأمني وتعزيز الدعم المادي والبشري لمراكز العلاج، وتطوير التشريعات لفرض عقوبات رادعة على المتورّطين، بالإضافة إلى حملات توعية مكثفة تستهدف الشباب تحديداً. 

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows